* سفاجا - مكتب (الجزيرة) - محمد شومان - علي فراج: (الحمد لله الذي أذهب عنا الأذى).. كلمات ترددت كثيرا على ألسنة الناجين من العبارة المصرية (السلام 98) التي غرقت في البحر الأحمر فجر الجمعة الماضي أثناء رحلتها من ميناء ضبا السعودي في طريقها إلى ميناء سفاجا المصري. في مستشفى سفاجا حيث الزحام والحزن والصدمة واللوعة والفرح والدهشة وغيرها من المشاعر المتضاربة، مع وجود الإعلاميين والسياسيين والأهالي؛ فكل ذهب ليطمئن على حال من نجا من العبارة المنكوبة. وبين الدموع والتهاني بالعودة سالمين التقت (الجزيرة) عدداً من الناجين السعوديين الذين كانوا على متن العبارة الغارقة.. في البداية شكروا الله - سبحانه وتعالى - أن منّ عليهم بالنجاة ودعوا بالرحمة لأصدقائهم وأقاربهم وزملاء رحلة كانوا بالأمس القريب معهم، أما اليوم فعلمهم عند علام الغيوب. يقول ناصر عائد العقيمي (34 سنة): أنا كنت ذاهباً إلى مصر لمشاهدة مباريات البطولة الإفريقية وحدث ما حدث، وكان معي اثنان من أخواتي فقدتهما في الحادث ولا أعلم عنهما شئياً، وحضرت إلى مصر مرات كثيرة، وسأعود بعد ذلك. ما حدث شيء مكتوب، والحمد لله على نجاتي. أما ممدوح إبراهيم عبد الله السليمان (28 سنة - طالب) فقال: جئت من السعودية أنا ووالدي وأشقائي الأربعة ولا أعلم عنهم شيئاً، والحقيقة أنني أشك في نجاتهم، فقد نجوت من الموت بأعجوبة. أنا فقدت الأسرة كلها، لكن الموت مكتوب علينا، والحمد لله بقينا في المياه أكثر من 20 ساعة والجميع كان يقاتل ليهرب من الموت، أنا كنت أرتدي طوق نجاة، وفي الصباح وجدت قارباً صغيراً صعدت إليه وحضر الناس وحاولوا الصعود إليه فغرق القارب. وخرجنا 4 فقط منه أحياء. محمود سالم سليمان (47 سنة) قال: كنت في طريقي لأخذ عمال من مصر للسعودية، والحريق بدأ في العاشرة وعشر دقائق مساء، وكأن العبارة كانت على (كف عفريت) مرة تميل وأخرى تعتدل حتى انهارت تماماً في الثانية والنصف صباحاً ولبست طوق نجاة بصعوبة بعدما رفض الطاقم إعطائي طوقا فأخبرته بأنه وسيلة للنجاة من الموت، وبعد ساعات من البقاء في قلب المياه ومع نور الصباح وجدت قارب نجاة وصعدت إليه وكان به 50 شخصاً لكنه غرق بنا، وعدت إلى ما كنت عليه. ووجدت شخصا يقترب مني، لكني طلبت منه أن يبتعد، وقلت له: (دبر حالك)، ولكنني تراجعت عن ذلك، وساعدته حتى أمسك لوحا خشبيا. أما صالح محمد علي (27 سنة متزوج من مصرية) فقد أنقذته فرحته بمولوده الجديد وتشبثه بالأمل في أن يراه ويحتضنه.. يقول صالح: كنت موجوداً في السعودية عندما تلقيت مكالمة هاتفية من زوجتي تبشرني بقدوم أول مولود. طرتُ من الفرحةِ والسعادةِ وسارعتُ إلى الحجزِ على أول عبارة متجهة إلى مصر، لكن القدر أوقعني في تلك العبارة المنكوبة. ويضيف: أثناء الرحلة كنتُ أحلم بمولودي وأتخيل شكله وأنظر إلى ساعتي كثيراً متعجلاً انتهاء الرحلة من أجل الوصول، حتى كانت اللحظة المشؤومة واندلع الحريق بالعبارة، وتطورت الأمور كثيراً وأسرعتُ بالقفزِ في المياه. كنت أمتلك إرادة حديدية من أجل البقاء. صورة ابني كانت في مخيلتي لحظة بلحظة، وكنت أتحدى بها الموت، وظللتُ أصارع الأمواج العاتية حتى رزقنا الله برميلا في وسط البحر، تشبثتُ به مع أشخاص. وتقول إيمان مسعد محمد (سعودية): لقد استسلمت تماماً بعد أن وقعت شقيقتي دلال من القارب الذي قفزنا به، وذلك بسبب الأمواج، وبقيت بعدها أكثر من 30 ساعة حتى رأتنا إحدى الطائرات الحربية. الحزن كاد يقتلني لفقدان شقيقتي التي كانت إلى جواري ولم أستطع أن أفعل لها شيئا، لكن المفاجأة التي أعادت لي الحياة مرة أخرى بعد أن علمت أنها من الناجين هي أيضا، وأنها تتلقى العلاج حالياً في المستشفى وهي بخير والحمد لله. ويقول سعود محمود حباب: لقد لعب القدرُ معي لعبة كبيرة للنجاة، فلقد قفزت مع أحد أفراد طاقم البحارة الذي كان معه جهاز لاسلكي وأخذ يرسل إشارات استغاثة طيلة 22 ساعة حتى تمكنت فرق الإنقاذ من تحديد مكاننا والوصول إلينا. أما ميساء محمد الحلو (33 سنة) فقالت: تزوجت منذ ثلاثة أشهر وقررت أنا وزوجي الذهاب إلى مصر لقضاء بعض الوقت بها ولحظنا السيئ ركبنا هذا المركب وبعد نحو ساعة ونصف من إبحارنا من ميناء ضبا السعودي بدأت تشتعل النيران وطلبنا من طاقم العبارة أن يعود بنا مرة أخرى إلى ميناء ضبا لكن كان لطاقم العبارة رأي آخر، حيث أخبرنا بأن الأمور طبيعية وأنه مجرد حريق بسيط وتمت السيطرة عليه وواصلت الباخرة رحلتها.. وبعد لحظات شعرنا بأن هناك شيئاً غريباً يحدث بالمركب، فهناك أدخنة تتصاعد ونوافذ الكبائن يتحطم زجاجها والنيران تشتعل شيئاً فشيئاً والمركب يميل ناحية اليمين إلى أن انقلبت فوجدت نفسي على سطح المياه وبدأت رحلة الموت إلى أن قام شخص مصري كان يعوم بجواري بمساعدتي إلى أن تم انتشالي بواسطة مركب هندي، ولكن ما زال مصير زوجي مجهولاً، وأتمنى من الله أن يكون قد نجا مع الناجين.