وقفت مطأطأة الرأس مكبلة بالهموم تملؤها الكآبة وتحفها الأحزان شكلها الخارجي لا يوحي بشيء يشعر المرء عندما يراها من أول مرة انها رثة ومهملة, ونظرت إلى الأمام بشيء من الخوف والحزن، إلى الرجل الذي أمامها وقالت: سيدي القاضي: إني أقف الآن بين يديك لا أشكي لك همي وأبثك حزني كما كنت قد فعلت سابقاً ولكن مع اختلاف الآن, فأنا الآن أقف بين يديك لتقضي في أمري وتعدل من حيث لم يعدل الآخرون معي وإني أرجوك وأطالبك بالإنصاف لأنني أفقده وأبحث عنه ولا أجده, أقف أمامك وهذا آخر شيء سوف أفعله الآن، لأني سوف أرتكب خطأ وأنا أعرف ذلك سأنهي أموري العالقة بنهايتي. فلم أعد أستطيع الصبر ولكن قبل ذلك أريد أن توصل عني رسالة كنت أتمنى ان يسمعها ويقرأها الآخرون وأريدك أيضاً أن تصرخ عني, أن تصرخ وبكل قواك قل لهم ما يجول بخاطري قل لهم ما أحاول أن أوصله لهم ولا أستطيع قل للجميع ان الحياة ليست للهو وليست ملعباً كبيراً نستطيع أن نمرح به. وأرجوك يا سيدي أخبر كل فتاة ضالة عن مأساتي، أخبرها عن حزني وتعاستي وسوف تعود عن ضلالها وأريدك أيضاً أن تخبر كل مسئول في هذه الحياة أن يتحمل مسؤولياته فليس عدلاً أن يكون مسؤولا وهو لا يعرف ما يترتب عليه, وأريدك أيضاً أن تقول للكبار ما يجول بخاطري وان ينظروا إلينا بعدل فنحن يا سيدي ربما شباب طائش في نظر البعض ولكن نريد من يسمعنا,, من يفهمنا. ربما نعتقد أحياناً أن أفكارنا هي الصواب وإن من يكبروننا لا يفهموننا ويحقرون من مشاكلنا وهم صائبون في ذلك بعض الشيء. أنا أقول نحن الشباب ببساطة ننظر من خلال أعمارنا نحل المشكلة على حسب إدراكنا ولا نعتقد بخطئنا ونقول ان التجارب القليلة التي خضناها ربما تجعلنا نفكر بعمق, ولكن اعترفوا أنتم أيضاً أيها الكبار أننا نخطئ ونصيب كالبعض واعترفوا أننا نحاول ان نكون مدركين مثلكم, اعترفوا أنكم كنتم قبلنا كما كنا مع فرق واختلاف الأزمان. ومدت يدها كأنها تستجدي أحداً وأكملت: لا تحطوا من شأننا إننا نحتاج إلى فهمكم لنا إلى صبركم علينا أرجوكم أن تصبروا علينا ولكن ليس الصبر وحده هو من سيجعلنا نفهم ونقدر, إنما ما تمدوه لنا من عون مدوا لنا أيديكم مدوها حتى وإن لم نتمسك بها, لا تملوا سريعا ولا ترفعوها حتى لو كنا لا نراها, فإننا في يوم من الأيام حتى لو طال بنا الزمان سنحتاج إلى تلك الأيدي الممدودة كونوا معنا خطوة بأخرى ولا تضيقوا علينا ولا تضيقوا بنا فنحن بحاجة اليكم مهما كانت أعمارنا, أرجوكم لا تزكونا وتقولوا اننا سوف نجد طريقنا بأنفسنا, لان من يدخل موطناً غير موطنه يتوه فيه, نعم فقد دخلنا مرحلة أكبر من فهمنا وغريبة علينا. أرجوكم ان تكونوا معنا حتى لو كنتم خلف الأبواب, اتركونا نتحسس مواطئ أقدامنا ولكن لا تجعلونا نفترق من حيث لا ندري وتذكروا دائما إننا بحاجة إليكم وإن كنا قد وصلنا إلى الباب الصحيح. فنحن نعرف