التحكيم الجيد يتطلب المعرفة التكتيكية والفهم الكامل للقانون، ويشتمل التحكيم الفاعل على الفن والمهارة الذي يعتمد تنفيذه في ساحة المنافسة بشكل كبير على الخصائص والسمات الشخصية للحكم حيث تؤكد الدراسات أهمية اتصاف الحكام بالسمات التالية: التوافق والانسجام في اتخاذ القرارات، التعاطف، الحسم، التحكم الانفعالي، العدل، الأمانة، القدرة على اتخاذ القرار، الثقة، الدافع، والاستمتاع. التوافق والانسجام في اتخاذ القرار أثناء المباراة يتوقع الجميع - لاعبين ومدربين على حد سواء - تميز قرارات الحكم بالتوافق والانسجام خصوصاً في المواقف والتصرفات المتشابهة والعمل على تحقيق العدل بين المتنافسين أثناء تطبيق القانون، فعدم التوافق والثبات في تطبيق القانون غالباً ما يؤدي إلى كثرة اعتراض اللاعبين على قرارات الحكم واحتجاج المدربين. ويعتبر توافق وانسجام القرارات الصادرة من الحكم إحدى الصفات الملازمة والواجب توافرها في التحكيم الجيد؛ ففي دراسة حديثة طبقت على عينة من الحكام دلت النتائج على اتفاق 73% من عينة الدراسة على العبارة التالية: (أعتقد أن توافق وانسجام القرارات الصادرة من قبل الحكم أثناء إدارة المباراة أهم من المتابعة الحرفية للقانون). المشاكل المسببة لعدم التوافق والانسجام عدم توافق أو ثبات القرارات الصادرة من الحكم غالباً ما تؤدي إلى وقوع الحكم في المشاكل التالية: - عدم قدرة اللاعبين على توقع تصرفات الحكم، أو التعرف على السلوك المسموح به، وغير المسموح. - التسبب في إحباط المدرب وفقده للثقة في كفاءة وقدرة الحكم على قيادة المباراة. - محاولة التعويض من قبل الحكم تؤدي إلى معاقبة اللاعب أو الفريق على خطأ تم ارتكابه مسبقاً. فعدم توافق وانسجام قرارات الحكم يؤدي إلى ضعف قدرة اللاعبين على قراءة الحكم، فإذا ما قام الحكم على سبيل المثال بتجاهل الخطأ المرتكب من قبل اللاعب في موقف واحتسابه في آخر، يؤدي ذلك إلى ردة فعل سلبية من قبل الرياضيين والإسهام في ارتفاع القلق والإحباط والعنف البدني خصوصاً من قبل اللاعبين الذين يعتقدون أن حقوقهم قد سُلبت. ويُعتبر التعويض من أهم المشاكل التي تؤدي إلى توافق وانسجام قرارات الحكم، عند سؤال عينة من الحكام السؤال التالي: هل تشعر بأن الحكم يحاول الموازنة بين المتنافسين عن طريق تعويض للفريق الذي اتخذ ضده قرارا خاطئا.. أجاب 77% من الحكام ب(نعم) على ذلك، إن الحكم الأول لمثل هذا التصرف يُعتبر عدلاً وملزماً، وذلك بحجة الظلم السابق الواقع على الفريق الآخر، لكن محاولة التعويض غالباً ما تؤدي إلى الوقوع في مزيد من الأخطاء والعمل على زيادة الأمور تعقيداً. تحقيق التوافق والانسجام العمل على تميز قرارات الحكم بالتوافيق والانسجام لا يتحقق من خلال التعويض، لكن غالباً ما يتحقق العدل عن طريق تطبيق القانون وتفسيره من قبل الحكم أثناء سير المنافسة، لا توجد حالتان متطابقتان في المنافسة، لكنها حسب وجهة نظر الحكم وقدرته على تطبيق القانون وتفسيره، فقط مثل هذا السلوك يمكن النظر إليه على أنه القدرة على تحقيق التوافق والانسجام في القرارات الصادرة من الحكم، فإصدار القرار المناسب والتفسير الجيد للقانون يُعتبر المصدر الحقيقي للحكم على العدالة. ومع الرغم من أهمية توافق وانسجام قرارات الحكم وأثرها على سير المباراة، نجد أنه لا بد من توافق وانسجام قرارات الحكم من مباراة لأخرى، وذلك عن طريق تطبيق وتفسير القانون بشكل واضح ومتشابه. ويتطلب تحقيق توافق وانسجام قرارات الحكم.. أولاً: التعرف على القانون والتكنيك الجيد؛ حيث نجد بعض الحكام الذين لا تتميز قراراتهم بالتوافق والانسجام كنتيجة طبيعية لعدم إتقان وتفسير القانون بشكل جيد، أو عدم القدرة على اتخاذ الموقع المناسب، أو عدم المعرفة الجيدة بالتكنيك المناسب للعبة. وكي يتحقق التوافق والانسجام في الأداء يجب على الحكم العمل على تطوير وتحسين نقاط الضعف أولاً في جوانب القصور. ثانياً: يتم تحقيق التوافق والانسجام في القرارات الصادرة عن طريق التحكم في العوامل النفسية والانفعالية، فثبات الحالة النفسية للحكم والقدرة على السيطرة والتحكم في انفعالاته من العوامل المهمة والمؤدية إلى توافق وانسجام القرارات الصادرة. أستاذ علم النفس الرياضي بجامعة الملك سعود وعضو الشرف بنادي الرياض