يطلق وصف نازح في سورية على المواطنين الذين هُجّروا من الجولان في 1967. وهم يسكنون في دمشق وضواحيها وريفها. وتنتشر غالبيتهم في تجمعات بنيت على عجل وفي شكل عشوائي عقب التهجير، وكانوا يظنون انهم عائدون الى ديارهم خلال أيام، وأكثرهم الآن في أحياء مساكن برزة والمهاجرين ومخيم اليرموك وحي الحجر الأسود وقدسيا ودمّر وميدان القاعة والزاهرة. ويبلغ عدد هؤلاء 410 آلاف شخص موزعين على المحافظات السورية بينهم 30 ألفاً في مخيم الوافدين قرب العاصمة، ومخيم جرمانا والحجر الأسود ودرعا. اضافة الى نحو 60 ألفاً في القرى التي أعيد بناؤها في القسم المحرر بعد 1973. ويبلغ عدد أهالي القنيطرة 150 ألفاً. ولا يزال يعيش في القنيطرة المدمرة نحو 35 شخصاً فقط. قضية النازحين السوريين، على رغم تقادم الأحداث وتسارعها لا تزال قضية منسية في عبق الذاكرة، إلا انها ما زالت حلم أولئك الذين ولدوا وكبروا في التجمعات المكتظة التي تحوي عائلات جولانية من اصول مختلفة بيئياً واجتماعياً (مدنية وفلاحية وبدوية). فعلى مدار أربعين عاماً كان هناك غياب مطلق لقضية النزوج والتهجير القسري من الجولان. وفي العام 2006 بدأت ملامح إيجابية حيث عقد مؤتمر الجولان الأول في العام 2007 في القنيطرة. ويلاحظ انه في كل ما يُكتب عن الجولان في الصحافة الغربية والإسرائيلية، وأحياناً العربية، يعرّف الجولانيون بانتمائهم الطائفي، بدلاً من انتمائهم الوطني او القومي، فالمصطلح الشائع هو «دروز الجولان»، كأنهم ليسوا سوريين أو عرباً، وهو الانطباع الذي يتولد في ذهنية قارئ لا يعرف الكثير عن المنطقة وتركيبتها السكانية. إضافة الى ذلك، بات الكثير منا يعتقد ان جميع أهل الجولان هم من العرب الدروز، بينما الحقيقة هي غير ذلك. تنتمي الغالبية العظمى من سكان الجولان الى القبائل القادمة من شبه الجزيرة العربية. فقبائل غسان، والأزْد، ولخم، جاءت من اليمن، واستقرت في الجولان قبل الإسلام بقرون. أما قبائل طي فقد استوطنت في الجولان بعد الإسلام. وقبيلة الفضل، وهي كبرى القبائل العربية، تقيم الآن في القسم الشمالي الغربي من الجولان، وترجع بأصولها الى الفضل بن عباس أحد أبناء عم الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وتتكون عشيرة الفضل من 40 حمولة، منها: الرولى، وشمر، وعنزة. وهناك قبائل عربية أخرى استوطنت الجولان مثل: النعيم، الولد علي، المرزاقة، الويْسيّة، الرفاعية، الهوادجة، المنافي، القصيرين، السبارجة، الجعاتين، الكبايرة، العجارمة. ومن العشائر الفلسطينية ذات الامتداد السوري التي لجأت الى الجولان عام 1948 نلحظ وجود عشائر عرب: الهيب والوهيب والمواسي والقديرية والخوالد والسمكية والويسية والصبيح والغوارنة والرقيبات وطوبى الزنغرية والنقيبات. ومع تتالي العهود الحاكمة منذ الفتح الإسلامي، استقرت في الجولان أقليات، مثل: الشركس الذين بلغ عددهم في الجولان عام 1967، 16 ألف نسمة، والقرى الشركسية في الجولان هي: العدنانية وتل الصرمان، عين زيوان وبير عجم، وفزارة، والمدارية (القحطانية)، ومزرعة الفرج، والفحّام، ورويحينة، وسنديانة، وبريقة، وجليبينة وموسية (غسانية) وجويزة. وهناك التركمان وتبلغ نسبتهم الى مجموع سكان الجولان 4.2 في المئة. وتعتبر