هي رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وأمها بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، عمة عثمان بن عفان (رضي الله عنه).تزوجها عبيدالله بن جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة حليف حرب بن أمية، فولدت له حبيبة، فكُنِّيت بها، فتزوج حبيبة داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وكان عبيدالله بن جحش هاجر بأم حبيبة إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فتنصر وارتد عن الإسلام وتوفي بأرض الحبشة، وثبتت أم حبيبة على دينها الإسلام وهجرتها، وكانت قد خرجت بابنتها حبيبة بنت عبيدالله بن جحش معها في الهجرة إلى أرض الحبشة ورجعت بها إلى مكة، وبعد انقضاء عدة أم حبيبة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الغمدي إلى النجاشي ملك الحبشة فخطب له أم حبيبة بنت أبي سفيان، فزوجها إياه وأصدقها النجاشي من عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، فأرسلت أم حبيبة إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أمية (وهو أقرب الناس إليها في الحبشة) فوكلته بتزويجها، فلما كان العشي، أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين، فحضروا فخطبهم فقال: الحمد لله الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم عليه السلام. أما بعد: فإن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله، وقد أصدقها أربعمائة دينار. ثم تكلم وكيلها خالد بن سعيد، فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله وزوجته أم حبيبة.. فبارك الله رسول الله ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج فدعا بطعام، فأكلوا وتفرقوا.. وكان ذلك سنة سبع من الهجرة. وجهزها النجاشي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة إلى المدينة، وكان لها يومذاك بضع وثلاثون سنة، ولما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ابنته، قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه، (يعني أنه كفء كريم لا يُرد). ولما شاع في أرجاء الجزيرة أن قريشاً نقضت عهد الحديبية ولاحت نذر الخطر في مكة اجتمع قادتها يتشاورون في أمر محمد، الذي يوشك أن ينقض عليهم، وقد صاروا يهابونه ويحسبون له ألف حساب.. ثم استقر رأيهم على أن يوفدوا رسولاً منهم إلى المدينة يفاوض محمداً صلى الله عليه وسلم في تجديد الهدنة، وقد أجلها عشر سنين فاختاروا لذلك أبا سفيان بن حرب. وخرج أبو سفيان مكرهاً يريد المدينة، فلما بلغها أشفق من لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فقصد ابنته (أم حبيبة) وفوجئت هي به يدخل بيتها، وتقدم ليجلس على الفراش فما راعه إلا ابنته رملة التي اختطفت الفراش وطوته عنه، فقال لها: أطويته يا بنية رغبة بي عن الفراش أم رغبة بالفراش عني؟ فقالت: هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤ مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس عليه. قال: يا بنية أقد أصابك بعدي شيء؟ فقالت: هداني الله للإسلام، وأنت يا أبي سيد قريش وكبيرها كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام وأنت تعبد حجراً لا يسمع ولا يبصر؟ فقال: يا عجباً، وهذا منك أيضاً، أأترك ما كان يعبد آبائي وأتبع دين محمد، ثم قام من عندها، وذكر الحديث. يُروى أنها روت عدة أحاديث، وقد حدث عنها أخوها الخليفة معاوية وعتبة، وابن أخيها عبدالله بن عتبة بن أبي سفيان وعروة بن الزبير، وصفية بنت شيبة، وزينب بنت أبي سلمة وآخرون. وقال خليفة بن خياط : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ست ودخل بها سنة سبع من الهجرة.. وسمعت أم حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم وحدثت عن زينت بنت جحش عنه عليه الصلاة والسلام، وأيضاً روت عنها زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد في الجنائز والنكاح والطلاق وبدء الخلق، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم والفتن. يُروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما بين الضرائر فغفر الله لي ذلك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله، وتجاوز، وصلك من ذلك. فقالت: سررتني سرّك الله. وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك، وتوفيت سنة أربع وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان. ويروى أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة سنة ست من الهجرة وتوفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين.