الاسم رمز للإنسان يحمله منذ ولادته ويبقى معه طيلة عمره.. فهو يؤثر غالباً على شخصية من يحمله فإذا كان قبيحاً أو شاذاً ينعكس سلباً على صاحبه، فيما تنعكس الأسماء الحسنة والجميلة على شخصية أصحابها بالإيجاب، فاختيار الاسم للمولود على قدر كبير من الأهمية فالاسم القبيح يؤثر في صاحبه وفي شخصيته وفي أخلاقه فيما على العكس تجد الاسم الجميل الحسن يتباهى به من يحمله، فالاسماء لها معانيها ودلالاتها على نفسية الطفل ولها آثارها ونتائجها سواء الإيجابية أو السلبية حسب جمال الاسم أو قبحه، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم) رواه أبو داود وفي كتاب الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق) وفي الآونة الأخيرة أخذت الأسر وخصوصاً الإناث في التسابق والتباهي لتسمية الابن أو البنت باسم جديد لم يسبقهم عليه الآخرون بحجة التميز.. وفيما يلي يكون حديثنا عن الموضوع في جملة من الآراء. التفاؤل بالأسماء يقول فضيلة الشيخ فهد بن سليمان التويجري مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة إن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم اختيار الاسم الحسن فهو القائل فيما ثبت عنه (خير الأسماء عبدالله وعبدالرحمن وأصدقها حارث وهمام) وأما حديث (خير الأسماء ما حمّد وعبّد) فلا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن التسمي بأسماء الأنبياء والصالحين أمر مشروع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانوا يتسموا بأسماء أنبيائهم وصالحيهم) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل بالاسم الحسن ففي صلح الحديبية لمّا جاء رجل من المشركين وكان اسمه سهيل قال صلى الله عليه وسلم: (سهل أمركم).. ويوضح الشيخ التويجري أن الاسم يؤثر في المسمى ففي الغالب إنه إذا تسمى باسم يدل على الشجاعة أو الكرم أو العلم أو نحو ذلك من الصفات الحميدة أحب هذا الأمر ولو لم يكن كذلك لكن تجده يميل إلى هذا الأمر ويحبه وتشبه به وهكذا، فمن حق الولد على أبيه أن يختار له الاسم الحسن، والتسمية حث للأب لأنه سينسب إليه وعن أحقية التسمية قال إنها للأب لأنه سينسب إليه وليست حقاً للأم فإن تنازعا في التسمية فهي للأب قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} سورة الأحزاب (5).. والأفضل في ذلك أن يكون بينهما صلح على شيء معين في التسمية، وشدد على أن يتق الأب الله في أولاده وأن يختار لهم الأسماء الحسنة التي لها دلالات جميلة فإن هذا مما يورث زيادة المحبة بين الأب وأولاده وزيادة البر منهم لأبيهم.. ويضيف: كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغير بعض الأسماء التي تحمل معاني غير صحيحة أو تحمل تشاؤماً ونحو ذلك، فغير اسم صعب إلى سهل وبره إلى بريرة، فيُشرع للإنسان إذا كان قد أسماه والده اسماً غير مشروع أن يغيره ولا يعتبر هذا من العقوق، والأسماء منها ما هو محرم ومنها ما هو مكروه ومنها ما هو جائز فالمحرم من أن يعبده لغير الله كعبد الكعبة ونحو ذلك والمكروه الذي يحمل تزكية أو تشاؤماً كصخر أو حرب. المجتمع يحدد الأسماء من جهته يقول الكاتب والإعلامي الأستاذ محمد أبو حمراء - له إصدارات في الأسماء وغيرها - إن المجتمع هو الذي يحكم تحديد المسمى للمولود الجديد، وهذا شيء مشاهد ومعروف على مر العصور البشرية، ولعل الملاحظ للأسماء العربية القديمة سواء في الجاهلية أو عصر الدولة الإسلامية يجد قربها من البيئة ذاتها، أي من مظاهر البيئة الطبيعية نفسها، فهذا أسد وليث وعبادة وغير ذلك من الأسماء التي تعطي انطباعاً عن ثقافة المجتمع ذاته، وإذا نظرت إلى أسماء القرشيين بالذات في مكةالمكرمة قبل الإسلام فسوف تجدها بعيدة عن مسميات الظواهر الطبيعية التي يسمي بها غيرهم من العرب، بل تجد هاشماً وعبد مناف وعمر و... إلخ من الأسماء التي تدل على الرفعة والأنفة التي كانت للقرشيين في مكة، وكلما ابتعدت عن المدن المتحضرة تبرز الظواهر الطبيعية وما تحتويه من أسماء، فهناك أسد وطي وخوذة.. إلخ، وبعد انتشار الأسماء ذهب الناس إلى ما حمّد وعبّد من الأسماء، فتجد محمداً وأحمد وعبدالله وعبدالرحمن.. إلخ، وبعد أن انتشرت الظلمة التاريخية وانعزل الناس في جزيرة العرب وانتشر بينهم الجهل، جاءت أسماؤهم التي تدل على العنف والشدة والقوة فهذا جبار وذاك كسار وذاك ضرّاب وغيره من الأسماء الحركية في دائرة العنف المسيطر عليهم، وبعد أن استقر الفكر لدى الناس عادوا إلى الأسماء الإسلامية الأصيلة وهي ما سبق ذكره وعندما بدأ التخثر الفكري جاءت أسماء جديدة موافقة لمرحلة اللا تمييز في حياة الناس، فجاءت أسماء لم تكن من البيئة نفسها، مثل نهاد وعماد ووسن ولينا... إلخ، وربما جاءت أسماء مع مرحلة الخواء الفكري التي صاحبت سلب العربي الكثير من قناعاته وممارساته، ومن هنا فإن المجتمع هو الذي يحدد الاسم، غير أن هناك قناعات للبعض لا يزال مستمسكاً بها، فتجد عندهم إحياء اسم الأب فيسمون عليه مهما كانت القناعة وهذا يضع الشخص في متاهة واسعة، لأنه من أبيه إبراهيم سوف يسمي عليه ويستمر إبراهيم عبدالله إبراهيم عبدالله.. إلخ. والمحصلة هي إن هناك في مجتمعنا في السنوات العشر الأخيرة بالذات مواليد سمو بأسماء لا نعرفها بل كنا نتندر بها. إجراءات تغيير الاسم وحول إجراءات تغيير الأسماء لدى إدارات الحوال المدنية أوضح أحد المسؤولين في الأحوال المدنية بمحافظة المجمعة أن هناك تعليمات ميسرة لمن يتقدم بطلب تغيير الاسم الأول غير اللائق من الناحية الشرعية أو الاجتماعية، وكذلك لتغيير أسماء الأبناء القصر (من هم دون سن الخامسة عشرة) إذا كان هناك ما يستدعي تغييره.. كما أن هناك فتاوى شرعية للأسماء غير الجائزة أو المحرمة لدى جميع إدارات الأحوال كي يطلع عليها أولياء المور وبمتابعة ما نشر في الجريدة الرسمية (أم القرى) على مدى ثلاثة أشهر ماضية خرجنا في هذا التحقيق ببعض الأسماء التي تمت الموافقة على تغييرها من قبل العديد من إدارات الأحوال بالمملكة.