يواجه المسلمون في أوروبا الشرقية تحديات ومشكلات كثيرة، ومن أبرز تلك المشكلات مشكلة الجهل بالإسلام لدى الكثيرين من أبناء تلك الدول، وتعد تلك المشكلة من كبرى المشاكل، والهاجس الكبير لدى الغيورين من أبناء الأمة في تلك المنطقة. الجزيرة طرحت القضية على عدد من قيادات العمل الإسلامي في أوروبا الشرقية، وبعض الشخصيات المعنية بشؤون المسلمين في العالم وفيما يلي نص أحاديثهم، والحلول التي يقترحونها لمعالجة الوضع الإعلام السلبي!! يقول مفتي هنغاريا الشيخ سلطان بولك,, إن الجهل بالإسلام في أوروبا الشرقية اسبابه الإعلام السلبي، وعدم مواجهته بإعلام صحيح وإن سبل المعالجة لهذه المشكلة هي تكثيف المطبوعات والمنشورات والكتب التي تبرز الوجه الحقيقي للإسلام، وفتح علاقات اجتماعية مع الصحافة وخاصة الذين لا ينتمون لصف الأعداء وتدعيم موقفهم كي تنمو فيهم الشجاعة لأخذ موقف إيجابي. ترجمة الكتب وعمل دورات! أما مفتي بلغاريا الشيخ مصطفى عليش فيحدد عدة نقاط لمعالجة مشكلة الجهل بالإسلام في أوروبا الشرقية ويتمثل في : إرسال الطلاب إلى خارج بلغاريا لدراسة الشريعة، إقامة الدورات لتأهيل الأئمة، وترجمة وطباعة الكتب الإسلامية،وإقامة الدورات والمخيمات لشباب وشابات المسلمين. المعالجة بالعلم! ويؤكد مفتي رومانيا الشيخ عثمان نجاة ان معالجة المشكة الكبيرة تكمن في العلم، وأهم هذه الأمور ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج،وكفالة الدعاة، ونشر الكلمة السوية بالوسائل المختلفة (المقروءة، والمسموعة، والمرئية)، مشيراً إلى أن القانون في رومانيا يسمح بتدريس الدين الإسلامي في المدارس للطلبة المسلمين،ويوجد مدرسة من ضمن اختصاصاتها تخريج الأئمة (مدرسة دوبروجا) ولكن هذا الأمر يحتاج إلى مضاعفة الجهود من كافة المؤسسات والحكومات الإسلامية. كبرى المشكلات ! أما الدكتور فلاح مصالحة رئيس الجمعية الإسلامية في المجر,, فقال: إن هذه المشكلة الكبيرة هي كبرى المشكلات التي تواجه المسلمين في بلدان الأقليات الإسلامية (أوروبا الشرقية) وخاصة الجيل الحالي حيث ان الامكانات ضعيفة للغاية رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، إلا أن الحاجة كبيرة جداً وتتطلب جهوداً مضاعفة من قبل المؤسسات الإسلامية ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والأزهر الشريف، ووزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي وغير ذلك من المؤسسات والمجالس الإسلامية كل جهة تقدم قدر استطاعتها من كتب مترجمة،ومصاحف،وإقامة دورات مستمرة، وإيفاد معلمين ودعاة إضافة إلى أهمية تأهيل الموجودين ووضع مظلة إسلامية عظيمة في تلك القارة حتى تكون مرجعاً لهم فيما يتعلق بالشؤون الشرعية. مسخ الهوية الإسلامية! ويفند وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد الأستاذ / توفيق بن عبد العزيز السديري الأسباب الرئيسة وراء تلك المشكلة الكبرى وذلك على النحو التالي: 1 الستار الحديدي الذي عاشت خلفه دول أوروبا الشرقية أثناء حقبة الحكم الشيوعي مما أدى إلى انقطاع المسلمين هناك عن إخوانهم في أرجاء العالم انقطاعاً حسياً ومعنوياً. 2 السياسات التي مورست من قبل الحكومات الشيوعية لمسخ الهوية الإسلامية للمسلمين هناك. 3 محاولة بعض الفرق والطوائف المنحرفة نشر أفكارها ومبادئها بين المسلمين هناك بعد الانعتاق من الحكم الشيوعي، وتقديم هذه الأفكار والمبادئ على أنها الإسلام. وللعلاج المناسب لمشكلة جهل المسلمين في أوروبا الشرقية,, قال الأستاذ/ توفيق السديري انه لابد من التخطيط لتحقيق عدة أمور منها: 1 الاهتمام بتأسيس المدارس الإسلامية ذات المنهج الإسلامي الصحيح. 2 تنظيم زيارات لعلماء الأمة للقاء أبناء المسلمين هناك. 3 تخصيص منح دراسية لأبناء تلك الدول في الجامعات الإسلامية ليعودوا دعاة ومعلمين في أوطانهم. 