طالعت ما كتبه الأخ محمد آل الشيخ في عدد الجزيرة (12192) تحت عنوان (التحريض وتدخل الدولة).. وقد أثنى الكاتب على قرار وزارة الشؤون الإسلامية بإحالة المخالفين لتعليماتها وضوابطها من الخطباء والوعاظ والدعاة غير المصرح لهم إلى القضاء، وإن ذلك قرار مطلوب ومتوازن... إلى آخر ما ذكر - وفقه الله -.لذا أقول : 1 - إن الخطباء والوعاظ والدعاة وغيرهم ممن ينتسبون للعمل الدعوي - إنهم - كغيرهم من أصحاب الوظائف والمناصب والأعمال قد يجتهدون ويخطئون كما يخطئ الطبيب أو رجل الشرطة أو المرور أو الموظف في أي دائرة حكومية، لذا فقرار الوزارة بتشكيل لجنة أو لجان لمتابعة الخطباء والأئمة وتقييم أدائهم وطرحهم أمر لا غرابة فيه إذ هو من تقويم العمل الدعوي والارتقاء بالأئمة والخطباء ونحوهم للأفضل كذلك مساءلة ومحاسبة من يجتهد فيخطئ أو يقول بلا علم أمر لا عجب منه فهو من (التعاون على البر والتقوى) ومن باب (الدين النصيحة) و(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) ولو لزم الأمر - عند إصرار الشخص على خطئه - لرفع أمره للقضاء. ولا أرى ما يدعو الكاتب - سامحه الله - أن يطلق بعض الأوصاف والمصطلحات التي لا تليق كقوله (وأصحاب الأجندات الخاصة) وقوله (منع المندسين من التذرع بها - أي الدعوة -) (لتمرير غاياتهم وأهدافهم وأجندتهم السياسية) فهذه المصطلحات لم ترد في قرار الوزارة ولا في تصريح وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الذي أشار إليه الكاتب. 2 - ذكر أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - له رأي صريح وقاطع في أحقية (ولاة الأمر) بمنع الخطباء (الانتهازيين)! - هذه من الكاتب وليست من سماحة الشيخ - من المنابر متى ما وجد ولي الأمر - حسب تقديره - أن في أقوال وآراء هذا الخطيب أو ذلك الداعية على العباد والبلاد ما لا تحمد عقباه... الخ. قلت: لا شك أن آراء سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - صريحة وقاطعة في كل ما يدين الله به وهذا من أسباب قبول آرائه وفتاواه لدى الخاصة والعامة بل في جميع بلاد المسلمين رغم وجود فئة من أبنائنا بدأوا يستهجنون بعض فتاواه ويتعقبونها بالنقد بعد وفاته؟؟ وإنني أدعو الكاتب الأخ محمد إلى تتبع أقوال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وتوجيهاته للكتّاب ليفيد بها زملاء المهنة على صفحات الجزيرة من خلال منبره (شيء من) فقد كان سماحة الشيخ فيها صريحاً ورفيقاً ومن ذلك قوله (نشرت بعض الصحف لبعض الكتّاب والكاتبات كلمات لا تهدف إلى صالح المجتمع بل تضره وتفضي به إلى أسوأ العواقب. وقد يكون ذلك الكاتب وتلك الكاتبة لا يشعران بمدى خطورة ما كتبا ولا يعلمان عظيم جنايتهما على المجتمع الإسلامي الذي يعيشان فيه.. إلى أن قال وكان الواجب على كتّابنا من الرجال والنساء أن يتحروا الحق فيما يكتبون وأن يَزِنوا كلماتهم وأهدافهم بالميزان الذي لا يجور وهو ميزان الشريعة الإسلامية الكاملة المعروف من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ..) مجموع فتاوى ومقالات سماحته ج4. وفي توجيه آخر لكاتب اتهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالغلو قال سماحته: (وقد رأيت أن انبه في هذه الكلمة على ما وقع في مقاله من الأخطاء ذات الأهمية نصحاً له ولسائر الأمة ودفاعاً عن الإخوان (رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فيما نعلم براءتهم منه وتحريضاً له ولغيره من الكتّاب على التثبت في القول ولزوم الاعتدال في الحكم والحذر من سوء الظن الذي لا ينبني على أساس مستقيم).. إلى أن قال سماحته: (ولو فرضنا أنه وقع من بعضهم خطأ أو تشديد في غير محله فليسوا معصومين، والواجب تنبيههم وإرشادهم إلى ما قد يقع منهم من الخطأ حتى يحذروه مستقبلاً، وكان الواجب على الكاتب حين بلغه عنهم ما يعتقده خلاف الشرع أن يتصل بأعيانهم مشافهة أو كتابة ويناصحهم فيما أخذ عليهم أو يتصل بالمفتي أو رئيس الهيئات ويبدي ما لديه حولهم من النقد حتى يوجههم المشايخ إلى الطريق السوء). فتاوى ومقالات متنوعة لسماحته ج3. فما أحوجنا إلى هذه التوجيهات والآراء السديدة والصريحة (كما ذكر الكاتب - وفقه الله -) من سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله. ختاماً: شكري لصحيفة الجزيرة ولقارئها وللأخ محمد آل الشيخ على قبول هذا التوضيح وأسأل الله لنا وله السداد في القول العمل والله الموفق.