لم يدرك الشاعر اللبناني منصور الرحباني حين كتب القصيدة التي قال فيها «أسامينا.. شو تعبوا أهالينا تلقوها.. شو افتكروا فينا»، وصدحت بها جارة القمر فيروز، أن هناك من سيخالف تلك الفكرة، وسيسعى لتغيير الأسماء التي أطلقها عليهم أهاليهم، بدعوى أنها لا تناسب العصر الحديث، إذ يرفض الكثير من الشباب التسمية بالأجداد ويجاهد الكثير منهم في تبديلها بشتى الطرق والمحاولات مع انتهاء حياة من تسموا بهم، أو تهرم كمن هرم من الآباء والأجداد ليتراجع «عاتق» عن اسمه الأول الذي سمي به إلى ريان وتطالب «مدينة» بتغيير اسمها إلى «مروج» وتترك «أم رمايل» البيت لإصرار زوجها على تسمية ابنته باسم والدته «منيرة». بينما تعتبر «علياء» أختها الكبرى فائزة الصدر الحنون وصاحبة المواقف الجميلة، ففكرت أن تسمي الجنين الذي تحمله باسمها» فائزة» ولكنه كان صبيا فاعترافاً بفضلها أصرت على ان تسمي فائزة المولود بنفسها، فكان ذلك واسمته على اسم والد زوجها «سلمان». ودون علم أسرته اضطر «أحمد» إلى استبدال اسمه من «معيش» إلى «احمد» حيث ان الاسم الاول هو اسم جده لوالده الذي اصر والده على تسميته بهذا الاسم إكراماً لوالده واتباعا للعادة المتبعة بتسمية الابن البكر باسم جده. وتصر «حسينة» على تسمية حفيدتها على اسمها حتى تفاخر بذلك بين صديقاتها وتقطع السبيل على زوجة ابنها بأن تطلق اسم والدتها على حفيدتها ونشب بينهما خلاف على ذلك استمر شهورا عدة حيث كان المخرج من هذه المشكلة هو تسمية الطفلة «حسن». ودائما ما يحاول البعض رد الجميل لمن أسدى له خدمة بأن يطلق اسمه على مولوده أو مولودته مثل حارس إحدى المدارس الذي سمى ابنته مارية تيمناً بمديرة المدرسة التي يرى فيها وزوجته اليد التي انتشلتهم من الفقر بمساعدتهم في الحصول على الوظيفة داخل المدرسة وتوفير مسكن مناسب وكذلك تعاملها الإنساني معهم. إلى ذلك، بينت الأخصائية النفسية سوزان شال واله أن الكثير من الأسر تحرص على اختيار الأسماء الحديثة والمميزة والتي تتوافق مع عامة الأسماء الدارجة والجميلة المعنى والنطق وهذا عادة لا يؤثر على أصحابها بل قد يكون ذا تأثير إيجابي لعشاق التميز والانفراد وعلى النقيض تماما من يكون ضحية تعنت الآباء والأجداد في التمسك ببعض الأسماء القديمة جدا والجامدة والتي تحمل معاني مضحكة أو غريبة أو ذات نطق غير مقبول لدى الكثير. وتؤكد شال واله على مراعاة تأثير الاسم على نفسية الشخص، مشيرة إلى أن بعضا منهم يصبح في قلق مستديم خوفا من مناداته باسمه امام جمع كبير مما قد يضطره للعزلة لذلك لابد من فهم الاسماء ومعانيها ومدلولاتها قبل التسمية بها. وتقول الأخصائية الاجتماعية حفصة شعيب: في السابق كانت تسمية الأبناء بأسماء الأجداد تكريما لهم كما ان بعض أسماء الأجداد التي يسمى بها الأحفاد لا تبدو غريبة وتصلح لكل زمان وتتوافق مع الأذواق وهذا لا بأس به بينما عندما تكون الأسماء غريبة أو قديمة جدا فالمفروض من الأبوين وكذلك الأبناء عدم الإصرار على هذه الأسماء لما فيها من ضرر على الطفل إذ يعتبر اختيار الاسم المناسب حقا من حقوق الابناء على الآباء. وأفادت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسمى ببعض الأسماء فقد جاءه رجل فقل صلى الله عليه وسلم (ما اسمك؟ قال: غاوي بن ظالم. قال صلى الله عليه وسلم بل راشد بن مقسط)، وقال صلى الله عليه وسلم (أحسنوا أسماءكم وأسماء أبنائكم فإنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء أبنائكم).