4 الاهتمام بنشر وتوزيع ترجمات معاني القرآن الكريم والكتب الشرعية في أوساط المسلمين هناك. 5 تأهيل دعاة من أبناء المسلمين هناك للعمل في بلدانهم 6 كسب طبقة المثقفين والإعلاميين والساسة في تلك الدول ومحاولة التأثير عليهم بطرق غير مباشرة لتصحيح مفاهيمهم عن الإسلام عن طريق المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش ودعوتهم لزيارة البلاد الإسلامية، والإلتقاء بعلماء المسلمين. وعن دور المؤسسات والهيئات الإسلامية الكبرى أكد السديري,, ان للمؤسسات والهيئات الإسلامية الكبرى دورا كبيرا في تحقيق هذه الأمور وبالتالي علاج هذه المشكلة ولا يتأتى ذلك إلا بالتخطيط السليم المبني على أسس علمية ودراسة واقعية رصينة لوضع برامج ذات طابع مرحلي تحدد فيه الأولويات وآليات التنفيذ وبالطبع مع توفر النية الصادقة والحس الدعوي والاحتساب. المسلمون معذورون!! أما معالي الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة الأستاذ/ كامل الشريف فيقول: إن المسلمين معذورون اذا تناقض وعيهم بالإسلام، وضعف علمهم بحقائقه، ذلك أن الحقبة الشيوعية كانت من الشدة والقسوة بحيث غيرت عقائد الناس ومسحت شخصيتهم الدينية والوطنية وأخضعتهم إلى فلسفة مادية إلحادية بكل الوسائل الشيطانية التي لمن تكن معروفة قبل ذلك العهد الأسود، ويجب ألا ننسى أن الالحاد كان يدرس كمادة أساسية في المدارس كما تفتق عنه ذهن فيورباغ،وماركس، وأنجلز، وغيرهم من فلاسفة المدرسة الإلحادية، وكانت العقائد الدينية تعامل بمزيج من السخرية والإرهاب انطلاقاً من أقوال كارل ماركس نفسه حين قال: ان الدين أفيون الشعوب وقد أوصى لينين بتجاهل الدين جملة وتفصيلاً وشبهه في إحدى كلماته بأنه كشجرة الصحراء تموت وحدها إذا أهملها الناس ولم يتعهدوها بالسقاية! وهذا التعبير صادق في حد ذاته وان كان قد استخدم لغاية وضيعة، فالدين كأي فكرة اذا لم تسق شجرته بالعلم والمعرفة والحث الدائم فإنه يضعف وتغلبه الخرافات والأساطير وهذا ما حدث للمسلمين في أوروبا الشرقية حين حكمتها هذه العصابات ، وجربوا فيها كل وسائل التجهيل والتحريف. التصرف بحماقة وجهالة! ويمضي الشريف في حديثه مؤكداً ان فلاسفة الشيوعية قد تصرفوا بحماقة وجهالة في نظرتهم للإسلام بالتحديد، فقد نسوا ان في الإسلام قوة خفية وسحراً غامضاً، وأنه يغوص في اعماق الأمة الإسلامية ولا يموت أبداً، وانه فعلا كنبات الصحراء الذي تجف أوراقه وأزهاره مع قيظ الصحراء ولكن جذوره تبقى حية في التربة تنتظر زخات المطر أو الندى لتعاود الظهور والإيراق من جديد، وخذ ما حدث بالفعل، ولا أنسى ما ذكره لي شخصياً وزير الشؤون الدينية في الاتحاد السوفياتي في عهد غورباتشوف والبروستريكا، حين بدأت الشيوعية تلفظ أنفاسها، قال لي الوزير إنهم ذهلوا حين عرفوا عدد المدارس القرآنية السرية التي كانت نشطة في الاتحاد السوفياتي رغم رقابة الدولة وسطوة المخابرات والبوليس، وانها انكشفت مرة واحدة عند ظهور أول اشعاعات الحرية ، وهذا يدل دلالة واضحة على أنه دين من عند الله وفيه قوة الحق، وصلابة الإيمان، أو كما يقول المستشرق المشهور برنارد لويس، وهو ليس صديقاً للإسلام قال : إن الإسلام كالماء يأخذ شكل ولون الإناء الذي يدخله دون أن تتغير عناصره، ولذلك فإنني لا ألوم المسلمين على جهلهم بالإسلام ولكن على العكس أشيد بهم واثني عليهم لأنهم حافظوا على جذور الإسلام وبذوره رغم كل الظروف حتىجاء أوان الانفراج وإذا كانوا لا يزالون اليوم يعانون من بقايا الجهل الذي خلفه العهد المظلم، فإن الذنب ليس ذنبهم ولكن ذنب المسلمين حكومات وشعوباً الذين لم يغتنموا الفرصة ويندفعوا لمساعدتهم بكل ما يستطيعون. تكاتف المؤسسات الإسلامية ويرى معالي الاستاذ كامل الشريف انه من الواجب على المنظمات الإسلامية الكبيرة أن تتكاتف وتنسق فيما بينها، ،خصوصا الأزهر الشريف، ورابطة العالم الإسلامي، والهيئة الخيرية الإسلامية بالكويت، والندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها، ومع ان هذه المنظمات وزميلاتها قد بذلت جهوداً كبيرة حتى الآن، ولكن المطلوب لايزال أكثر من هذه الطاقات، والمأمول ان ينبري أهل الخير والثراء من المسلمين، وان يدخلوا ساحة العمل بقوة وسخاء، وان يدعموا هذه المنظمات وغيرها حتى تؤدي الواجب وتعوض هؤلاء الأخوة ما فاتهم عبر عشرات السنين، ولاشك أن من الضروري الاستفادة من السياسة الجيدة التي تمارسها المملكة العربية السعودية، وصلات الصداقة التي يربطها بالعديد من هذه الدول، حتى تدعم هذه الانشطة، وتعين المسلمين على المحافظة على دينهم، واسترداد شخصيتهم الإسلامية، وهذه أبسط الحقوق التي تمنحها الانظمة التي تعلن لواء الحرية وكرامة الإنسان.