* أحمد عبد العزيز أبا الخيل : كل من له شأن ولو كان بسيطاً بالعلاقات الدولية يدرك تماماً أن المملكة تحتل مكانة عالمية مرموقة أهلتها لأن تكون عنصراً فاعلاً في المجتمع الدولي وعلى مختلف المستويات والقضايا. وقد كتب عن المملكة مئات الكتب وآلاف المقالات التي تتناول بالتحليل والتفسير النقلات التطورية الحضارية للمملكة وعلاقاتها الخارجية كأنموذج دولي يحتذى به. وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى كتاب مهم جديد لسفير جمهورية أذربيجان في المملكة العربية السعودية الدكتور إيلمان أراسلي فقد بيَّن السفير في كتابه أهمية الدور السعودي المتنامي على مختلف الأصعدة، سواءً من حيث دور المملكة كقوة اقتصادية عالمية، باعتبارها من أهم مصدري البترول في العالم أجمع، أو من حيث دورها الديني باعتبارها قبلة لكل مسلم في أنحاء المعمورة، وأهميتها على مستوى الوطن العربي أو على مستوى العالم. وقد تطرق المؤلف لطبيعة الحياة في المملكة وعلاقاتها مع المسلمين ومع الغرب عبر سياسة واضحة وراسخة تقوم أساساً على التقارب ونبذ كل ما يفرق ويشتت. كما تحدث المؤلف عن المملكة من واقع تجربته كدبلوماسي عاش لمدة ثمانية أعوام في المجتمع السعودي. وقد أشار السفير إلى أن المملكة ترتبط بعلاقات سياسية وعسكرية وتجارية واقتصادية دقيقة مع دول العالم. وأكّد أن من أوليات السياسة الخارجية للمملكة غلق الأبواب أمام تصاعد جميع أشكال الخلافات بين الحضارات ومظاهر التطرف.. ولأننا قريبو عهد بفقد الملك الشجاع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - فإنه يمكن الاستدلال فيما للمملكة من أهمية دولية من خلال ذلك الحضور المكثف لقادة الدول والمنظمات العالمية لجنازة مليكنا الراحل. ويمكن استحضار تلك المشاهد المؤثرة للمعزين في الجنازة المهيبة للملك الشجاع. فقد حضر معظم قادة الدول الإسلامية والعربية، إضافة إلى قادة من دول العالم كفخامة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، ودولة نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد ديك تشيني والوفد المرافق له، الذي ضمَّ فخامة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الأب، ووزير الخارجية الأسبق كولن باول، وملك مملكة إسبانيا خوان كارلوس، وحاكم عام أستراليا اللواء مايكل جفري، ومعالي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي. هذا عدا المكالمات الهاتفية ممن لم يستطع الحضور للتعزية في وفاة الملك الشجاع. وذلك الإقبال الواسع لتلك الشخصيات الدولية الكبيرة على تشييع الراحل الكبير دليل واضح على ما تحظى به المملكة من اهتمام عالمي.. إن هذا الاهتمام الدولي بالمملكة لم يأت من فراغ، وإنما أتى بفضل الله تعالى ثم بفضل ما تتمتع به المملكة من مقومات حضارية عديدة، وعلى رأسها القيادة السياسية المتزنة، التي استطاعت أن تبني بخبرتها وسلامة طويتها علاقات صداقة واسعة ومتينة مع دول العالم، الأمر الذي جعل لها كلمة مسموعة، وحضوراً كبيراً في مختلف القضايا التي تهم المجتمع الدولي، ولاسيما فيما فيه مصلحة للعالمين العربي والإسلامي. ولقد أهلت المملكة لهذه المكانة الدولية الكبيرة، التي يشهد لها القاصي والداني من القادة والدبلوماسيين والخبراء وعامة الشعوب، مجموعة من العوامل الدينية والاقتصادية والسياسية، وغيرها من العوامل المؤثرة، والتي يندر أن تجتمع كلّها في دولة من الدول. ومن أهم هذه العوامل الفعالة وجود الحرمين الشريفين أقدس بقاع الأرض على الاطلاق، في كل من مكةالمكرمة التي ييمم أكثر من مليار مسلم وجوههم شطرها كل يوم خمس مرات، ويحضر إليها كل عام ملايين الحجاج والمعتمرين. والمدينة المنورة، طيبة الطيبة، حيث مسجد وقبر سيد البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. إن وجود الحرمين الشريفين على أرض المملكة وضعها في قلب العالم الإسلامي، وجعلها محط أنظار المجتمع الدولي بأسره، وأعطاها ثقلاً دينياً وسياسياً كبيرين وحملها من المسؤوليات الجسام ما لم تحمله أية دولة إسلامية أخرى. ومن الأمثلة على هذه المسؤوليات خدمة حجاج بيت الله الحرام، وزوار قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي خدمة لا شك أنها تتطلب قدراً فائقاً من الإحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتق ولاة أمر هذه