حينما صدر الأمر بإلغاء الاختبارات والاستعاضة عنها بالتقويم المستمر للمرحلة الأولية لم أكن حينها أدرك ماهيته الصحيحة، بالرغم من التعليمات التي وصلتنا بشأنه. وظللت أبحث وأقرأ كل ما تقع عليه عيناي وفي شأنه أن يفيدني في مسيرتي التعليمية ومع الممارسة والاطلاع اتضح لي أن التقويم يعني: إثبات جاهزية حفظ التلميذ للمعلومة وإتقانه إياها وبالتالي هو أنجع وأنجح طريقة لتفادي تدني ضعف المستوى الدراسي لدى التلميذات (إذا مورس بالشكل الصحيح وانبرى له معلم يتمتع بضمير حي، معلم يشعر بمدى المسؤولية الملقاة على عاتقه في تعليم النشء) لأن التقويم يطلب من المعلم أن يظل مع تلاميذه في عمل دائم ونشاط مستمر عبر أوراق عمل تقم لهم غايتها تحسين مستواهم وإتقان المهارات التي أخفقوا فيها فمثلا.. في مادة الرياضيات يجب على المعلم أثناء شرح الدرس أن يكون يقظا ويلاحظ أن جميع الطلاب قد أتقنوا مهارة الجمع مثلا.. وأن يتأكد من إتقانهم لهذه المهارة ليس آنيا.. حيث إن البعض يحل مباشرة على الكتاب بعد شرح المعلم، ولكن إذا طلب منه الحل بعد يومين أو ثلاثة لا يستطيع.. وهذا التلميذ لا نحكم عليه أنه أتقن المهارة لربما أنه قام باستراق النظر إلى زملائه وحل.. وبالتالي لا يحق للمعلم أن يضع لهم إشارة إتقان واجتياز المهارة.. وعلى المعلم أن يتأكد من أن التلاميذ كلهم قد أتقنوا المهارة من خلال الآتي: - استخدام ورقة عمل كل يومين حتى يتبين له.. مدى إتقان واجتياز المهارة من قبل التلاميذ. - إن لاحظ المعلم أن تلميذا ما قد أخفق في مهارة ما فعليه أن يستمر معه في تحسين مستواه حتى يتمكن من اجتياز المهارة من خلال إعداد ورقة عمل أخرى مغايرة للأولى ومختلفة في كل مرة ثم يطلب منه الحل حتى يتضح لديه أن هذا التلميذ قد اجتاز وأتقن هذه المهارة. وبالتالي يحق له ساعتها أن يضع له الإشارة التي تدل على أنه أتقن المهارة بدقة وأمانة حيث إن التقويم يعتمد على التكرار وخاصة في مادة الرياضيات لأنها وحدة متكاملة مرتبطة بعضها ببعض، فالتلميذ الذي لا يتقن مهارة الجمع ويهمله المعلم لا يستطيع بالتالي أن يتقن مهارة الطرح أو الضرب أو القسمة. - ولكن لوحظ أن بعض المعلمين يعتمد اعتمادا كليا على تقييم التلميذ في مادة الرياضيات على الكتاب وحده، وهذا وربي قمة ضياع الأمانة، لأن الرياضيات، كما قلت، يلزمها التكرار والكتاب لا يحدد مستوى التلميذ دائما؛ لأن البعض فهم أن التقويم إلغاء لما هو كل نشاط كتابي خارجي مستمد من الدرس نفسه وجعل اعتماده الكلي على الكتاب المدرسي فقط. - وبعض المعلمين يضع إشارة إتقان المهارة للتلميذ للتخلص من كثرة العمل الذي يتطلبه التقويم. - والبعض الآخر أيضا يضعها للتخلص من التبعات التي سوف تحصل له إن لم يضع الإشارة وخاصة إن كان يعمل في مدرسة أهلية حيث إن بعض الأهل، هداهم الله (مع قلة وعيهم وإدراكهم)، يريدون أولادهم في تفوق دائم ما دام أنهم يدفعون الرسوم الدراسية، إذن من حق أبنائهم أن يحصلوا على إشارة اجتياز المهارة بالرغم من أن التلميذ لا يستحقها. - والبعض يضعها بدون إدراك عاقبتها الوخيمة التي سوف تظهر لاحقا وتنعكس على مستوى التلميذ في سنوات الدراسية المقبلة، ويظهر تدني مستواه التعليمي. - أما في بقية المواد فالمهارات متكررة دائما وأبدا في كل درس يستطيع المعلم أن يكتشف إخفاق بعض التلاميذ وبالتالي عليه تحسين مستواهم، فمثلا.. القراءة.. التكرار بالقراءة النموذجية الصحيحة والتدريب على القواعد الإملائية المطلوبة في كل درس من خلال أوراق عمل تمكن التلميذ من التذكر والتدريب على الإملاء وتحسين الخط. هذا ما أحببت أن أوضحه وآمل أن أكون قد وفقت فيما كتبت، لعل الله سبحانه ينفع بها وينفعني بها، ولا أبتغي غير الأجر والمثوبة من الله، وحتى نستطيع أن نكون قد أدينا الأمانة على الوجه الأكمل في التعليم، لأن مسؤولية التعليم مسؤولية عظيمة.. حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤُولُونَ } إنها تخاطب كل ذي لب.. فكم لهذه الآية العظيمة من إجلال وإكبار.. لأنها جاءت من عظيم وكبير..