بلدة عين عيشة مركز الثقل البشري والمعنوي للتركمان في الجولان. أما الدروز الذين يقدّر عددهم ب18500 نسمة فيقيمون في قرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية. وبعد قرار ضم الجولان في 1981 رفضت غالبية الدروز حمل الهوية الإسرائيلية وأعلنوا إضراباً عاماً، وصدر تحريم من مشايخ الدروز يرفض الجنسية الإسرائيلية. واليوم تحمل الغالبية الساحقة منهم صفة «مقيم دائم» في إسرائيل، حيث يتمكنون من ممارسة غالبية الحقوق الممنوحة للمواطنين الإسرائيليين ما عدا التصويت للكنيست وحمل جوازات سفر إسرائيلية. وبحسب السجلات الإسرائيلية لم يتسلم المواطنة الإسرائيلية الكاملة إلا 677 من الدروز و2700 من العلويين سكان قرية الغجر، ومن بينهم لم يمارسوا حق التصويت للكنيست في عام 2006 إلا نسبة 35 في المئة. ويذهب بعض الدروز الى سورية للتعلم في جامعتها. ومنهم من يخرج الى الأردن للقاء أقاربه السوريين. وفي كل عام في عيد الاستقلال وذكرى الإضراب يقيمون احتفالاً يقابله في الجانب السوري احتفال مماثل. وتستعمل مكبرات الصوت للتخاطب بين سكان الجولان الذين فصل خط الهدنة بينهم. وترفض إسرائيل الاعتراف بالمواطنة السورية حيث يكتب في بطاقات المرور (Laissez passer) التي تصدرها لهم «المواطنة غير واضحة». وفي المقابل، وتعبيراً عن الحرص على تأكيد انتماء المواطنين السوريين في الجولان، أكد بيان رئاسي سوري ان الرئيس بشار الأسد قرر منح الرقم الوطني والهوية السورية للمواطنين السوريين في الجولان المحتل. وأوضح البيان ان هذا التوجيه يأتي ايضاً في إطار التخفيف من معاناة سكان الجولان نتيجة ما يتعرضون له من مضايقات يومية على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني وللحقوق الأساسية التي ضمنتها معاهدات حقوق الإنسان الدولية. وإضافة الى ذلك، هناك الداغستان، وتعيش في الجولان أقليات صغيرة، إثنية أو دينية أو طائفية، ويراوح حجم كل منها ما بين 500 و1000 نسمة. وهذه الأقليات هي: الأرمن، العلويون، الأكراد والزنوج. كما يلحظ وجود اعداد متناثرة من مجموعات الغجر الرحل الذين يدعون ب «القرباط»، لا يحملون اية جنسية أو وثائق مدنية، حيث غادروا أراضي الهضبة بعد احتلالها نحو الأردن وباديتها، ومناطق ريف دمشق ومحافظة حوران. روايات اسرائيلية تستند القصة الإسرائيلية للتهجير الى ثلاث روايات: 1- الزعم ان راديو دمشق طلب من السكان ترك أراضيهم من اجل ان يتوافر للجيش السوري خوض المعركة بحرية ومن دون ان يعرض حياتهم للخطر. 2- الرواية الثانية تقول انه لم يكن هناك قرى وسكان وإنما 60 قرية فقط عمل سكانها في قطاع الخدمات العسكرية وهؤلاء انسحبوا طواعية مع الجيش السوري. 3- الرواية الثالثة تقول انه لم يكن هناك تطهير عرقي في الجولان لكن من كان هناك هاجر في شكل حر. ونُشرت داخل اسرائيل بعض الشهادات على رغم التعتيم الإعلامي الإسرائيلي عن تهجير السكان العرب السوريين من قراهم خلال عدوان حزيران عام 1967 وبعده منها ما يدحض الرواية الصهيونية الرسمية القائلة «ان بعض السكان الذين عاشوا في الجولان هربوا اسوة بهروب الفلسطينيين عام 1948 من قراهم، والقسم الآخر لبى دعوة قيادة الجيش السوري بمغادرة الجولان. ومنهم من يدعم الرواية