* طبرجل - سليمان الأفنس الشراري: الحديث عن اليوم الوطني المجيد حديث ممتع وشيق فهو ذكرى عظيمة لحقبة من تاريخنا السعودي العظيم وحينما يتحدث المعمرون والمسنون عن اليوم الوطني فهو حديث من نمط آخر، فالتجربة والخبرة هما اللتان تتحدثان عن وقائع حقيقية وكلتاهما شاهد حال على الماضي والحاضر، فقد حرص عدد من المسنين والمعمرين في مركز العيساوية للحديث للجزيرة عن اليوم الوطني فكان هذا الحديث: هنيئاً للأجيال يقول المواطن حريب العشيشان الشراري (مسن) لقد عايشت سنوات هذا اليوم ولم يكن بما يراه هذا الجيل باعتقادي فالتجربة المرة التي كان يعيشها الجيل الماضي هي التي تجعل من أي شخص عاصر الماضي بمرارته يرى ان الاحتفال باليوم الوطني واجب محتم لما يحويه هذا اليوم الوطني من معانٍ كثيرة لقد زال الخوف وأمنت البلاد وسار الناس بكل حرية بغرب المملكة وشرقها بعد ان كانت الحياة قاسية أصبحت ميسرة وبعد ان كانت المعيشة صعبة للغاية اصبحنا نعيش عصر الرفاهية والخير والنعم فحمداً لله تعالى على هذا العطاء وهنيئا لهذا الجيل والأجيال القادمة بعصرها الذهبي المزدهر.. لقد عايشت هذا اليوم وأنا طفل صغير وكان والدي يحرص على ان يسافر كل عام على الإبل مسافات كبيرة من أقصى الشمال إلى الرياض لغرض تجديد البيعة للملك عبد العزيز وكنت أرافقه دائما ولم اعلم حينها أهمية ان يسافر هذه المسافة الشاسعة لأجل ان يمد يده بيده الا حينما ترعرعت ورأيت ما رأيت من الخير والفارق الكبير الذي كان فعلمت ان تلك المسافة قصيرة في سبيل ان يستحق الملك عبد العزيز هذا الحرص في السفر له لأن يحظى بشرف مقابلته رحمه الله رحمة واسعه وجزاه الجنة عما فعل. ويتحدث (المعمر) فلاح محمد الهرجاف الشراري بقوله: لقد استطاع الملك عبد العزيز رحمه الله ان يوحد كياناً كبيراً ويجمع اشتات القبائل والأسر والشعوب المتقاتلة والمتناحرة.. حينما كنت في ريعان شبابي عملت في الطائف في الجيش السعودي عام 1368ه وقد كان الملك عبد العزيز يأتي إلى مكةالمكرمة في أيام الحج وكنت ضمن الحرس الخاص على مخيمه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.. كان رجلا عظيما بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. يرأب الصدع ويحرص على لم الشمل ويتغاضى عن المخطئ بقدر ما يستطيع قلبه رحيم وباله واسع ونفسه مشرئبة إلى لقاء شعبه.. لقد كانت أفضل أيام حياتي حينما كنت في شرف حراسته وكنت أسمع عنه الشيء الكثير وحينما كنت صغيرا أتذكر تلك الوفود التي تشرفت للسلام عليه اذكر منهم الشيخ فاضل العشيشان ووفود أخرى من كبار مشايخ القبيلة ووجهائها كنا نسافر على ظهور الإبل نتجشم المسافات لأجل السلام عليه وكنا نحظى بأفضل ما يكون من الضيافة، كان عبد العزيز يحرص على ان يقف بنفسه لمتابعة احوال القادمين للسلام عليه ويسأل عنهم وكان يحرص على أن يسأل عن سلامة وصولهم بعودتهم إلى ديارهم. كانت زيارة تلك الوفود متعة لا بعدها متعه حينما يأتون محملين بالأخبار والأحاديث الجميلة عن الملك عبد العزيز كان تجديد البيعة كل عام أمراً يحرص عليه المشايخ والوجهاء وكانت أياماً لا تنسى.. فالملك عبد العزيز وحد الأرض ووحد القلوب وآمن المسالك والمنازل والديار فاستحق الثناء واستحق ان يدعى له بالخير والجنة رحمه الله رحمة واسعة. لقاؤه متعة ويذكر الشيخ ضيف الله فاضل العشيشان (مسن) بقوله: نسأل الله تعالى ان يديم علينا نعمة الأمن والخير رحم الله الملك عبد العزيز وطيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته.. كان رجلا يحمل راية الخير والسلام.. كان رجلا فريدا من نوعه من الرجال الأفذاذ الذين استطاعوا بفترة وجيزة وبظروف صعبة للغاية ان يلم الشمل ويجمع الأمة ويوحد الكلمة والهدف كانت مقدرته رحمه الله في الإقناع فريدة من نوعها حينما يحدثك تتمنى ألا يسكت وان يطول الحديث معه