أنكم على صواب ولكن دعونا نتعرف نحن أيضاً على خطئنا بأنفسنا, دعونا نعرف منطق صوابكم, دعونا نفهم حتى نصل إلى ما وصلتم. لن أطيل عليك سيدي القاضي,, ولكن عدني ان توصل رسالتي هذه لكل ضال شريد, لكل حزين وبائس لكل جبار وقاسٍ,, لكل ضعيف وهزيل, أصرخ برسالتي هذه بالجميع لكي يستيقظوا من سباتهم العميق فهي معلقة بين يديك, وحتى لا أحزن كثيراً بل أكثر مما أنا فيه الآن وسأكون بائسة إن لم تصل. سيدي يقال إن لي والداً تزوج بأخرى وهجرني ووالدتي بعيداً، فكان لابد لي أن أولد من غير أن يضمني والد بين ذراعيه وأيضا يقال أن والدتي قد تحجر قلبها وتركتني بعدما تزوجت من رجل آخر رفض بقائي معها ومسافرة هي الأخرى فلم يعد لي خيارات في هذه الدنيا إلا أن أتربى بين أيدي الغرباء أو أن تحتضنني قريبة أمي وهي خالتي. فكانت تعاملني بلطف وإشفاق وتحن علي وتحزن على وضعي رغم اعتراضات زوجها وأسرتها. فكانت تصر على أن أكون فرداً من العائلة فرداً منهم ولكن لإصرار خالتي وليس لشعور من هم حولي بذلك. فكان لا يتحدث احد معي إلا لماماً، ولا يبتسم لي احد إلا رغماً عن أنفه ومجاملة لي فكنت أعيش في أحضان الغربة وانا بين عائلتي وأتجرع مرارة اليتيم ووالدي على قيد الحياة وأرتشف كأس الألم كالماء الذي أشربه فأعيش متحاملة على نفسي وأتحمل عزلتي رغماً عني فأبحث عن مخرج لي. فلا أجد راحتي إلى في حضن خالتي التي سمحت لي أن أناديها بأمي فكانت تضمني بين ذراعيها في حنان وتنفض عني غبار الغربة وتذهب عني مرارة الحرمان فأغفو في حضنها ولا أعيش ما يكدر حياتي فرأيت فيها والداي الذي فقدتهما فقد علمتني ما تعلمه بناتها وتحبني كما تحبهن وغير ذلك. فأنا في يأس دائم ووحدة في نفسي وعزلة عن أقاربي فلم يهتم بي أحد قط, فكان لابد لي أن أجد ما يؤنس وحدتي ويبعد عني السأم, فوجدت ذلك في هذا الهاتف الذي أتحدث به وقتما أشاء ومع أي شخص كان أو على أي رقم أطلبه فاستعمله لإزعاج الآخرين والتسلية عليهم والتفكه بهم فكنت أقضي وقت فراغي على هذا النحو إلى أن وجدت نفسي في يوم كنت حزينة فيه حتى العظم فقد كنت أنضج وأكبر دون ملاحظة الغير لي, فأنا فتاة بلغت سناً أحتاج إلى يد ترشدني إلى الطريق الصحيح إلى شخص ينصحني ماذا أفعل، وأن يصحح لي أخطائي أن يمد يد العون لي فلم أر أحداً بجانبي إلا حوائط أو جدران تلتف حولي وإذا بي أرفع سماعة الهاتف وأطلب رقماً لم أحفظه في بادئ الأمر وقررت أن أكون شخصية لي على هذا الهاتف, فكان من حسن حظي ان الذي أجاب وقال: نعم، كان رجلاً فرجوته أن لا يغلق الهاتف وان يستمع لي فقلت له من بين عبراتي اني يتيمة ووالداي على قيد الحياة وأخبرته كم أنا تعيسة ومحبطة ومن سذاجتي وإحباطي كنت أقص عليه حزني, فكان لطيفاً جداً معي وصبوراً فقد استمع لي رغم بكائي وبعد أن انتهيت من النحيب والشكوى أغلقت الهاتف ووضعت رأسي على