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أسماء الإناث قبل التغيير بعد التغيير دامسة ندى فوطة نوال غرسة وفاء مشنية المها دباه مشاعل وحش ريم ملهية مها شوعية أمل مكيدة نورة لغوى وفاء أسماء الذكور قبل التغيير بعد التغيير براز عبدالعزيز شوعي داوود حنش صالح طريخان سلطان رشاش رشاد مخرّب عبدالرحمن بدوي بدر سودان علي عوير عمير خشمان عبدالرحمن دواعي التغيير وحول الأسباب التي تؤدي إلى تغيير الاسم ذكر أحد الشباب أنه غير اسمه الشهر الماضي من (نشا) إلى (فيصل) من أجل أبنائه في المستقبل وحتى يكون اسم والدهم متواكباً مع جيل أبنائه وألا يكون غريباً أو قديماً، ويضيف أن اسمه القديم لم يكن شاذاً أو محرماً بل كان عند الأجيال السابقة اسماً جميلاً لكنه لا يتناسب مع الجيل الحالي فهو متراكب مع كبير السن أكثر في اعتقادي. كما ذكر (خالد) ويبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً إنه غيّر اسمه مؤخراً بعد أن كان في السابق (نمر) معللاً أنه قديم ولا يتناسب مع عمره ويواجه منه إحراجاً كبيراً عند مناداته به. ويقول الشاب (تركي): غيرت اسمي قبل حوالي أسبوعين فقط بسبب أن اسمي القديم لم يعجبني وأحببت أن أغيره لمجرد التغيير فقط، وكان اسمه السابق (مطر). فيما يقول (الحميدي) إنه تقدّم قبل ثلاثة أشهر لإحدى إدارات الأحوال طالباً تغيير اسمه لكن ذلك لم يتم بسبب أن المعاملة أخذت وقتاً طويلاً كما يقول مما حدا به إلى التراجع عن الفكرة تماماً بعد أن علم أن هذا الإجراء سيتبعه إجراءات أخرى لتغيير اسمه في شهاداته التعليمية. تقول أم أحمد (لديها 4 أبناء) نتفق أنا وزوجي دائماً على تسمية أبنائنا ونبحث مطولاً عن أسماء قديمة وجميلة وخاصة للأولاد لأن الأسماء القديمة فيها رجولة أكثر حيث اتفقنا على جميع الأسماء ما عدا اسم الابن الأصغر فكان اسمه من الأسماء الجديدة وبصراحة لم يعجبني لا أنا ولا زوجي فقد سمي بضغوط من والد زوجي ومازلنا غير مقتنعين بالاسم وخاصة إنه لولد، وتضيف أم أحمد نحرص ألا تكون الأسماء مكررة لكن أيضاً كنت أنا وزوجي حريصين على اختيار أسماء جميلة في النطق والمضمون وفي هذه الأيام نسمع أسماء بعيدة كل البعد وغريبة عن مجتمعنا وديننا.. وعللت أم أحمد انجراف بعض الأسر وراء اختيار الأسماء الغريبة وذلك لمتابعتهم للقنوات الفضائية ومتابعتهم لأهل الفن والرقص فيعجبون بهم ويسمون أبناءهم وبناتهم بأسمائهم للأسف، وتضيف أم أحمد: كلمة أخيرة أود أن أقولها وهي يجب أن نحرص على اختيار أسماء لائقة وذات معانٍ جيملة ولا تكون مكروهة من ناحية الدين أو المجتمع، فيما أم غازي ولها خمسة أبناء تقول: أنا وزوجي متفقين بأن يختار هو أسماء الأولاد ويدع لي أسماء البنات وعن سؤالها هل تفضلين الأسماء الجديدة والغريبة أم القديمة؟ أجابت أفضل الأسماء التي يكون لها معنى جميل ونلجأ أنا وزوجي إلى كتب الأسماء ومعانيها لنختار اسماً جميلاً في اللفظ والمعنى. أم عبدالعزيز (أم لطفل واحد) تقول: إن تسميته كانت من اختيار زوجها لأنه حرص أن يكون اسم أول مولود ذكر باسم والده وتضيف بقولها اتفقت مع زوجي أن يكون الولد الأول فقط على اسم والده، لكن في المستقبل إن شاء الله سنختار أسماء جديدة ليست موجودة بالعائلة وليست بالضرورة أن تكون غريبة أو غربية لأنها لا تستهويني. أما أم روز (ولديها ثلاثة أبناء) فتقول: تسمية أبنائي تمت باختياري أنا وزوجي بمشاركة الأهل، مع التركيز على الجديد والغريب الذي لا يكون متداولاً في مجتمعنا لكي أكون متميزة حتى ولو كان غربياً لكن له معنى جميلاً مثل روز.