البلاد حفظهم الله تعالى، وأعانهم على خدمة دينه. وقد أثبت ولاة أمر هذه البلاد المباركة منذ عهد المليك المؤسس عبد العزيز أنهم على قدر المسؤولية الكبيرة. ولذلك فإن المجتمع الدولي - شرقه وغربه - ينظر إلى المملكة على أنها واجهة العالم الإسلامي، وقلبه النابض والمتدفق، وبالتالي فإن أي سياسة تتخذها المملكة يكون لها صدى واسعاً يتردد في أنحاء العالم، وتفرد لها مساحات واسعة من القراءة والنظر والتفسير. إن هذا الثقل الديني الكبير للمملكة حتم عليها اتخاذ سياسات من شأنها أن تكون في صالح العالم الإسلامي ودعماً لقضاياه العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين، وقضايا الأقليات المسلمة في العالم، والدعوة إلى الله عزّ وجلّ، وغيرها من القضايا ذات البعد الإسلامي. ولذلك فإن أي حدث يمس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يجعل المراقبين ينظرون إلى المملكة وما ستتخذه من سياسات في التجاوب مع هذا الحدث أو ذاك. ومن العوامل التي منحت المملكة ثقلاً كبيراً في المجتمع الدولي امتلاء باطن أرضها -بفضل من الله وكرمه - بواحد من أعظم الاحتياطات من النفط والغاز الطبيعي المعروفة في العالم. الأمر الذي جعلها قادرة على ضخ نحو 9.5 ملايين برميل نفط يومياً إلى الأسواق العالمية، وهو ما وهبها قوة اقتصادية كبرى، تؤهلها للعب دور عظيم في المجتمع الدولي. ولقد كانت المملكة وما تزال الداعم الأول والرئيس لاستقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وجعلها في المستوى المعقول والمقبول لدى جميع الأطراف. إن مساعدة المملكة على استقرار أسعار النفط من خلال ضمان ضخ الخام وزيادته كلما زاد الطلب، أو تعويض النقص في معروض النفط في حال توقفت أي دولة مصدرة عن ضخه، لأي سبب من الأسباب، يطمئن كثيراً من الدول على استمرار وصول النفط إليها وبأسعار مقبولة. وهو الذي يدعم استقرار هذه الدول في نهاية المطاف، إذ إن زيادة أسعار النفط يزيد من أسعار مشتقاته، مما يضر بالمستهلك الأخير، وقد ينشأ عنه اضطرابات اقتصادية واجتماعية في الدول المستوردة للنفط. ولاسيما في وقت يفتقر فيه العالم إلى مصادر بديلة للطاقة تتمتع بما لدى النفط من مميزات. وعليه، فإن المملكة بسياساتها الاقتصادية والنفطية المتزنة والقائمة على مبدأ الحفاظ على أسعار عادلة للنفط ترضي المشتري والبائع تعمل على تحقيق الاستقرار السياسي للدول، وتجعل العالم أكثر أمناً وسلامة. إن دول العالم تقدر هذه السياسة الاقتصادية الثابتة للمملكة. والتي تدل على مصداقية القيادة السعودية، واحترامها لتعهداتها ووعودها في تعاملها مع الدول المستهلكة للنفط. ولذلك فإن لدى الدول المستوردة للنفط، ولاسيما الدول الصناعية الغربية واليابان والصين والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية، شعوراً بالارتياح العام والثقة المتزايدة في استمرار وصول النفط إليهم حتى إبان الأزمات والحروب. هذه الطمأنينة والارتياح العام وضع لقادة المملكة رصيداً كبيراً من الاحترام والتقدير لدى المجتمع الدولي. ويذكر في هذا السياق أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -رعاه الله- اقترح في عام 2000م إنشاء أمانة عامة للمنتدى الدولي للطاقة يكون مقرها مدينة الرياض، وقد قرر المجتمعون في منتدى الطاقة الدولي الثامن المنعقد في أوساكا اليابانية بالإجماع إنشاء هذه الأمانة ومقرها الرياض. الأمر الذي يدل دلالة واضحة على ما للمملكة من أهمية اقتصادية كبرى على مستوى العالم كلّه. ومن العوامل أيضاً التي جعلت المملكة تتبوأ مكانة عالمية مرموقة علاقاتها الواسعة والحميمية مع كثير من دول العالم وفي جميع القارات. فالمملكة بحنكة قيادتها وصدق تعاملها مع الآخرين تحظى بصداقات عميقة مع دول غربية وشرقية، فضلاً عن الدول العربية والإسلامية. هذه الصداقات تقوم على أسس ثابتة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. إن علاقات المملكة الخارجية تتسم بالأصالة التي قامت على أساسها سياستها الخارجية من التعامل الموضوعي المبني على ثوابت الإسلام والقيم العربية المتجذرة في الضمير السعودي، والمساهمة الإيجابية في استقرار ورخاء المجتمع الإنساني مع الإدراك العميق لحقائق توازن القوى مع المتابعة الدقيقة للمتغيرات المختلفة على الساحة الدولية. وقد جاءت سياسة ولاة