عندما كنت في فرنسا، قبل أسبوعين، تقدم الرئيس الفرنسي ساركوزي بمشروع بمنع النقاب الإسلامي في الأماكن العامة في فرنسا، أي أنه لا يمكن لأية امرأة مسلمة أن ترتدي النقاب، وتمشي في شوارع فرنسا، وقبل سنوات نعرف جميعا أن فرنسا منعت الحجاب، وليس النقاب، في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية!!. وبعد أن رضخ المسلمون هناك وفي جميع أنحاء العالم للمطلب الأول، وهو منع الحجاب في فرنسا، رفعتْ فرنسا من وتيرة مطالبها، وأخذت تصدر القانون تلو الآخر، لمنع لكل ما يستر المرأة المسلمة في فرنسا!!.. ولا أدري هل يتذكر المسلمون أو (لا يتذكرون ) زيارة الرئيس ساركوزي لمصر قبل سنتين تقريبا، ومقابلته الشهيرة مع فضيلة إمام الأزهر الشيخ طنطاوي، حيث استشاره الرئيس الفرنسي في منع الحجاب في فرنسا، فوافقه فضيلته، على طلبه، بأن هذا أمر سيادي فرنسي، ولفرنسا أن تعمل ما تريد!!. ولم يدافع رحمه الله حينها عن حقوق المرأة المسلمة في فرنسا!!. وبتنازله هذا، ظهرت الخطوة الجريئة الثانية بمنع النقاب في فرنسا.!. ولا أدري بعد منع الحجاب والنقاب ماذا سيقرر الفرنسيون منعه على المسلمين المقيمين فيها والمسافرين إليها، ولمعلومية القارئ بأن 90% من المنقبات في فرنسا، هن من الفرنسيات ذات الأصول الفرنسية، ولسن من المهاجرات القادمات من دول شمال أفريقيا!!. وبما أن الأزهر الشريف أعطى الضوء الأخضر لغير المسلمين على منع الحجاب الإسلامي في المدارس والجامعات الفرنسية، وكذلك سابقته الشهيرة (أي الأزهر) بقرار من أعلى سلطة فيه، بمنع النقاب في المدارس والمعاهد الأزهرية، وظهور الشيخ طنطاوي رحمه الله في وسائل الإعلام المختلفة، يعلن قراره هذا، بعد زيارته الشهيرة لفصل من فصول المعاهد الأزهرية، حيث شاهد فتاة منقبة، فمنعها من ارتداء النقاب، ثم أصدر قراره الشهير، الذي عارضه فيه كبار علماء مصر والعالم الإسلامي، أقول إذا كان هذا واقعنا الإسلامي، فمن باب أولى أن تتخذ بلجيكاوفرنسا وغيرها من الدول الأوربية القرارات التي تريدها ضد المسلمين!. وإنني أتساءل أين شعارات الحرية الدينية والحرية الشخصية وحقوق الإنسان، وأين مبادئ حرية الرأي والتعبير والإعلام وووو. التي ترفع شعارها الدول الغربية؟!. ولماذا يضيق الحال بهذه الدول عندما يمارس المسلمون ديانتهم ويطبقون تعاليمها، من ارتداء حجاب ونقاب وغير ذلك؟؟!. لماذا يقفون ضدهم، ولماذا يشعرون بالخوف من هذا الدين؟!. لماذا المستهدف الوحيد لديهم هو الإسلام؟!. نحن نعلم في الحقيقة بأن أوروبا لم تقتصر على منع الحجاب أو النقاب، فقد سبق ذلك إساءات وإساءات أكبر من ذلك، ألا وهي الإساءة المشينة لنبينا وحبيبنا نبي الإسلام، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد صوَّرُوه بأبشع الصور، وأنتجوا في ذلك أفلاما مسيئة متردية، تسيء للإسلام والمسلمين، وتسيء لنبي الإسلام ولكتابه المقدس، القرآن الكريم!... ومع كل ذلك يبقى العالم الإسلامي متقوقعا، يندد ويشجب، إلا ما رحم ربي!. ثم يظهر عندنا وفي مجتمعنا من يفتي في أمور قد لا يحيط بكل