أكدت مجموعة من الأبحاث في علوم المناعة أن الاندماج في المجتمع وعمل الخير والعطاء والإيثار أكثر نفعاً لصاحبها من المؤدى له، وأن أداء الأعمال الخيرية أحد عناصر العلاج النفسي المؤثر. ففي دراسة لعالم الوبائيات الأمريكي (جيمس هاوس) بجامعة (متشيجان) على 2700 أمريكي عن تأثير العلاقات الاجتماعية على معدلات الوفاة أكد الدكتور (هاوس) أن مجرد كون الانسان يعيش فقط بعيداً عن الناس يؤدي ذلك الى زيادة معدل الوفاة؛ لأن الحياة تصبح بالنسبة له لا معنى لها، فيعكس ذلك اضطرابات نفسية إما بالتخلص من الحياة أو السبب في الوفاة خصوصا بين الرجال، حيث لوحظ أن معدل الوفاة نفسيا لغير المترابطين اجتماعيا أو من يعيشون في ظل ظروف اجتماعية وضيعة قد تجاوز معدله أكثر من 250% بالمقارنة بمن يعيشون حياة مستقرة اجتماعيا، وهذا من حيث الاعتلال النفسي والمرض.. (فالوفاة بأمر الله). كما أظهرت دراسات أخرى نتائج مشابهة دامت تسع سنوات أجرتها عالمة الوبائيات الامريكية (ليزا بيركمان) بجامعة كاليفورنيا على 7000 حالة على المقيمين بإحدى القرى التابعة للولاية أكدت أن النسبة تصل إلى 200% بالنسبة للأمراض النفسية وتأثيرها على معدل الوفاة بين من يعيشون العزلة في المجتمع وبين الأصدقاء والأقارب وعدم المسارعة والتقارب مع الناس بفعل الخير والاندماج مع المجتمع. وتؤكد الدراسة أن مريض الضغط النفسي البذل والعطاء يساعده على التغلب على مشكلته؛ وذلك بالشعور بالدفء العاطفي مع إفراز مادة (الأندروفين) التي يفرزها المخ عند الإحساس بالراحة النفسية. ويؤكد العلماء أيضا أن أعمال الخير والأفعال الطيبة يمكن أن تعود على الجهاز المناعي للجسم بعظيم الفائدة، حيث يرتبط الجهاز المناعي للجسم مع حالة استقرار النفس برباط وثيق؛ إذ تربط الموصلات العصبية بين المخ ونخاع العظام، كما يقوم الطحال أيضا عقب الارتياح النفسي بعمل الخير بانتاج خلايا مطلوبة لحماية الجسم من الغزو الميكروبي مثل مادة (تغتسين). فالدراسات ترشد المرضى بمساعدة الآخرين والعمل من أجلهم تحسينا لأحوالهم النفسية ومن ثم العضوية، وبالتالي تقوية قدرة الجهاز المناعي لديهم، حتى الأصحاء يساعد ذلك في تقوية الجهاز المناعي لديهم والنتائج الايجابية بعمل الخير من صلح بين المتخاصمين إلى آخره... فأعمال الخير بدون مصلحة منتظرة تعجل بشفاء المريض النفسي، وكذلك حالات التئام الجراح النفسية والجسمية؛ لأن الايثار له آثاره الايجابية على الراحة النفسية حتى للأصحاء، حيث كشفت الدراسة لنتائج تحاليل اللعاب لمن شاركوا في خدمة الفقراء والمرضى زيادة واضحة في بروتين المناعة من النوع (أ) وهو مضاد حيوي له دور مهم في تغلب الجسم على المكيروبات التي تصيب الجهاز التنفسي، وهذا يعكس مظاهر الارتياح النفسي في رمضان لفعل الخير والصدقات وخدمة الفقراء إلى جانب الارتياح الروحي بالعبادة في شهر الخير والغفران.