كنت نائمة على بساط الحب الجميل لم يخطر ببالي يوماً أنني سأستيقظ منه، كنت أظن أن هكذا تكون الحياة حب وسعادة لا يعقبها موت أو فراق أو أي شيء يعكر صفوها لكن بعد أن كبرت شيئا بدأت أعرفها على البطيء لا لم أتوقع أن حقيقتها هكذا مرة للغاية لقد صدمت بها وطعنت من يدها بسيف الفراق القاتل والمدمر لحياتي إنها الدنيا التي تفرقنا عن الأحباب وتخطف منا من نحبهم. نعم أتذكر أول صدمة منها كانت قبل سنة لقد خطفت مني والدي لقد جعلتني أعيش يتيمة في زمن لا يرحم القوي فكيف باليتيم والأسير لحكم الظروف لقد أفقدتني أبي فصرت بعده يائسة منكسرة أتلمس للأيدي الحانية فلا أجدها أبحث عن والدي في كل الأماكن حتى في الطرقات المظلمة لعلي أجده لعله يكون ضل الطريق فأكون ذاكرته التي ترشده إلى منزله لكن للأسف لا أجد إلا الذكرى التي تحاصرني من كل الاتجاهات ذكرى شبابه وذكرى عزه وشموخه لتهدمها ذكرى مرضه المؤلم فأسترخي عليها وأشرب من دمعاتها حتى ترتوي مشاعري وتشبع أحاسيسي فتصبح هذه الذكريات هي الهواء الذي أتنفسه حتى ولو كان صعباً، والغريب أنه عندما ينقطع عني أعاود الكرّة مرة أخرى بالذكريات المؤلمة. أما الصدمة الثانية هي أن تحب أناساً وتعطيهم كل ما تملك وأول شيء تعطيهم هو قلبك حبك وفاؤك إخلاصك لهم وعدك على أن تبقى معهم ما حييت وما أذنت لك الظروف بذلك فتجد منهم النكران والخذلان لقلبك. نعم هذه هي الدنيا التي كرهتها من بداية صدمتي الأولى ثم تلتها الثانية ثم تلاها موت قلبي من الصدمات فأصبح لا يبالي بها أصبحت عنده مجرد تركيبية مكعبات فقط يفكك بها حيث يشاء نعم يا دنيا ماذا أفعل وأنا أرى قلبي ممزقاً من ذكراهم وذكرى أيامهم الجميلة التي لن أنساها مدى العمر لقد أصبحت بعدهم طائراً بلا جناح يتمنى الطيران ولا يستطيع فقد تنكسر بنفسه الأمنية كيف أفعل وماذا أقول انتهى كل شيء بعدهم انتهى الأمل الذي كنت عائشة عليه انتهى بعد موتهم ورحيلهم. لم يبقَ لي إلا نهر الصبر الذي يجري أمام عتبة حياتي يسلي وجداني على قوة هذه الصدمات فأطرب بصوت جريان مائه فأحمد الله على كل شيء.