الصهيونية مثل الباحث والمؤرخ الإسرائيلي ميخائيل اورون الذي قال في كتابه «ايام الحرب الستة» ان 95 ألفاً من سكان الجولان تركوا قراهم طواعية وأن من بقي هم الدروز والشركس. وحتى إسرائيل الرسمية لم تعترف يوماً بجريمة تهجير السكان السوريين وطردهم من منازلهم وقراهم وتدميرها كلياً، وأول من تحدث عن تهجير قرى الجولان وتدميرها هو الجنرال الإسرائيلي اليميني المتطرف رحبعام زئيفي في سياق جدل إعلامي صاخب في جريدة «يديعوت أحرونوت» حيث اعترف «ان دافيد بن أليعازر الملقب (دودو) امر بطرد سكان القرى من منازلهم بعد حرب حزيران ونفذ عملية الطرد القسري هذه بموافقة اسحق رابين رئيس الأركان في حينه ووزير الدفاع موشيه ديان ورئيس الوزراء ليفي اشكول. وفي صبيحة التاسع من حزيران قال رحبعام زئيفي في هيئة الأركان لضباط الجيش «إننا نريد استلام الجولان خالياً من السكان». إسرائيلي آخر هو الباحث والمحاضر في جامعة حيفا البروفيسور ارنون سوفير وفي إحدى مقابلاته مع الكاتب الإسرائيلي اليساري دافيد غروسمان قال: «إننا فعلاً طردنا من هضبة الجولان خلال يومين 70 ألف سوري. أما آخر اعتراف اسرائيلي فقد جاء في كتاب «الضحايا» للمؤرخ الإسرائيلي بني موريس ان حوالى 80 -90 ألف مواطن سوري هربوا أو طُردوا من الجولان، وأن قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي أرادت تفريغ السكان المدنيين من الجولان، وهؤلاء هربوا جراء قصف المدفعية الإسرائيلية لقراهم في الفترة الواقعة بين 5 - 8 حزيران، وخلال الهجوم البري الواسع في 9 - 10 حزيران، اما المؤرخة الإسرائيلية بترن فقالت بعد ستة أشهر من الحرب «إن اسرائيل طردت 95 ألف مواطن وهجرتهم من الجولان من خلال تدمير وقصف المنازل، وسقط عشرات الشهداء، إضافة الى اصابة مدنيين أبرياء آخرين (في قرية الدردارة ومدينة القنيطرة) وقُطع التموين والمياه ومنع وصولها الى السكان من الآبار المحيطة، وجرى تهديدهم وتعذيبهم وحتى إعدام عدد من الأهالي على مرأى من الجميع، وطردوا تاركين كروم العنب وبساتين التفاح والفاكهة وسهول القمح والشعير، وأبقارهم وأغنامهم ومحلاتهم التجارية المليئة بالمواد الغذائية، وتركوا ملابسهم وذكرياتهم الشخصية تحت تهديد قوة سلاح الجيش الإسرائيلي». وفي مدينة القنيطرة ذاتها تم تجميع 7000 مواطن في حارة واحدة بما يشبه معسكر اعتقال جماعي، والضغط على السكان للمغادرة عبر تهديدهم وابتزازهم بشتى الوسائل. لقد عمد الجيش الإسرائيلي من اجل إتمام تفريغ السكان وطردهم من منازلهم وقراهم الى التوقيع على تصريح كاذب يطلب بموجبه الموقّع السماح له بمغادرة الجولان باتجاه الشرق (طرد طوعي) وأحياناً لجأ الى اعتقال البعض في معتقل عتليت العسكري لمدة أشهر، وصدرت القرارات العسكرية الإسرائيلية المتتالية عن منع التجول في كل انحاء المنطقة، وإطلاق النار على كل من يجتاز خط الجبهة ويعود الى منزله او قريته. ومن أجل محو الآثار الجغرافية والتاريخية والبشرية العربية السورية في الجولان وإزالتها عن الوجود أقدمت إسرائيل اثناء الاحتلال وبعده وعبر سلطة اراضي اسرائيل والكيرن كييمت بتدمير منهجي للقرى السورية في الجولان بعد طرد سكانها. واشترك في عملية التدمير علماء آثار إسرائيليون أجروا مسحاً شاملاً في كل قرية للتفتيش عن آثار تاريخية ومعاينتها وتزوير أصولها التاريخية خدمة للأكاذيب الصهيونية. وأحد علماء الآثار الإسرائيليين ويدعى البروفيسور داني أورمن أصدر قائمة تشمل 127 قرية وموقعاً جاهزاً للتدمير وكتب: «في اواخر عام 1968 اجرينا مسحاً شاملاً لهذه القرية، ولم نجد فيها او في محيطها أية آثار ذات قيمة تاريخية، القرية جاهزة للتدمير الكلي، وبعد أسبوع واحد كانت القرية سويت بالأرض تماماً ولمنع عودة السكان المدنيين الى بيوتهم أصدر وزير الدفاع موشيه ديان قراراً في كانون الأول عام 1967 بتدمير بلدة بانياس، وقدمت سورية في عام 1969 مذكرة احتجاج في مجلس الأمن. اما جمعية حقوق المواطن في إسرائيل فنشرت في حزيران عام 1970 اسماء أربع قرى سورية في الجولان تم تدميرها بالكامل وهي عين الزيوان وتل الساقي والرزانية وخان الجوخدار في جنوب شرقي الجولان. في المقابل، تفيد القصة السورية للتهجير العرقي في الجولان انه لم يكن هناك اي إعلان في الراديو حول ترك الناس أراضيهم ابداً، كان هناك 147 ألف نسمة في الجولان موزعين على 200 قرية وليس على 60 تجمعاً سكنياً، ولم يخرج احد من ابناء الجولان طواعية وإنما بفعل القوة الإسرائيلية. وهناك خرائط فرنسية وعثمانية وأرشيف الحكومة السورية قبل الاحتلال وكلها تؤكد انه كان هناك اكثر من 60 قرية في الجولان، وسكان الجولان كانوا يعتمدون في حياتهم على الزراعة والرعي. وتفيد حقائق ومصادر أخرى ان عدد سكان الجولان قبل الاحتلال الإسرائيلي وفق إحصاء 1966، بلغ 153 ألف نسمة. وأن عدد سكان المنطقة التي احتلت من الجولان عام 1967، بلغ 138 ألف نسمة. وبلغ عدد السكان الذين شردتهم اسرائيل أثناء العدوان وبعده 131 ألف نسمة، اصبحوا في عام 2000 نحو 500 ألف نسمة. كما ان عدد قرى الجولان قبل الاحتلال بلغ 164 قرية و146 مزرعة. اما عدد القرى التي وقعت تحت الاحتلال فبلغ 137 قرية و112 مزرعة إضافة الى القنيطرة. وبلغ عدد القرى التي بقيت بسكانها 6 قرى: مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية والغجر وسحيتا (رحّل سكان سحيتا في ما بعد الى قرية مسعدة لتبقى 5 قرى). ودمر الاحتلال الإسرائيلي 131 قرية و112 مزرعة ومدينتين. وارتكبت اسرائيل مجازر عدة بحق السكان المدنيين في الجولان وهي: 1- مجزرة الدوكة (كفر عاقب) قرب شاطئ الكرسي في طبريا (2/11/1955)، وشهداؤها 9 رجال وامرأة. 2- مجزرة سكوفيا (9/4/1967)، 13 شهيداً و13 جريحاً خلال قصف حي سكني. 3- مجزرة الدردارة (الذيابات/ حزيران 1967) 11 شهيداً. 4- مجزرة الخشنية (حزيران 1967) 20 شهيداً. 5- مجزرة القنيطرة (حزيران 1967) 7 شهداء. 6- مجزرة تل العزيزات (حزيران 1967). أوضاع النازحين هناك تنوع في مجالات النشاط الاقتصادي والتعليمي للنازحين، فثمة اطباء ومحامون وصيادلة ومهندسون بنسبة كبيرة بين ابناء النازحين. ولكن معظمهم الآن يعمل في مهن لا تتطلب تحصيلاً دراسياً، كنجارة الباطون، أو الحدادة أو البلاط. ناهيك عن ارتفاع معدلات الفقر في صفوف النازحين ما أفضى الى ارتفاع نسبة عمل النسوة (النازحات) في أعمال الخدمة المنزلية، وكذلك ارتفاع نسبة تسرب أطفال النازحين من المدارس وبالتالي ارتفاع نسبة عمالة الأطفال. وعلى رغم الإعلان رسمياً، قبل سنوات قليلة ان محافظة القنيطرة خالية من الأمية إلا ان خبراء تربويون اشاروا الى اسباب زيادة عدد المعلمين الوكلاء غير المؤهلين في مدارس المحافظة. واشتكوا من كثافة المنهاج وكبر حجم الكتب الذي لا يتناسب مع عدد الحصص الدراسية المقررة مثل كتاب الرياضيات للصف الخامس. وكانت تقارير صحافية ذكرت ان «معظم المدارس في محافظة القنيطرة تعاني عدم استقرار العملية التعليمية بسبب النقص الكبير في عدد المدرسين وبمعظم الاختصاصات (اللغة الفرنسية، اللغة الإنكليزية، علوم، كيمياء، فيزياء، رياضيات)، والذين تم التعويض عنهم بطريق التكليف لبعض المدرسين من خارج الملاك وبأجرة متدنية للساعة، حيث يتجاوز عدد المعلمين الوكلاء في المحافظة الخمسمئة». يذكر ان عدد مدارس محافظة القنيطرة التي تتوزع على أرض محافظات دمشق وريف دمشقوالقنيطرة بلغ 304 مدارس منها 250 مدرسة للتعليم الأساسي بحلقتيه الأولى والثانية و36 مدرسة للتعليم الثانوي العام و18 مدرسة للتعليم الثانوي المهني. وتجدر الإشارة الى انه إضافة الى الأوضاع الاقتصادية السلبية التي يعيش النازحون تحت وطأتها، وتخلق أزمات اجتماعية مثل الفقر والبطالة والجريمة، تثور بين النازحين، احياناً بعض النزاعات العشائرية والاجتماعية وحالات من التعصب القومي أو الإثني او الطائفي التي تشرذم النازحين، وتدفعهم الى الإقامة في ما يشبه الكانتونات او المعازل التي تتخذ شكل مخيم أو حي سكني مغلق. ويشارك النازحون بصفة خاصة وسكان محافظة القنيطرة عموماً في الحياة السياسية السورية، وينخرطون في الأحزاب السياسية، خصوصاً في قواعد حزب البعث الحاكم، وايضاً في الحياة النيابية ممثلة بمجلس الشعب السوري، حيث يمثل محافظة القنيطرة 5 نواب يراعى ان يمثلوا التركيبة الاجتماعية لسكان الجولان من مقيمين ونازحين. كما تضم الحكومة السورية الحالية وزيراً من الجولان هو وزير الداخلية اللواء بسام عبدالمجيد. إعادة إعمار القنيطرة تضمنت اتفاقية فك الاشتباك التي وقع الجانبان السوري والإسرائيلي عليها في 31 أيار (مايو) 1974 بنداً يدعو الى إعادة المدنيين السوريين الى المناطق التي انسحبت اسرائيل منها، وعلى رغم مرور 34 عاماً منذ إعادتها لسورية ما زالت مدينة القنيطرة خربة. وأكدت الحكومة السورية ان المدينة تعرضت لتدمير متعمد من قبل اسرائيل في الأيام القليلة التي سبقت انسحابها منها، بينما تنفي إسرائيل هذا الاتهام. وتبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة الموقف السوري في قرار لها رقمه 3240 معبرة عن قناعتها العميقة «بأن القوات الإسرائيلية والسلطات الإسرائيلية المحتلة كانت مسؤولة عن التدمير المتعمد الكامل لمدينة القنيطرة في خرق للبند 53 من معاهدة جنيف لعام 1949 تحت البند 147. ولم تجر اية أعمال ترميم أساسية للمدينة، وما تزال خربة حتى الآن تعرضها الحكومة السورية على زوارها وترفض إعادة بنائها. ومن جانب آخر، عملت الحكومة السورية على بناء مدينة صغيرة بضواحي القنيطرة وضواحيها لسورية، واعتباراً من عام 1975، بدأ بعض النازحين بالعودة الى منازلهم وقراهم على حذر. خصوصاً الى خان ارنبة، وبئر عجم وبريقة والحميدية. وبدأت الحكومة السورية تقديم معونات لمساعدة السكان على إعادة البناء