إسرائيل للغزاويين: لا تعودوا.. لا تصطادوا.. ولا تسبحوا    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر علي فارس النعمي    آركابيتا وباركواي تستثمران في محفظة شركات ذكاء اصطناعي سريعة النمو    تفاصيل انتقال كايو سيزار إلى الهلال    أطاح ب4 مسؤولين كبار.. ترمب يلوح بإقالة أكثر من 1000 موظف    بدء تطبيق آليات بيع المواشي الحية بالأوزان اعتبارًا من 01 محرم 1447ه    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يُشارك في الاجتماع الوزاري الدولي في نيويورك    رصد 67 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية    نائب أمير المدينة يكرم الطلبة المتميزين علمياً من المكفوفين    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    إطلاق خدمة «التحقق المهني» للعمالة الوافدة في 160 دولة    السفيرة الأميرة ريما بنت بندر تحضر حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب    استمرار انخفاض درجات الحرارة على عدة مناطق    أحد رفيدة: طريق «المطبّات» يثير الاستغراب    لا تفريغ للمرشحين.. الدراسة مسائية ومجانية    أمير الحدود الشمالية: عام الحرف اليدوية يجسد اهتمام القيادة بترسيخ التراث وإبرازه عالمياً    «ثلاثي العاصمة» يتحدَّون الوحدة والخليج والتعاون    شرطة الرياض تطيح 9 تورطوا في 33 حادثة احتيال    مفوض الإفتاء في جازان خلال مبادرة اللحمة الوطنية دين ومسؤولية: الخير فينا فطرة ونسعى للأفضل    «عين» النصر على «غامدي» الاتحاد    «الجوال» يتصدّر مسببات حوادث المرور في نجران    وزير الداخلية يعزّي أسرة المورقي    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    مركز الأطراف الصناعية في مأرب يُقدم خدماته ل 484 مستفيدًا خلال شهر ديسمبر الماضي    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    أكسجين ووقود صيني في المدار    سيناريوهات اختفاء الأكسجين لمدة 60 ثانية    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء    "التجارة" تعزز التشريعات بصدور وتطوير لوائح جديدة    26.7 مليار ريال قيمة مبيعات NHC" وشركائها    تمكين الشباب ودعم الشركات الصغيرة    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    مجلس الشورى في زيارة إلى الحدود الشمالية    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    كتاب الموتى الرقمي والحق في النسيان    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    مواجهات حاسمة في عودة دوري أبطال أوروبا.. ليفربول يواجه ليل الفرنسي.. وبرشلونة في اختبار بنفيكا    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    السعودية ورهان العرب..    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة سياحية في بلاد الشام (الحلقة الثانية)
نشر في الجزيرة يوم 20 - 12 - 2005

استكمالا لما سطرته في الأسبوع الماضي عن رحلتي السياحية الثالثة في بلاد الشام
عقاب بن مناحي بن عَبوّد
الجولان (قنيطرة)
في صباح يوم الثلاثاء الموافق 27-6 انطلقنا متجهين إلى الجولان بعد أن أكمل الأستاذ سيف الدين كامل الترتيبات كان من أهمها الحصول على ترخيص الدخول ومخابرة نائب محافظ قنيطرة أ - نديم ميرزا، وقبل الخروج من دمشق أخبرني الأستاذ سيف الدين أنه تحدث مع شخص يعرفه اسمه (نُهاد جاويش) سوف يصحبنا في الرحلة.
قلت: لعله مفيد قال أحسبه كذلك، وتوقفنا في أحد الشوارع وقدم علينا رجل في العقد السادس من عمره تحسبه من أناقته في الأربعين سلم وركب بجواري في الكرسي الأمامي، وجلس جلسة الشاب الفخور.. والرجل الحذور.. فأعجبني منظره.. وأردت سبر مخبره.. فبادرته سائلاً.. فأجاب إجابة الضليع في اللغة، والحافظ للشعر، والقارئ للتاريخ، والمهتم بالسياسة.. فصرت أحادثه حديث من لا يدعي الفصاحة، ويبدى شيئاً من معرفه الشعر، ويظهر الفهم للتاريخ، ويجادل في السياسة.