أمر هذه البلاد الطيبة امتداداً لحكمة الوالد المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته- الذي استطاع بفضل الله تعالى ثم بحنكته ونفاذ بصيرته أن يشيد دولة تعتز بجذورها وتحرص على مبادئها وتصون سيادتها، كما تدافع عن مصالحها في إطار التزامها بالمواثيق واحترامها للشرعية الدولية. وتنطلق سياسة المملكة في المجال الدولي من مرجعية وطنية ذات بنية قوية متماسكة، من أولوياتها حماية الأماكن المقدسة، ورعاية الخصوصية، والمحافظة على مواردها الطبيعية ومنجزاتها الحضارية، وتحقيق الرفاهية للمواطنين، عبر أمن مستتب وعدل قائم، مع استخدام كل الوسائل المشروعة لتحقيق ذلك، والتزام دائم بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وعدم الاعتداء والحرص على حسن الجوار، مما شكل القاعدة الصلبة لملامح علاقات المملكة بالدول في أبعادها الإقليمية والعربية والإسلامية وكذلك على الصعيد الدولي. ويمكن القول ان علاقات المملكة الدولية تستند إلى أسس ومبادئ مستقرة وواضحة، ومنها: حرص المملكة على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها بميثاق الأممالمتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها وقواعد القانون الدولي التي تحدد إطار السلوك العام للدول والمجتمعات المتحضرة. إضافة إلى التزام المملكة بعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية، وبعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، وشجب العنف وجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي بين دول العالم. كذلك صبغ السياسة الخارجية السعودية بصبغة أخلاقية من خلال تبنيها لمبدأ مساندة ضحايا الكوارث الطبيعية والمشردين واللاجئين في العديد من دول العالم. ومن هذه المبادئ أيضاً عدم الانحياز، ونبذ المحاور والأحلاف التي تخل بالأمن والسلم الدوليين، مع احترام حق الشعوب في تقرير المصير، وحقوقها المشروعة في الدفاع عن النفس. ومن أجل تطبيق تلك المبادئ تحرص المملكة دوماً على دعوة قادة الدول إليها واستضافتهم بما يليق بهم، ويعبر عن الكرم العربي الأصيل الذي يتمتع به ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة والذي ورثوه أباً عن جد، وذلك للتشاور وتبادل الرأي في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما تحرص المملكة أيضاً على استقبال الوفود الدبلوماسية بالحفاوة والتكريم النابع من الأصالة السعودية. فضلاً عن الزيارات التي يقوم قادة المملكة لدول العالم تلبية لدعوات قادتها. وفي هذا السياق حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- كل الحرص على ما يدعم التعاون بين الأشقاء العرب والدول الصديقة في العالم. ولذلك جاءت زياراته العديدة للدول العربية والإسلامية والصديقة لتشكل رافداً من روافد اتزان السياسة الخارجية للمملكة وحرصها على كل ما من شأنه تحقيق رفاهية الشعوب. كما حرص الملك عبد الله -حفظه الله- منذ أن كان ولياً للعهد على إجراء المحادثات الثنائية والجماعية المطولة مع زعماء دول العالم الهادفة إلى حل المشكلات التي تعترض سبيل تطور العلاقات، وحل كل الخلافات الناشئة عن اختلاف الرؤى حول بعض القضايا. وكانت زياراته -حفظه الله- إلى دول العالم ناجحة بكل المقاييس، انعكست نتائجها بشكل إيجابي على مسيرة التضامن العربي والإسلامي والتعاون الدولي. وبسبب هذه العلاقات الوشيجة بين المملكة ومختلف دول العالم يلاحظ المراقب والمتابع لزيارات قادة الدول للمنطقة أن المملكة تكون على رأس المحطات التي يمرون بها، ولا يكاد يزور زعيم دولة منطقة الشرق الأوسط إلا وتهبط طائرته على أرض المملكة، وذلك للقاء قادتها والاستئناس برأيهم في مختلف القضايا التي تهم المنطقة والعالم، ولا ريب أن المملكة دائماً ما تكون من أولويات برامج زيارات القادة للمنطقة العربية. وفي إطار العلاقات الواسعة بدول العالم ومنظماته تنضم المملكة إلى منظمات وهيئات دولية مختلفة، منها هيئة الأممالمتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والبنك الإسلامي للتنمية لتمويل التجارة، كما أنها عضو في الصندوق العربي وصندوق أوبك والصندوق الزراعي والبنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي وغير ذلك من الهيئات والمنظمات السياسية والتمويلية الدولية، وغالباً ما يكون حضور