وسادتي أبكي مجدداً. هكذا ومع مرور الأيام كنت أتصل وأهاتف نفس الرقم فيجيب نفس الشخص ويقول نعم ومن ثم استرسل في الحديث وأقص عليه ما أعانيه في حياتي، فقلت له كل ما يخالجني من هموم وتحدثت معه عن وضعي بين عائلتي وكيف يعاملونني وعن شعوري أني أثقل عليهم وقلت له كم أنا قبيحة أيضاً ومرت أيام وأنا أهاتف نفس الرقم وأتحدث وأشكي وأبكي دون أي جواب من الطرف الآخر حتى بدأت أشعر أحياناً أني أحدث نفسي ولا يوجد شخص على الهاتف أصلاً ويظهر أني اعتدت على الأمر بحيث أتحدث وأتكلم وأسأل وأجيب ولا أحد يتحدث في الهاتف غيري فكان ذلك يغيظني في بعض الأحيان. ولكن كان ذلك جيداً بالنسبة لي حيث كنت لا أريد لنفسي علاقة عابرة, فكان لابد لي من أن أشكر هذا الرجل اللطيف معي ولصبره علي فقلت له في إحدى مكالماتي: شكراً لك يا سيدي على حسن استماعك لي, وهممت بإغلاق السماعة حينها سمعته يقول: على الرحب والسعة، فأحسست بالحرج والخوف في الوقت نفسه وأغلقت الهاتف. ومرت فترة طويلة وأنا لا أهاتفه أو أكلمه حتى كانت صدمتي الحقيقية في ذلك اليوم حيث استيقظت على صرخات متتالية ونداءات مبهمة فخرجت من غرفتي أستطلع الأمر فإذا بأمي ممدة على الأرض وبدون حراك فشعرت بخوف شديد وتحشرجت الغصة في حلقي وجفت حنجرتي وشعرت بانتفاضة الجمت لساني فكنت أنظر إلى ما يحدث في فزع ودون إدراك مني. وحقيقة لم أستطع تذكر التفاصيل جيداً فكنت انظر إلى امي في ذهول ودهشة وكل تلك الحركات التي قام بها زوج خالتي (من طلب الإسعاف وشتمه وقذفه السباب في وجهي ووصفني بالشؤم عليهم وتحرك الآخرون من حولي وصراخهم المستمر ودوي الإسعاف ومحاولة إنعاش القلب وأخذهم لأمي ونظرات أقاربي التي تقول اني السبب فيما أصاب أمي, ووصفهم لي بالتعيسة المحبطة), كل ذلك لم أشعر به حتى كأني لم أكن موجودة فكانت الدموع تسيل على وجهي في صمت وقلبي يدق بقوة ولم أشعر بنفسي إلا وتلك الصرخة تخرج من فمي فكنت أرى أمي تحمل وتنقل إلى الخارج فركضت لاهثة أصرخ أمي,, أمي لا تذهبي,, ابقي بجانبي,, ابقي بجانبي يا أماه فكانت الكلمات بعيدة عن لساني والدموع قريبة من عيني فوقفت ذاهلة اسمع دوي الاسعاف يبتعد فجثوت على ركبتي انتحب ولم أشعر بأي شيء بعدها. وكأن حزني على أمي أفقدني وعيي فكنت أستيفظ وانتحب ومن ثم أعود للنوم مرة أخرى, انتزعت مني المرارة كل إحساس بالحياة وتوقفت دموعي كأن لم يتبق دموع في عيني فكنت أسمع للآخرين في ذهول ما يواسونني به وإشفاقهم علي ولا أفهم, ومع مرور الأيام أصبحت لا أعرف نفسي. وفي ليلة باردة معتمة دخل زوج خالتي علي في موجة عارمة من الغضب والسخط وابتدأ الكلام بشتمي وباشمئزاز فلم يكن مني إلا أن سألته ماذا يريد الآن؟,, لماذا يفعل بي كل هذا؟