وكان بحق حسنة أخرى من حسنات سيف الدين حيث كان بحق خير الصاحب في الطريق.. حادثته حتى نشف الريق.. رغبة في الاستزاده من الرحيق.
وكانت المسافة من دمشق إلى محافظة قنيطرة (70) كيلاً مررنا خلالها بقرية جديدة عرطوز، ودروشه، وخان الشيخ، ومركز سعسع وقد بدأ الطقس يزداد جمالاً ومن ثم قرية الشوكتليه، ودورين، ومركز خان أرنب ثم توقفنا عند نقطة عسكرية طلبت منا تصريح الدخول فأبرزته وسمح لنا واتجهنا إلى مبنى المحافظة وقابلنا الأستاذ نديم مرزا نائب المحافظ، وكان رجلاً طويلاً جسيماً مرحاً مثقفاً يزن كلماته قبل أن تكون ملك غيره، تبادلنا معه أطراف الحديث وحادث محمد خنيفس مدير العلاقات العامة بقنيطرة ووجه بأن نعامل معاملة الضيوف الرسميين، وذهبنا إلى قصر العلاقات وقابلنا محمد وجلسنا سوياً في مجلسٍ فسيحاً جميلاً داخل القصر وحدثنا ملخصاً عن الجولان قال: الجولان مشتق من جال أي ارتفع ومن معنى أجوال أي الأرض الخصبة، والقنيطرة تصغير لكلمة قنطرة أي الجسر وهي تنطبق على هذا الموقع فهي نقطة عبور من وإلى فلسطين والأردن.. والجولان هو الاسم المرادف لقنيطرة وهي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من سوريا مساحتها 1860كم2 وتضاريسها متنوعة حيث تتكون من جبال وتلال وأودية وسهول وأنهار وينابيع وتربتها خصبة والغابات تغطي حوالي 9% من مساحتها ومناخها بارد ممطر شتاء ومعتدل صيفاً، وأكمل شرحه على مجسم لخارطة الجولان يوضح فيها الأماكن المحررة التي ما زالت تحت الاحتلال.
ثم انطلقنا جنوباً (5-3) كيلات تجولنا في مدينة قنيطرة المحررة الذي يتجلى لك وأنت تتجول بين ركام مساكنها ومشافيها ومساجدها الحقد الصهيوني الدفين. عدنا مع طريقنا كأننا ذاهبون إلى دمشق وعندما وصلنا مركز خان أرنب اتجهنا شمالاً إلى قرية (حرض) حوالي (15) كيلاً وقابلنا رئيس البلدية بسام البصار وكان شاباً مهذباً ركب معنا واتجهنا إلى عين التينة غرباً من (3-5) كيلات ثم أوقفنا سيارتنا عند نقطة عين التينة وسرنا على الأقدام وكنت أنا و سيف الدين ونُهاد وبسام وابني مهند وأحد الشباب المجندين في هذه النقطة واتجهنا إلى موقع يبعد عن النقطة500م مقابل قرية مجدل شمس المحتله يأتي به الأفراد والعوائل من الأرض المحررة ويقابلهم في الطرف الآخر أقاربهم ويفصل بينهم مسافة500م وسياج شائك وخور منخض ويتبادلون السلام بالمايكروفونات وعندما وقفت موقفهم رفعت نظري لأرى قرية مجدل شمس فوجدتها تختلف كلياً عن القرى المحررة حيث المساكن والمزارع الجميلة فسألت قالوا هذه هي سياسة الصهيونية اليهودية التي تُدعم بمليارات الدولارات من يهود العالم والدول الغربية التي زرعتها في قلب العالم العربي حيث يقدمون القروض والخدمات لأهل هذه القرى المحتلة أملاً في أن ينسوا أهلها عروبتهم، ويظهروا أمام العالم ديمقراطيتهم التي تساوي بين من يسكن داخل دولة إسرائيل وفي المقابل تقف سوريا بعصاميتها لا داعم لها تقدم لشعبها بقدر استطاعتها! عدنا من هذا الموقع الذي يأتي بالغصة من غير أكل.. وبالشرقة بلا ماء.. بالألم دون مرض، وركبنا سيارتنا وانطلقنا عائدين إلى قنيطرة.