المملكة للمؤتمرات الدولية على غاية الأهمية بالنسبة للدول الأخرى، وذلك كلّه نابع مما تحظى به المملكة من احترام دولي بني على قاعدة صلبة من صدق التعامل وأمانة الأفعال والأقوال. وقد اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله- بالمشاركة في المؤتمرات الدولية والعربية والإسلامية، ومشاركة إخوانه وأصدقائه في التوصل إلى حلول لما يشغل الرأي العام العالمي من قضايا ومشكلات، ووضع الأسس الثابتة القوية لمجتمع دولي يسوده السلام والأمن والإخاء. ومن ذلك مشاركته في قمة الألفية لدول العالم التي نظمتها الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك وألقى فيها -حفظه الله- كلمة المملكة، وأعلن خلالها تبرع المملكة بما يعادل ثلاثين في المائة من الميزانية المقترحة لصندوق العمل الوقائي. إن هذه العلاقات الواسعة ساعدت المملكة على تبادل الخبرات والمنافع مع الدول الشقيقة والصديقة في مختلف الحقول، الاقتصادية والعلمية والثقافية، وغيرها من المجالات المهمة. مما ساعدها في تحقيق معدلات عالية وغير مسبوقة في التنمية والتطور والرقي، والتي تعد مفخرة لكل مواطن في هذا البلاد الكريمة، ومثالاً يحتذى به من قبل الدول الأخرى. وبناء على علاقات المملكة الطيبة مع دول العالم يبرز العامل الثالث الذي ساهم في تبوؤ المملكة لمكانتها الدولية الرفيعة، وهو تسابقها في خدمة البشرية والحفاظ على أمن العالم، وتحقيق السلام الدولي، وذلك من خلال محاربتها لكل صنوف الإرهاب والجريمة المنظمة. ولعل من أبرز الخطوات التي اتخذتها المملكة في محاربتها للإرهاب ما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- عندما كان ولياً للعهد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - طيب الله ثراه- من رعاية للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي نظمته المملكة في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في مدينة الرياض خلال المدة من 25 إلى 28 من ذي الحجة عام 1425ه، الموافق من 5 إلى 8 شباط- فبراير من عام 2005م. وقد شاهد العالم بأسره دعوة الملك عبد الله في المؤتمر إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب، يكون العاملون فيه من المتخصصين في هذا المجال. وكان الهدف النبيل من ذلك هو تبادل المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة تتابع الأحداث، من أجل تفادي الاعتداءات الإرهابية قبل وقوعها حماية للبشرية من هذه الآفة الخطيرة التي اجتاحت العالم في الآونة الأخيرة، ولم يسلم منها مجتمع من المجتمعات. كما يؤكد كل من يتابع السياسة الخارجية للمملكة حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله على اتخاذ المواقف الإيجابية التي تستهدف دعم السلام الدولي، والرخاء العالمي، ورفاهية الإنسان في جميع أنحاء المعمورة. ومن ذلك مساعي الملك عبد الله في حل قضية فلسطين بالطرق السلمية. فقد قدم -حفظه الله- عندما كان ولياً للعهد تصوراً للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية من ثمانية مبادئ عرف باسم (مشروع الأمير عبد الله بن عبدالعزيز). وقد عرض المشروع على مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002، وقد لاقت تلك المقترحات قبولاً عربياً ودولياً واسعاً، كما تبنتها تلك القمة. وكان -حفظه الله- قد اقترح في المؤتمر العربي الذي عقد في القاهرة عام 2000م إنشاء صندوق يحمل اسم انتفاضة القدس برأس مال قدره مائتا مليون دولار ويخصص للانفاق على أسر الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في الانتفاضة، كما اقترح إنشاء صندوق آخر يحمل اسم صندوق الأقصى ويخصص له 800 مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس والحيلولة دون طمسها، وأعلن -رعاه الله- عن إسهام المملكة بربع المبلغ المخصص لهذين الصندوقين. هذا عدا المساعدات المالية والإنسانية لمختلف الدول ولاسيما إبان النوازل والأزمات، التي تدل دلالة واضحة ما تتمتع به المملكة من كرم أصيل وخلق نبيل تضرب جذوره في أرض خصبة لا تنبت إلا طيبي القلوب. إن مكانة المملكة الرفيعة في المجتمع الدولي قد شهد لها كل من تعامل معها من الملوك والرؤساء والدبلوماسيين، ولا عجب في ذلك، كون المملكة تملك كل المقومات الحضارية التي تؤهلها لمثل هذا الموقع على الخريطة الدولية.