, فرد علي بصوته المتملل كصاعقة البرق بأنه لا يريد أن أعيش معهم وان لم أفعل فسيجبرني على ترك المنزل فهو لا يريد لقطاء في منزله وخرج كما دخل مغلقاً الباب وراءه بقوة تحركت لها كل المشاعر وكل الأحزان المكبوتة وتجلت الدنيا في عيني فظهرت سوداء قاتمة وفاضت عيناي بالدموع وانا أشعر بغربة أشد من تلك التي كنت أشعر بها أصلا. ولم أجدني إلا وأنا أرفع سماعة الهاتف وأطلب الرقم الذي أحفظه جيداً فأجاب بنعم ولم أتحدث بكلمة واحدة ولكن بكائي ونحيبي كانا يعبران عني وأخذ يستمع في صمت حتى انتهت موجة البكاء التي ألمت بي فقلت بصوت مخنوق وحزين تشوبه العبرات: لقد ماتت, ماتت من كانت أملي,, ماتت من كانت تشعرني بوجودي من كانت تحنو علي,, من كانت ترفق لحالي ومن كانت ترأف بي وتشفق علي,, لقد رحلت وأخذت معها كل الزهور الجميلة التي كنت أراها في هذه الدنيا، ذهبت وتركتني أجتر آلامي، ذهبت وتركتني مع أحزاني. من يحنو علي الآن,, من سيضمني بين ذراعيه ومن سيحل لي ظفيرتي,, من سأقبل يديه امتنانا ومعروفاً,, من سوف يواسيني في حزني ومن سوف يداويني في وجعي,, من يؤنس وحدتي؟؟,, لقد جف ينبوع الحنان قبل أوانه فمن يرشدني الآن ومن سيدافع عني ومن سيعاونني ضد تقلبات الزمن؟؟,. تركتني هكذا خالية الوفاض لا يوجد من يرد الظلم عني ولا من يحملني بين ذراعيه في حنان, أشعر أني شريدة خالية من أي سلاح ضد الظروف وأكملت بصوت مخنوق غير مفهوم تقطعه التنهيدات. رحلت من كنت أرى من خلال عينيها وأتنفس من خلال رئتيها وأحس من بين يديها رحلت من كانت ردائي الدافئ في الشتاء,, من كانت دوائي الشافي عند البلاء,, ذهبت من كانت تسهر على راحتي ومن يصبر على حالتي,, من كانت ملاذي ومأواي. من سيقص علي القصص التي أحبها، من سيخبرني أني أصبحت أجمل الآن، من سيقول لي انني لن أكون وحيدة بعد الآن، ومن سيقف ضد ظلم أقاربي، ومن سينتشلني من البؤس والشقاء الذي أنا فيه الآن. فسمعت صوته العذب يقول: ياطفلتي الصغيرة هوني عليك، ويا أختي العزيزة اصبري، ويا ابنتي الجميلة اصمدي، وكان يلقبني بكل أنواع القرابة والصلة التي كنت بحاجة إليها الآن. فقلت له: يا أبي أتعلم أنه من كانت أمي وأبي قد رحلت الآن وأيضا يا أخي: أن من كنت أرى فيها اخوتي وعائلتي ذهبت وتركتني، وتعلم أني يتيمة الوالدين الآن أتعلم ما الإحساس الذي أحسه؟, نعم أنا أعرفه الآن لقد تذوقته بعد موت أمي, فهو صبر مر علقم لا طعم له غير المرارة لونه أسود كعتمة الليل الذي بداخلي. نعم أنا يتيمة الآن على الرغم من وجود والداي ربما يعتقد البعض أن اليتيم هو من يموت والداه او احدهما ولكن أنا أقول ياسيدي ان اليتيم ليس الذي فقد والديه بل اليتيم من ترى له أما تخلت وأبا مشغولاً. وتعلم يا سيدي ان زوج خالتي ينعتني باللقيطة فما أبشع ما قاله وما أقربه من الحقيقة، فهو الآن لا يريد رؤيتي ويريدني ترك منزله وأظنني لا أريد العيش الآن. فيا صديقي جد لي وسيلة أيهم أفضل لكي أنهي حياتي وأقتل نفسي!, أأموت خنقا فذلك مفزع لأنه بطيء أو أموت حرقا وهذا أيضا مؤلم لأنه فظيع، أو أموت غرقاً فهذا مريع، أو أموت من فوق هوة عالية ربما ذلك هو الأنسب لأني كنت دائما أتمنى الطيران على غير أرض. فتحدث الرجل أخيراً وقال: هل انتهيت من جنونك يا ابنتي وقلت كل ما لديك من تفاهات عن الموت؟