تنشأ العداوات بين الناس وذلك من وجوه مختلفة ولأسباب متنوعة فتكون محصلتها في بعض الأحيان وبحسب مدى تأثيرها وقوة فاعليتها الحروب والاقتتال، فينزل الدمار بسببها على الطرف الضعيف، وهذا شيء معروف في تاريخ العالم قديمه وحديثه، لكن الذي يلفت النظر في أدبيات الحديث عن العداوات أن الحسد يكون سببا من أسبابها. لذا فإننا نسمع ما يقال ونقرأ الكثير مما يكتب عن المعاناة من الحسد الذي يبلغ بصاحبه درجة التفريق بين المتحابين ومناصبته العداء لمحسوديه. والعشاق هم أكثر من يتذمرون من الحساد لأنهم يؤمنون بأن الحساد يسعون إلى إفساد ما يقوم بين المتعاشقين. والشعراء هم أيضا يعلنون حربهم على حسادهم بالهجاء حينا وبالدعاء عليهم حينا آخر. وابن زيدون واسمه: أبو الوليد أحمد بن عبد العزيز بن زيدون 394-463ه واحد من الشعراء الذين آلمهم سعاية الحساد بينه وبين محبوبته ولادة بنت المستكفي، حيث أعلن بوحه بذلك في نونيته المشهورة التي أقف منها عند قوله الذي ترجم فيه ما أنا بصدده في هذا الموضوع، حيث جعل الدهر مؤمنا لدعاء حساده عليه بأن يغص بالهوى: غيظ العداء من تساقينا الهوى فدعوا بأن نغص فقال الدهر: آمينا*