جوانبها، مما دعا سماحة مفتى المملكة، أن يرد على صاحبها، ومنها عدم وجوب الصلاة جماعة في المساجد!!. إن هذه الأمور التي تحدث في بلاد المسلمين من فتاوى الأزهر أو بعض علمائنا أو غيرهم في الدول الإسلامية، هذه الأمور ينتظرها الغرب، ويتلقفها ويستند إليها ، ويجعلها مادة دسمة ومرجعية له لاتخاذ قراراته؟!. وإن كان هو في غير حاجة إليها، لكنها تعتبر مادة مساعدة له!!. وخلال تواجدي في فرنسا قبل أسبوعين، ركبت مع سائق تاكسي فرنسي، من أصول جزائرية، ودار الحديث بيني وبينه حول منع النقاب في فرنسا، فقال لي سائق التاكسي: المشكلة يا سيدي ليست في النقاب أو الحجاب، المشكلة أن فرنسا وأوروبا ترتعش خائفة من انتشار الإسلام فيها، فالإسلام يغزو أوروبا ويغزو العائلات الأوروبية، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، جاهلها ومتعلمها؟؟!. إن المسلمين في فرنسا، والذين يعيشون فيها كفرنسيين ويحملون الجنسية الفرنسية في ازدياد كبير، فنسبة المواليد لدى المسلمين أعلى بكثير، بل هي أضعاف نسبة المواليد في الأوربيين!!. إن أوروبا تشيخ وتكبر، بينما المسلمون ينمون ويزدهرون!!. فالخوف هنا من أن تصبح أوروبا مسلمة في نهاية هذا القرن، ومنع الحجاب والنقاب إنما هي مواد (تطفيشية) الهدف منها إبعاد المسلمين عن أوروبا، ولكننا يا سيدي وُلِدنا هنا، هذا وطننا، وطني فرنسا وليس الجزائر، أو المغرب أو تونس، صحيح أن أجدادنا جاؤوا من شمال أفريقيا، ولكن نحن ولدنا في فرنسا، فنحن فرنسيون مسلمون، نتمسك بإسلامنا، وسننشره في أبنائنا ومعارفنا، وكل من يرغب، فديننا دين تسامح، دين سلام، ويجب أن تدرك أوروبا ذلك، يجب أن تدرك بأننا أناس مسالمون، ليس لنا أية طموحات غير سوية، نحن لسنا إرهابيين كما يصوروننا في إعلامهم. نحن سنعمل على نشر دعوة الإسلام ودعوة السلام ونشر التسامح والمحبة للغير واحترام الآخر في المجتمع الفرنسي!!. وحقيقة لقد وقفت متسمرا وأنا أستمع للشاب سائق التاكسي، وكأنني أستمع إلى بروفيسور جامعي، ودعوت له بأن يحقق الله أمنياته، وأن يمكنه هو ومن يعيشون في أوروبا لتغيير العقلية الغربية بنشر التسامح والمحبة وجميع المبادئ الإسلامية السمحة في أوروبا. كما آمل أن تتقبل فرنسا وأوروبا الجالية المسلمة كما وصفها هذا الشاب... وفي نهاية الحديث قال لي صاحب التاكسي: أرجوك أن تبلغ سلامي وتحياتي لخادم الحرمين الشريفين فأنا معجب به جدا.كما أطلب أن تدعو لي في المسجد الحرام بأن يكتب لي الله الحج بصحبة زوجتي وأبنائي الثلاثة. علما أنه في الثامنة والثلاثين من العمر. أسال الله أن يحقق له سؤله وأن يكتب له الحج إن شاء الله.... وحتى نلتقي مع ذكريات أخرى، أتمنى لجميع القراء الخير ..........ويا أمان الخائفين ........... أخي الحبيب الأستاذ أحمد حلبي ... أشكرك على ملاحظاتك القيمة والتي تضمنها مقالكم حول انتخابات الطوافة، وهي أولا وأخيرا اجتهادات وتلاقح أفكار، نهدف من خلالها، أنا وأنت وكل غيور على هذه البلاد، أن نرتقي بمؤسساتنا التربوية والاجتماعية والخدمية للأفضل. فشكرا جزيلا لك.