, اسمعيني الآن جيداً حتى أنتهي أنا أيضا. ليس كل من حلت عليه مصيبة ينتحر، وليس كل من لم يجد مأوى له يجن ويقرر الموت، وليس كل من يجد نفسه ضائعاً وشريداً ينهي حياته, أعلم أن مصابك أليم وأن فاجعتك مريعة وأن وجعك لا يطاق ولكن الحياة ليست فقط للذين يريدون العيش فيها بل هي أيضا للذين لا يريدون العيش فيها هي لنا لنحيا فيها وليس لكي نسخط عليها. اصبري وأقول اصبري وأنا أعني بقول هذا الصبر العظيم لأنه ليس من السهل على المرء ان يفقد والديه مرتين, بنيتي ويا طفلتي اصبري، ويا حبيبتي تجلدي، ويا صغيرتي هوني عليك، لأن الموت ليس الخلاص الوحيد ابحثي عن خلاص آخر, حاولي أن تكوني قوية يضرب بها المثل, حاولي أن تكوني عظيمة يتمنى الغير أن يكونوا مثلها حاولي ان تكوني شجاعة فيحسدها الآخرون. ابنتي تحملي واصمدي أرجوك لا ترتكبي حماقة لا يكون الخاسر فيها إلى أنت, فقد كانت لي ابنة في مثل عمرك تقريبا وفقدتها أخذها المرض مني, فتركني وذكرياتي أعاني، فأنا الآن قاض يعدل مع الجميع ولا يعدل مع نفسه فلا تكوني مثلي وانظري إلى نفسك فربما أنت جميلة فعلا فمن يملك روحا مثل روحك سيكون جميلاً ومن يتحمل مثلما تحملت فهو قدير ومن يأتيه من البلايا والمصائب ما جاءك ويصبر كما تصبرين سيكون عظيما فلا تبعثري الأشياء الجميلة التي أنت عليها الآن في لحظة طيش ويأس أو تفقدي القوة التي تحملينها في لحظة غضب. وإذا أحببت انتصبي غدا أمام القضاء وقاضي من كان يظلمك قاضي والديك اللذين تخليا عنك أو قاضي أقاربك أو زوج خالتك أو أمك التي ربتك قاضي من تظنين أنه ظلمك من اعتدى على راحتك من سلبك براءتك قاضي كل اولئك وأنا أقف واعدل بين من تقاضين. والآن ايها القاضي أنت طلبت مني المثول أمام القضاء، فهل أنت قادر على إنصافي؟ سيدي إن كنت تريد إنصافي بلغ رسالتي لكل من عليه مسؤولية ويتحملها كل زوجين بينهما أطفال يركضون. اقول: لا تظلمونا بحيث تنجبونا وتتركونا، وأقول أيضا: لا تدعونا على قارعة الطريق وتقولون انهم سوف ينمون ويكبرون ويتعلمون وحدهم، ولا تتركونا نهيم على وجوهنا في طرقات الحياة وتقولون ان الحياة خير معلم ومدرسة فلن نتعلم ما لم تعلمونا ولن نفهم إذا لم تحاولوا إرشادنا, ولن نقف إلا إذا أمسكتم بأيدينا, أرجوكم انظروا إلينا فنحن نكبر وننضج ونريد من يوعينا. مدوا أيديكم فيداي ممدودتان ومدت يدها تستجدي عطف الآخرين وحبهم مدت يدها في حياء والألم يملأ وجهها وحين لم تر يدا تأخذ بيدها، أو عينا تنظر بعينيها، طأطأت رأسها وولت هاربة تهيم في طرقات المدينة.