يتعرض اتفاق التعاون النووي بين الهندوالولاياتالمتحدة لمأزق خطير بعد أن شددت واشنطن موقفها وأبدت مؤسسة الطاقة الذرية الهندية اعتراضها على شروط الاتفاق. ويواجه رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الآن اختياراً صعباً بين تجاوز اعتراضات مؤسسة الطاقة الذرية وبين فقدان ماء وجهه عندما يزور الرئيس الأمريكي جورج بوش البلاد في أوائل مارس - آذار. وقال سي. راجا موهان وهو خبير في السياسة الخارجية: (الحكومة تبحث هذا الأمر بشكل جدي للغاية. يتعين اتخاذ قرارات كبيرة). ومن شأن الصفقة التي اتفق عليها من حيث المبدأ عندما زار سينغ واشنطن في يوليو - تموز الماضي أن تتيح للهند الحصول من الولاياتالمتحدة على تقنية نووية ومفاعلات بعد حظر بسبب التجارب النووية التي أجرتها في عامي 1974 و1998م. وفي المقابل عرضت نيودلهي الفصل بين برامجها النووية المدنية والعسكرية ووضع البرامج المدنية تحت الرقابة الدولية. لكن هنا تكمن الصعوبات التي تواجه الاتفاق. فالإدارة الأمريكية التي تعرضت لضغوط من الكونجرس الذي أبدى تردده حيال الاتفاق تريد وضع قدر من برنامج الهند النووي تحت الرقابة الدولية أكبر مما تعرضه نيودلهي. ويرتكز الجدال على نموذج أولي لمفاعل للتوليد السريع الذي سيعالج البلوتونيوم من الوقود المستنفد في المفاعلات التي تعمل بالماء الثقيل الموجودة بالفعل في الهند. وأبدى مدير إدارة الطاقة الذرية انيل كاكودكار اعتراضاته علناً خلال مقابلة مع صحيفة نشرت بالكامل اليوم الأربعاء. وقال كاكودكار إن وضع هذا المفاعل تحت الإشراف الدولي سيقيد علماءه وسيؤدي إلى اعتماد الدولة على اليورانيوم المستورد. وأضاف: (من منظوري الحفاظ على أمن الطاقة على المدى البعيد والحفاظ على الحد الأدني المعقول من القدرات الرادعة لا يمكن وضع برنامج المفاعل سريع التوليد على القائمة المدنية. ليس هذا في مصلحتنا الإستراتيجية. ويقول مؤيدو الصفقة إن هذا كلام لا معنى له ويرون أن إدارة الطاقة الذرية وهي منظمة عملت سراً لفترة طويلة تخشى ببساطة من الانفتاح متجاهلة بذلك الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى لحساب مصالحها المحدودة. وقال هارش في بلانت وهو محاضر في الدراسات الدفاعية بكلية كينجز بلدن (هناك معركة صلاحيات جارية.. المؤسسة العلمية تريد الدفاع عن صلاحياتها). وتعهد سينغ الذي لاقى بالفعل انتقادات من حلفائه الشيوعيين بشأن الاتفاق بإلقاء خطاب في هذا الصدد أمام البرلمان في وقت لاحق هذا الشهر. ووعد سينغ بالدفاع عن مصالح الهند القومية قائلاً إنه لا مجال للرضوخ للمطالب الأمريكية. ويأمل مسؤولون أمريكيون في التوصل لاتفاق قبل زيارة بوش. لكن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قالت خلال مقابلة مع رويترز في 26 يناير - كانون الثاني إنه يتعين على الهند أن تتخذ خيارات صعبة. وتحرص وزارة الخارجية الهندية على إتمام الاتفاق لكنها ترى أن واشنطن تشدد موقفها. وقال مسؤول: (وصل الأمر إلى حد المفاوضات السياسية الشاقة). وأضاف أن الهند اقترحت فصل برامجها النووية المدنية والعسكرية المتلازمة على مراحل لكن واشنطن تريد إجراء الفصل دفعة واحدة. وتابع: (الأمر بالطبع ليس مستحيلاً لكنه سيستغرق منا وقتاً وتحضيراً إذا وافقنا على القيام به. ولدينا فقط ثلاثة أسابيع قبل زيارة بوش.. ربما لن يكون هذا كافياً).