لا يوجد اليوم على هذا الكوكب أمة لا تقدم تعليماً لشعبها، ومن مظاهر التعليم التي تراها في الدول المتقدمة والمتخلفة على حدٍّ سواء أن تشاهد أبنية مدرسية شامخة في كل مكان، وترى جموع الطلاب يغدون إلى مدارسهم كل صباح وهم يحملون حقائبهم، وترى المعلمين وهم يتنقلون بين فصولهم، وترى الطلاب يستعدون لاختبارات حاسمة، وترى لقاءات واجتماعات على كل المستويات.لكن حقيقة التعليم لن تراها إلا في طبيعة وجوهر ما يجري داخل المدرسة من برامج تربوية متقنة وتفاعلات بين الطلاب والنظام المدرسي، وفي كفاءة النظم الإدارية التعليمية ومرونتها، وفيما يتوفر للطالب من مناخ أسري يثري تعلمه ويحترم كرامته وعقله، وفي مدى طموح وحماس وإخلاص القيادات التربوية ووضوح الرؤية لها وعمق إيمانها بقيمة التعليم، وفوق ذلك كله في تفهم ودعم القيادة العليا لبرامج التعليم.لم يعد العالم اليوم يسأل السؤال التالي: هل وفرنا التعليم لكل طفل ويافع؟ وأصبح السؤال الأهم هو: هل نحن نعلم طلابنا ليفهموا واقعهم ويتفاعلوا معه تفاعلاً واعياً ومنتجاً وليواجهوا تحديات مستقبلهم القادمة؟ بكلمات أخرى: هل نحن نقدم تعليماً يعزز لدى طلابنا قيم الإنجاز والإتقان وينمي لديهم مهارات التفكير وملكات التحليل والاستقصاء، ويستثمر كل ذلك من أجل مستقبلهم ومستقبل وطنهم ومجتمعهم الإنساني؟ إن تعليم لا يحرِّكه ولا يشغله مثل هذا السؤال هو مجرد عبء على ميزانيات الدولة.