كان رجلا يعرف مقاصد الرجال ويفهم الإشارة بمقدار يفوق الوصف سريع البديهة له من الفراسة ما يعجز الوصف عن ذكره كان رجلا يشعرك أنك من قومه المقربين ويشعرك أنه أقرب ما يكون إليك يسلبك اللب فيبقى ذكرى جميلة لا تنسى في لقائك معه.. علمنا آباؤنا ان نتواصل العهد معه ونتمنى ان يبقى أبناؤنا على عهدنا له مابقينا في هذه الحياة فهو رجل دين يشعرك أن لا فرق بين حاكم ومحكوم.. انها أفضل ما يكون من الصفات التي كان يتميز بها.. كنت أذهب مع والدي الشيخ فاضل العشيشان في كل سفراته للرياض على ظهور الإبل وكنا نقطع المسافات بأشهر وليس بأيام وعلى الرغم من بعد المسافة ومشقة السفر إلا أن مقابلتنا للملك عبد العزيز من أفضل ما يكون تشعرنا بالراحة وتذهب عنا وعثاء السفر وبعد المسير ومشقة المسافة والمسالك.. نعود فرحين مستبشرين بمستقبل واعد لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية وكانت أمانينا حقيقة تتبلور في كل عام وفي عهود ابنائه الأخيار من بعده .. لقد عاش الشعب السعودي حياة رغد وحياة أمن ويعلم الله يا بني ان الأمن يعادل كل ما نعيشه نسأل الله دوامه وان يحفظه وان يحفظ ولاة أمرنا. ويقول المواطن مرجي قميش الخيال الشراري (مسن) ان اليوم الوطني له مكانة خاصة في قلوبنا حيث يذكرنا بتوحيدها الكيان الشامخ على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه.. منذ صغري وانا اعايش اليوم الوطني بغير الشكل المعمول به اليوم باحتفاء إعلامي كبير كان يأتي هذا اليوم تلقائيا ويحسب له الحساب ويعد ما بقي من حلوله في أيامهم التي يعدون ويؤرخونها ثم يذهبون للرياض جماعات أو وفودا على ظهور الإبل ويحرصون على هذا بل انهم يوصون أبناءهم على ان يؤدوا واجب البيعة وتجديدها كأي واجب ديني يحرصون على ادائه وكانوا في ذلك كالشاكرين لله سبحانه وتعالى على ما من عليهم من عطاء الأمن والرخاء والمحبة والأخوة.. كان الركبان حينما يعودون بما يعودون به من خير وأخبار خير يتحدثون عن تلك الصداقات والمعارف الجديدة في الرياض والقصيم وحائل وغيرها من مناطق نجد التي يمرون بها كانوا يتحدثون عن صداقات ومعارف جديدة.. كان السفر للملك عبد العزيز يثبت أواصر الألفة والمحبة والتآلف بين قلوب الشعب ويؤثق اواصر عرى الصداقة وترابطا لأسرة الواحدة والشعب الواحدة كانت افعال الملك عبد العزيز عملا حقيقيا يثبت اهداف أقواله التي تتحقق افعالا حقيقية.. عدله فاق الوصف وحلمه اعجب كل من عرفه وكرمه لا يوصف فلقد كان الملك عبد العزيز يحمل في طياته أمة في رجل كنت استمع إلى عمي الشيخ فلاح الخيال وهو عائد من السفر وكان يحدثنا عن صفات الرجل الموحد واشتقت إلى مرافقته بعد سماعي لأقوال عمي وحينما قابلته وجدتني أجد أكثر مما سمعت بل انني رأيت ان القول فيه لا يكتمل لكثرة محاسنه رحمه الله رحمة واسعة وجعل ماعمل في نشر الخير والمحبة في موازين اعماله الصالحة واسكنه فسيح جناته ووفق الله ولاة امرنا وأعز وطننا وحفظ الله امتنا انه سميع مجيب. حديث يتجدد ويقول المواطن صالح سلامه سالم الشراري (مسن): كان الملك عبد العزيز من الرجال الذين استطاعوا ان ينأوا بأوطانهم بمنأى ينعمون به بالخير والأمن بينما كان عصره مضطربا فيه القلاقل اكثر مما يكون.. فعاش شعب المملكة العربية السعودية بالأمن والرخاء والمحبة والألفة واتجه الجميع إلى المشاركة الجماعية لبناء هذا الكيان الكبير وكان أبناء الملك عبد العزيز من بعده يتفانون في سبيل العطاء والخير والمحبة على نهج والدهم المؤسس والموحد لهذا الكيان الكبير.. إن الحديث عن اليوم الوطني حديث لا يمكن ان ينحصر في ورقة أو ساعة أو يوم ولكنه حديث يبقى امد الدهر يتجدد بكل مفاهيم العبرة بما حققه الملك عبد العزيز من معجزة نادرة في عصره لا تزال مبهرة إلى اليوم لم يذهب بريقها بل انها تزيد ابهارا وأكثر إعجابا بما حققه