قرية بُرَيْقَة
ومن قنيطرة إتجهنا جنوباً إلى قرية بُريقة (10) كيلات وهي مهد صبا سيف الدين وجميع سكانها من أصول شركسية عندما اُحْتُلت بعض قراهم بَنَتْ الدولة لهم مساكن في هذه القرية الجميلة والنظيفة والتي يمنع أهلها بيع الدخان فيها والتي تزداد جمالاً بأريحية وإخلاص أهلها لوطنهم سوريا وبينما نحن نسير مع الطريق العام المسفلت إذا برجل في العقد السابع من عمره يقف أمام أحد المنازل فطلب منا سيف الدين التوقف عنده وإذا به مختار القرية أدهم إسماعيل وقف أمام بيت سيف الدين لاستقبالنا عندما أُخبِر بقدومنا، تبادلنا السلام معه وجلسنا في بيت سيف الدين وكان بيتاً فسيحاً جميلاً له حديقة تزدان ببعض الأشجار المثمرة، مكثنا به وتناولنا وجبة الغداء ومن ثم ذهبنا إلى بيت مختار القرية وتناولنا القهوة وبعضاً من الفاكهة.
مختار بُرَيْقَه وجبل سلا بجازان: دار بيني وبين المختار العديد من الأحاديث وأخبرني أنه عندما كان في ريعان شبابه تعاقد مع وزارة المعارف السعودية عام 1393ه للتدريس في إحدى مناطق المملكة وكان نصيبه أن كلف بالتدريس في منطقة جازان وبالتحديد في (جبل سلا) وهذا الجبل يقع شرق جازان قلت له يهمني أن أعرف عن تجربتك آنذاك في جبل سلا قال:
كنا نأتي على السيارات للعارضة ومنها نسير على الأقدام سبع ساعات حتى نصل موقع المدرسة التي هي عبارة عن مكان في أعلى الجبل يجتمع فيه الطلاب، ونقوم بتدريسهم وكانت الإمكانات متواضعة وكنا نستخدم الصخور سبورات حيث ننتقل من صخره إلى أخرى للكتابة عليها ويقول: إن أكثر ما لفت انتباهه هو حرص أهالي هذا الجبل على تعليم أبنائهم فكانوا يأتون ببناتهم ليتعلموا مع أبنائهم، قلت له لو زرت جبل سلا اليوم لما سرت على الأقدام، وسرك المقام من هذه القصة يتجلى لي معاني كثيرة أهمها حرص ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية على تعليم جميع أبناء الوطن مهما بلغ الأمر من مشقة، ودور إخواننا وأشقائنا العرب ومساهمتهم في النهضة التعليمية وما تكبدوه من مشَاقْ فهاهو مختار قرية بريقه في جمهورية سوريا الحبيبة يسير سبع ساعات على أقدامه ويعلم أبناء جبل سلا مستخدماً صفائح صخورها سبورات.
أين أنت يا وزارة التربية والتعليم في بلدي الحبيب من تدوين هذه القصة وأمثالها لتنقلي لنا وللأجيال القادمة بدايات التعليم ومشاقة ومساهمات إخواننا العرب فيه.
وبعد ذلك تجولنا داخل القرية واتجهنا إلى قرية كودنه المجاورة لبريقه التي تسكنها قبائل من الطحان من النعيم، وقابلنا مشهور الطحان وهو ممن أمضى حياته في تدريس اللغة العربية في المملكة العربية السعودية، وطلب منا البقاء للعشاء واعتذرنا منه وما كاد يقتنع بعذرنا وعدنا وودعنا مختار قرية بريقه ومن ثم اتجهنا إلى دمشق.