باستثناء مدينة القنيطرة نفسها. فتمت اعادة ترميم وبناء وعودة نسبة من السكان الى الغالبية من قرى الجولان، في الثمانينات من القرن الماضي، حيث قامت بإنشاء تجمعات سكنية، أُطلق عليها «مشروع اعادة إعمار القرى المحررة». ومركز المحافظة حالياً هو مدينة خان أرنبة، وهناك عدة قرى وتجمعات سكنية أخرى. في عام 2004، أعلنت الحكومة السورية عزمها إعادة إعمار قريتي العدنانية والعشة، بحيث يتم بناء 1000 وحدة سكنية في قرية العدنانية و800 وحدة سكنية في العشة، بهدف إعادة أعمارهما وعودة سكانهما الأصليين. وقررت دمشق سنة 2004 اعادة إعمار القنيطرة والقرى المجاورة وأجرت إحصاءات لعدد النازحين منها، وشكلت أربع لجان مركزية هي: لجنة تحديد موقع المدينة ولجنة السكان ولجنة تقدير الأضرار ولجنة التوثيق، إضافة الى تسع لجان فرعية تشكلت بحسب الأحياء التي كانت قائمة في المدينة. وهذه اللجان هي: العروبة والشمالي والنهضة والاستقلال والجمهورية والنصر والشهداء والجلاء والتقدم. وزادت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في القناعة السورية بضرورة تعزيز الجولان في الخطاب الرسمي. فلم يخل خلال هذه الفترة خطاب أي مسؤول سوري من ذكر للجولان وحتمية عودته ب «التفاوض أو بالخيار الآخر، ولأن السلام هو الخيار الاستراتيجي». وفي هذا السياق، عقد مؤتمر إعلامي كبير في القنيطرة في كانون الأول (ديسمبر) 2006. وصدرت جريدة باسم «الجولان» كما باتت قضية الأسرى السوريين في السجون الإسرائيلية ملحة في المفاوضات بين المسؤولين السوريين ونظرائهم الغربيين. أحلام وردية على رغم مرور 41 عاماً على تهجيرهم بالقوة من ديارهم ما زال النازحون يحلمون بالعودة الى ديارهم. ومن بينهم اسماعل قويدر وهو فلاح سوري من قرية بطيحة غزيل شرقي بحيرة طبرية غادر منزله في الجولان المحتل عندما كان في الخامسة والعشرين من العمر اثناء حرب حزيران 1967. ما زال يحلم بالعودة الى منزله. ويقول اسماعيل الذي يعيش في مخيم الوافدين (20 كلم شمال شرقي دمشق) «أنا هنا الآن في مخيم الوافدين الذي يعيش فيه نحو 22 ألف نازح سوري من الجولان المحتل، نذرت نفسي لأن أعود على دراجة الى منزلي في بطيحة غزيل كون حالتي الصحية لا تسمح لي بالذهاب مشياً، ونأمل من الله بأن نعود الى قريتنا». ويبدو ان حلم العودة والإصرار عليه لا يقتصر على من عاش في الجولان بل انتقل من الآباء الى أبنائهم وأحفادهم فها هي ولاء الخطيب الطالبة في الصف الرابع (10 سنوات) تقول «والدي يعلمني حب الأرض وأتمنى ان تعود الأرض الى اصحابها لأن إسرائيل دولة مغتصبة لأرضنا ويجب عليها ان تعيدها». ولا بد من الإشارة الى انه من بين القضايا الرئيسة في اية معاهدة سلام بين سورية وإسرائيل، تبرز مسألة مصير المستوطنين والمستوطنات في الجولان. وخلافاً للمزاعم الإسرائيلية القائلة بقبول دمشق بقاء بعض المستوطنين في الجولان بعد الانسحاب الإسرائيلي، فإن الموقف السوري يتمثل في رفض بقاء اي مستوطن في الجولان، وعوض تقديم تعويضات للمستوطنين، يجب على إسرائيل تقديم تعويضات للسوريين الذين نزحوا من الجولان بالقوة خلال حرب 1967، وعانوا كثيراً على امتداد أربعة عقود جراء استيلاء المستوطنين على ممتلكاتهم وأراضيهم. * كاتب سوري