الحب يجعل الرقيق الأنيق بطبعه أكثر رقة وأناقة ..ويجعل الرجل الجلف الغليظ الذي لا يهتم بالنظافة ولا الأناقة أقل غلظة وجلافة وأكثر رقة ونظافة ..والسبب واضح ، وهو أن المحب يريد أن يكون لائقاً في عين الحبيب .. كما ان الحب بطبعه يسمو بالذوق ويرهف الحس ، ويجمّل الأخلاق ، ويجعل الانسان أكثر حناناً وأغزر شعوراً .. وإذا كان الحبيب فيه وداعة وعذوبة ورقة فإنه يشغف القلب حباً، ويشغل بال عاشقه ليل نهار. من هو حبيبك غايتي بس أهنيه...على حسن حظه عشانك حبيبه والحب الصادق الصادر من القلب يجعل الرجل يعشق النجاح ويحب الكفاح لكي يكون لائقاً بمحبوبه الذي يرا أنه فريداً بشكله وطبعه . كما أن المحب العفيف يتحلى بحسن الأخلاق وجمال الطباع ليروق لمحبوبه كما قال الإعرابي : ويهتزّ للمعروف في طلب العُلا لتُحمد يوماً عندَ ليلى شمائله يقول أبو القاسم الشابي في رقة المحبوبة و وداعتها وعذوبتها : عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللحن كالصباح الجديد كالسماء الضحوك .. كالليلة القمراء .......كالورد .. كابتسام الوليد أنت أنت .. أنت ما أنت؟ ....أنت رسم جميل عبقري من فن هذا الوجود أنت تُحيين في فؤادي ما قد مات ....من أمسي السعيد الفقيد وتبثين رقة الشوق والأحلام .....والشدو والهوى في نشيدي يالها من وداعة وجمال ....وشباب منعّم أملود أنت روح الربيع تختال في الدنيا .....فتهتز رائعات الورود * * * ويقول الأمير بدر بن عبدالمحسن : ما سألته .. اسمه.. عنوانه .. مكانه .. ومرني .. أجمل زمانه .. مر في قلبي وراح .. خطوته مست جراح .. آه .. مديت النظر .. وآه .. جرحني النظر .. وما سألته كيف .. ضيعته خجل .. يا إنت .. خبرني من إنت .. جرحتني وين الدوا .. وين إنت .. انامين انادي ..وليه أنادي .. من أي وادي العطر .. من أي شمس النور .. ولا الشجن من أي شارع .. وما سألته كيف .. ضيعته خجل .. ما سألته ما مداني .. كلها كانت ثواني .. حرف من خوفي قتلته .. وحرف عانقني وعصاني .. بس وقفت ف مكاني .. آه .. مديت النظر .. وآه .. جرحني النظر .. وما سألته كيف .. ضيعته خجل .. فالخجل هنا انعكاس للرقة والذوق والحياء والأخلاق الكريمة ... ويقول الأمير سعود بن بندر (وشدا بها طلال بن مداح رحمه الله) : من هو حبيبك غايتي بس اهنيه على حسن حظه عشانك حبيبه أنا اشهد ان الله يحبه ومعطيه اللي هداك الرب تصبح نصيبه ياللي خذيت من الحلا كلما فيه ومن الطبع كل الخصال الحبيبة تسحر بهمساتك عقل من تحاكيه مع خف دم وملح ما ينحكى به لك حق يوم تموق وتحس بالتيه الله وهبك أوصاف زين غريبة قبلك وأنا بعض الجمال التفت فيه وعقبك ظهر في كل من شفت عيبه وهذا الشعور الرقيق نابع من عمق الحب الذي دفع الشاعر الى التضحية والإيثار والحرص على سعادة محبوبه .. ويذكرنا هذا -مع الفارق- بجزء من أغنية عبدالحليم حافظ : فين راح الشوق من قلبه والرقة والحنيّة اللي حيتهنا بحبه لو يعرف يبكي عليّه * * * حتى مع البعد والفراق لا يزيد العشاق الا رقة ووفاء يقول ابن زيدون في ولادة بنت المستكفي : أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛ وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا، فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم، هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ زينَا بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا، يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛ وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ً قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما كُنْتُمْ لأروَاحِنا إلاّ رَياحينا لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا؛ أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا! وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا يا رَوْضَة ً طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا ويَا حياة ً تملّيْنَا، بزهرَتِهَا، مُنى ً ضروبَاً، ولذّاتٍ أفانينَا ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ ، في وَشْيِ نُعْمَى ، سحَبنا ذَيلَه حينَا لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً ؛ وَقَدْرُكِ المُعْتَلي عَنْ ذاك! يُغْنِينَا إذ ا انفرَدَتِ وما شُورِكتِ في صِفَة ٍ، فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً وتبْيينَا أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً، فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ، إنْ شَفَعتِ بهِ بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا إليكِ منّا سَلامُ اللَّهِ ما بَقِيَتْ صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا طلال مداح أبو القاسم الشابي سعود بن بندر