ما حدث بالأمس تكرر اليوم: توجهت لشقتي أنا وابني وكانت الساعة الحادية عشر مساء وكنا متعبين جداً وكان الحلاق العقاري الوسيط قد اتصل بي أثناء جولتنا في الجولان وأخبرته بأننا سوف نعود وعليه إخبار صاحب الشقة بأنني أرغب في تمديدها ليومين، قال لي: لا بأس ولكن يبدو أن أصحاب الشقق يمارسون أعمالا تسيء الى بلدهم، فعندما أردت فتح شقتي وإذا بالشقة مسكونة فصدمت واتصلت على الحلاق العقاري وأخبرته أن صاحبه قد كرر فعلته السيئة في الليلة الماضية قال سوف أحضر لك مع صاحب الشقة وعندما حضرا كان عذر صاحب الشقة أسوأ من عمله حيث تأكد لي أن الحلاق العقاري قد اتصل به وأخبره بأنني سوف أستمر بالشقة إلا أن الطمع أنساه مبادئه، فطلبت منهما دون نقاش اللحاق بي إلى قسم الشرطة وركبت سيارتي وحاولا ثنيي ولكني انطلقت إلى قسم الشرطة وتوقفت عند القسم وقبل بوابة القسم بعشرة أمتار لحق بي صاحب الشقة يستعطفني على الرصيف وتدخل بعض المارة وما تركت من الكلمات التي تقزم هذين الرجلين أمام المارة إلا وقلتها وكانا يرجواني العفو وعدم الذهاب لرجال الأمن، لمعرفتهم أن كل ما قلته لهم أهون عليهم مما سيلقيانه من رجال الأمن وقلت لهم ألا تعلمان ما تبذله دولتكم من مبالغ طائلة لتشجيع السياحة وأنتما تنفران بطمعكما وجشعكما، كنت أقول هذا وأنا أتذكر تلك الصورة الجميلة الرائعة التي رسمها أهل قرية ملح في ذهني وبعد جدل طويل اتصل صاحب الشقة بأمه وناولني بشكل مفاجئ الهاتف فإذا امرأة عجوز على الهاتف في صراع نفسي بين عمل ابنها الذي أساء لها ولوطنه وبين خوفها عليه أن يقع في يد العدالة، فكنت قاسياً في حديثي معها وقلت هذه تربيتك وأغلقت الهاتف وأحسست بخطئي فما ذنبها؟
وكان هذا هو مفتاح الفرج لهما وطلبت على الهاتف من سيف الدين الحضور فحضر وتدخل وكان أشد مني إصراراً على أن ينالا جزاءهما، وعندما أحس مني بالرغبة في معالجة الأمر دون قسم الشرطة طلب منهم أن يذهبا ويحضرا الشنط له في المنزل بعد أن أعطاهم درساً في الأخلاق وذهبا وأتيا بالشنط ومعهم قيمه أجرة الشقة في اليوم الماضي ووضعاها في جيبي واعتذرا وذهبا وما أن غربا عن وجهي اتصلت على الحلاق العقاري وقلت له حالاً تبحث لي عن شقه لعلك تخفف من سوء عملك قال حالاً وما كاد يمضي عشر دقائق إلا وقال سوف أكون عندك وجاء وذهبت معه وإذا بالله يعوضنا بشقة لم يسبق أن سُكنت حيث أكمل ترتيبها الشاب سامر الباشة من أجل الزواج وأراد الاستفاده منها حتى موعد زواجه وكان من خيره من رأيت من أصحاب الشقق، وسكنَّا وكانت الساعة الثانية صباحاً.
وفي صباح الأربعاء 28-6 ناديت الحلاق العقاري وطلبت منه أن ينادي صاحبه ويحضر عندي في الشقة فحضرا على الفور وأكملت لهم عتبي واعتذرا وشكراني كثيراً وقلت لهم لقد سمحت لكما عن حقي الشخصي أما حق بلدكما فلا أملك إلا أن أوفيه وسوف أسطر فعلتكما لعل من على شاكلتكما يتعظ والدولة تعالج مثل هذه الأعمال السيئة بطريقتها الخاصة ووعدتهما ألا أذكر اسميهما وأعدت المبلغ لصاحب الشقة وطلبت منه أن يصحبنا لأمه لأعتذر عن كلامي لها مساء حيث لم يكن لها ذنبٌ، وبالفعل في المساء زرناها في سكنها واعتذرت منها وتأسفت لي كثيراً من عمل ابنها وقد التحق بنا زميلنا ضيف الله الشراري.