هذا البدوي على ظهر إبله بهذه المسافة الشاسعة وتلك القبائل المتناحرة والمتقاتلة ليحولها إلى أسرة متحابة متكاتفه متآخية كأبناء البيت الواحد بل أكثر مما أقول وأعجز عن تعبيره والحديث عنه لأن الحديث عن الماضي حقيقة واقعة لا يعدها بعض المرجفين الا ضرباً من الخيال والتخيل.. لقد تحققت بالجزيرة العربية في هذا العصر معجزة ستبقى حديثا امد الدهر ما بقيت هذه الحياة واليوم الوطني رمز من رموز الاحتفاء لعلنا في هذا اليوم نستذكر الماضي وندعو الله سبحانه للملك عبد العزيز وابنائه الأخيار من بعده بأن يثيبهم الله الأجر والثواب على ما قدموا لدينهم ولوطنهم ولشعبهم ولأمتهم. وقد تحدث المعمر الشيخ ظمران لافي الدوكة الشراري بقوله ان الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى استطاع ان يبني اسس الحضارة السعودية الحديثة والحديث في هذا يطول ولعلني اضرب مثالا بسيطا من الأعمال الجمة والكثيرة التي اسسها المغفور له الملك عبد العزيز وهي الهجر وتوطين البادية وهو مشروع عملاق كان من المستحيل ان يوطن البدو إلى حاضرة وكان للملك رحمه الله ما أراد من خلال رسائله ورسائل منصوبيه في المناطق لكبار الشخصيات والوجهاء والمشايخ في حثهم على التحضر لما فيه من الاستزادة في العلم والحفاظ على صحة الإنسان واستقراره وسهولة تأمين معيشته.. ولقد عايشنا عددا من تلك المشاريع التي كنا نراها وإلى اليوم بالمستحيلة بل إنها من اكبر المشاريع التي ارى ان عبد العزيز قد عمل لها ونجح بها نجاحاً كبيراً وأكمل المسيرة من بعده الملك سعود رحمه الله حيث عايشت في عهده انعاش مشروع بادية وادي السرحان وهو مشروع أسس كثيرا من القرى والهجر الزراعية وأسس قرى وهجرا تعتبر اليوم من أكبر مدن الشمال وجاء فيصل رحمه الله وكان داعما قويا لتلك الخطط ثم الملك خالد وفهد ولا تزال عجلة التطور والدعم سخية كريمة متواصلة إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفقه الله وسدد بالخير خطاه.. انها انموذج يا بني عايشته كان فيه من الصعاب ما كان إلى ما ترى من المدن الحضارية المزدهرة والمتطورة والتي تنافس أكبر المدن العالمية حضارة وها هم البدو الرحل اليوم أصحاب أكبر مشاريع زراعية عملاقة تصدر للخارج نتاج زراعي وأمن غذائي ننهل منه بحمد الله وفضله ثم دعم سخي من دولتنا المعطاء. مواقف مشرفة وتحدث عن اليوم الوطني المسن علي مبارك الحويان الشراري حيث يقول: الملك عبد العزيز طيب الله ثراه استطاع بفطرته وحنكته ان يشمل كافة امور الحياة في مملكته الموحدة والتي استطاع ان يبذل قصارى جهده رحمه الله ان يكون البناء مكتمل الركائز والأسس والدعامة القوية التي تبنى عليها اجيال واجيال قادمة.. وكانت البادية هي من الأمورالتي اهتم بها رحمه الله فبالإضافة إلى دعوته إلى تهجير اغلبيتهم الا انه لم يقس على من لم يتوافق مع تلك الرغبة عن جهل وعن عدم قناعة وكان يسأل رحمه الله عنهم ويتابعهم في أمور معيشتهم حيث يرسل لهم المؤن ويحفر لهم آبار السقياء في أماكن نائية ويرسل لهم المعلمين ليعلموا أولادهم كان المعلم يرحل مع البادية كأي بدوي ومع هذا فكان رحمه الله سلسا في التعامل مع البادية الرحل بالإقناع والإحسان والتودد والمتابعة كأب للجميع وتعويض من هلكت ابله أو اغنامه واحتوائه ودعمه وتشجيعه على تعليم ابنائه وكان يعطي ابناء البادية ضعف أبناء الحاضرة تشجيعا لتعليمهم وهذه من المواقف المشهود له فيها رحمه الله تعالى لم يكن قاسيا ولم يعاقب لرفض دعوته للتحضر بل انه كان أبا وأخا وراعيا حنونا على الجميع.. كانت مواقف الملك عبد العزيز مواقف مشرفة، أحبه الجميع وحينما رحل بكى الجميع عليه وحزن العالم من أجل رحيله وبقيت ذكراه العطرة اجمل ما يكون ان تتداول كنبراس ومثال حي على العزيمة القوية البناءة في العمل المخلص لدينه ولوطنه ولشعبه رحمه الله رحمة واسعة.