مقابلة وزير الإعلام
ووزير السياحة
في صبح يوم الخميس الموافق 29-6 ذهبت وبصحبتي أيمن الحرفي وضيف الله الشراري، وابني مهند إلى وزارة الإعلام وقابلنا د.نزار ميهوب مدير عام العلاقات وعاهد أبو زيد أحد موظفي العلاقات النشطين واصطحبنا د.نزار إلى مكتب معالي الوزير د.مهدي دخل الله التي كانت كلماته تفصح عن دماثة خلقه، ونظراته عن طيب سريرته.
عين الفتى تبدى الذي في ضميره
وتعرف بالنجوى الحديث المغمسا
تحدثت مع معاليه عن بعض مشاهداتي ومدى ما بهرني من تكامل عناصر السياحة في هذا البلد التي قَلَّ أن تجدها في بلد آخر حيث تراكم الحضارات والآثار وجمال الطبيعة والتنوع البيئي والأمن إلا أنها لم توظف التوظيف الحسن في جلب المزيد من السياح قال: هل زرت مركز مدينة معلولا؟
قلت له: لا.
قال: إذا أضف لمعلوماتك أن هذه المدينة ما زال أهلها يتحدثون اللغة الآرامية كما كان يتحدث بها سيدنا المسيح عليه السلام وهي الوحيدة في العالم المحافظ على هذه اللغة. قلت لمعاليه: إننا في حاجة لتعريف أبناء بلداننا العربية والإسلامية بما تحتويه بلدانهم وهذا ما أهدف له من خلال كتاباتي وصف الواقع وربطه بالماضي واستشراق المستقبل.
وقد وجه معاليه بعمل لقاء تلفزيوني معي في الفضائية السورية وهو ما حدث بعد ذلك، وودعنا معاليه ونحن نقول:
كل الخلال التي فيكم محاسنكم
تشابهت فيكم الأخلاق والخلق
عند الساعة السابعة والنصف مساء كان لقاؤنا الثاني مع معالي وزير السياحة د.سعد الله أغا القلعة والذي أعطانا من وقته أكثر من نصف ساعة بثثت فيها استيائي من وضع الآثار وعدم الاهتمام بها، وكنت أظن أن وزارته هي المسؤولة عنها وعرفت منه أن المسؤول هي إدارة الآثار ولا تتبع وزارته، وإن كان يرى معاليه أن السياحة من أهم عناصرها الآثار وأن كثرة الآثار في سوريا تشتت الجهد وتجعله غير منظور، كما سمعت من معاليه رؤى وأفكار متقدمه جداً أحسبها تتجاوز خطوات أساسية يجب الاهتمام بها أولا مثل توعية الناس بأهمية الآثار والمحافظة عليها وعدم تغيير معالمها وتأهيلها ومن ثم الانتقال لمراحل أكثر تقدماً كأن تهيأ جمال وخيول لركوب السائح عليها كما يقول معاليه لإعادتهم لجو الأزمان السالفة فالأمور تأتي بالترتيب:
وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه
وأول الغيث قطر ثم ينسكب
ودعنا معاليه مع دعواتنا له بالعون والسداد والتوفيق لتطوير السياحة في هذا البلد الشقيق.
عدنا الى الشقة وأستأذن الزميل ضيف الله للعودة لبلودان للسمر مع بعض الأقران.. قلت رضاك هواك.. وإذنك (معاك).. ونحن سوف نكون في الصباح هناك.. فإذا صحوت من النوم فحياك.
وفي صباح يوم الجمعة 30-6 ذهبت أنا وابني إلى بلودان وكنت قد رتبت مع ذلك الشاب الماهر الذي سميته في رحلتي السابقة فريد وصفاً لفعله أما اسمه فماهر بن علي هزيمة حيث طلبت منه أن يحجز لنا بيت الشَّعر الذي في البستان.. ويحضر الخوخ والرمان.. ويُجْهِزّ على خيار التيوس.. ويوقد نار البسوس.. ويكون الفطور مقلي.. والغداء مندي.. وعندما وصلناه.. وجدناه وأباه.. وعمه وأخاه.. فكان الخير قائماً.. والشر نائما.. وصرنا نتبادل الأحاديث ونحن جلوس.. وننقي النفوس.. حتى أحضرت الكبدة المقلية.. والفاكهة الطرية.. وبعدها طابت القصص والأشعار.. في رابعة النهار.. بين أغصان الأشجار.. التي يتمايل بها النسيم العليل.. وكل منها إلى الآخر يميل.. وفي المحضر.. وأمام هذا المنظر قلت لجليسي ما قال الشاعر:
انظر إلى الأغصان كيف تعانقت
وتفارقت بعد التعانق رجعا
كالصب حاول قُبله من الفه
فرأى المراقب فانثنى متوجعا
وعندما قُدم التفاح الشامي.. في الطبق أمامي.. نفضت عباتي.. وقلت من محفوظاتي:
تفاحة كسيت لونين خلتها
خدي محبوب ومحب قد التصقا
تعانقا فبدأ واش فراعها
فاحمر ذا خجلا وأصفر ذا فرقا
وعندما قدم المندي.. في آخر العشي.. والرز من تحته شهي.. كان ضيف الله قد بدأ.. ومن نومه قد صحا.. قلنا للجميع حياكم الله وبياكم.. على (غداكم).. وخفتت الأصوات.. فما تسمع إلا نهات.. حتى امتلأت البطون.. وراحت الشجون.. قلنا الحمد لله على هذه النعم.. ونسأله أن يبعدنا عن النقم.. وبعد أن استرخينا.. وابتعنا وشرينا عسل نقي.. من صاحب المندي.. قلنا وداعاً يا ماهر بن علي.. ولعل يوماً آخر بك نلتقي، وعدت أنا وابني إلى دمشق.. بعد أن أكثر ضيف الله الشراري الأعذار وأنشق. ويوم السبت الموافق 1-7 كان للراحة والاستعداد للمقابلة التلفزيونية في المساء التي تم تسجيلها الساعة العاشرة مساء.
ويوم الأحد 2-7 خصصناه للتجوال داخل أسواق دمشق وشراء بعض الحاجات.
مدينة معلولا
في يوم الاثنين الموافق 3-7 ذهبنا لمدينة معلولا شمال شرق دمشق مع الطريق السريع المتجه إلى حمص ومن ثم حلب وبعد (44) كيلاً وصلنا مفرق عين التينه ومعلولا واتجهنا يساراً وبعد (3) كيلات كنا في مركز عين التينه وتوقفنا عند رجل يسير راجلاً على الطريق لسؤاله فعرّفنا بنفسه حسين يحيى رئيس بلدية عين التينه سابقاً، وصحبنا إلى رئيس بلدية معلولا حوالي 3 كيلات من عين التينه وقابلنا رئيس البلدية عازر سركيس بركيل وأعطانا معلومات مختصرة عن المدينة وقال: إن أهل بلدة معلولا يحكون اللغة الآرامية وهذه اللغة عمرها حوالي3500 سنة وما زالوا محافظين عليها كما كانت تحكى آنذاك لذا أنشئ مقر لتأصيل وتعليم هذه اللغة لكونها لغة زمن سيدنا المسيح عليه السلام وقد بدأ بدورات تدريبية من سنة2004م تخرج من هذه الدورات150شخصاً وأُعطي لهم شهادات وعمل احتفال حضره عدد من السفراء والشخصيات بلغ عددهم350 شخصاً ومن أقدم الأديرة في هذه البلدة دير القديسة تقلا وقد ذهبنا لهذا الدير وتجولنا بداخلها ومما لفت انتباهي بها وجود نبع يستشفى به وخلف هذه الدير فلج كبير في الصخور متعرج يضيق ويتسع من (1م - 4م) ومن معلولا عدنا الى دمشق وبتنا فيها وصباح يوم الثلاثاء ذهبنا إلى لبنان لحضور والمشاركة في أمسية شعرية أقيمت في إحدى الاستراحات على النهر الليطاني يوم الأربعاء مساء ويوم الخميس عدنا الى دمشق وبتنا فيها، ويوم الجمعة الموافق 7-7-1426ه كنا مجتازين منفذ جابر الساعة الواحده ظهراً إلى الأردن ومن ثم إلى بلدي الحبيب المملكة العربية السعودية حيث لم تغرب شمس ذلك اليوم إلا ونحن نستنشق نسائم ربوعها.
وإلى رحلة سياحية أخرى إن شاء الله.
ص. ب 13035- الرياض11493


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.