من المقرر أن يؤدي الرئيس المصري المنتخب حسني مبارك اليمين الدستورية يوم الأربعاء المقبل على أن يبدأ فترة ولايته الجديدة يوم السبت المقبل. إلى ذلك استعد مجلس الشعب (البرلمان) لعقد دورة غير عادية تبدأ وقائعها صباح الأربعاء بتلاوة القرار الجمهوري الداعي إلى عقد هذه الدورة ثم يقف الرئيس المنتخب أمام ممثلي الشعب المصري لأداء اليمين الدستورية ثم يصدر قراراً بانتهاء هذه الدورة البرلمانية مرة أخرى. ومن المتوقع أن تقدم حكومة الدكتور أحمد نظيف في هذا اليوم استقالتها إلى الرئيس الجديد وفقاً للتقاليد وليس عرفاً دستورياً؛ إذ يقول الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وأستاذ القانون الدستوري إن التقاليد جرت في مصر على أن تقدم الحكومة استقالتها إلى رئيس الجمهورية فور انتهاء دورة مجلس الشعب التي تشهد أداء اليمين الدستورية. وأشار سرور إلى أن الأمر متروك بعد ذلك للرئيس الجديد لكي يتخذ ما يراه مناسباً في هذا الشأن. وتوقعت مصادر سياسية أن يكلف مبارك حكومة نظيف بالاستمرار في عملها حتى الانتهاء من الانتخابات التشريعية التي تبدأ في نوفمبر المقبل. وكان الستار قد أسدل نهائياً على أول انتخابات رئاسية متعددة المرشحين في مصر الليلة قبل الماضية حيث عقد المستشار ممدوح مرعي رئيس اللجنة العامة للانتخابات الرئاسية مؤتمراً صحفياً عالمياً أعلن فيه أنه بعد الاطلاع على الدستور وعلى القانون قررت اللجنة بإجماع الآراء الإعلان عن أن مرشح الحزب الوطني الديمقراطي - الحاكم - محمد حسني السيد مبارك هو رئيس جمهورية مصر العربية للولاية التالية التي تبدأ من السبت لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالية. وشهدت الانتخابات الرئاسية حالة من الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة حيث صعدت قوى سياسية متعددة من لهجتها ضد النظام الحاكم غير أن الانتهاكات التقليدية من تدخل وإجبار على التصويت من جانب الحزب الحاكم في عملية الاقتراع لم تكن بالشكل الفج الذي يترتب عليه إلغاء النتيجة؛ لذلك رفضت اللجنة المشرفة على الانتخابات طلب الدكتور أيمن نور مرشح حزب الغد بإعادة الانتخابات، وأشارت إلى أن التجاوزات التي تحدث عنها أيمن نور غير صحيحة. وعكست نسبة التصويت الضعيفة شعور الشارع المصري بأنه ما زال الوقت مبكراً على ميلاد إصلاح سياسي حقيقي؛ حيث إن عدد الناخبين المسجلين في الكشوف يقترب من 32 مليون ناخب ومع ذلك لم يتوجه منهم سوى ما يزيد على 7 ملايين بنسبة 23 في المائة حصل منها رئيس الدولة على 6 ملايين و316 ألفاً و784 صوتاً بنسبة 88.5 في المائة، في حين حصل المرشح الثاني أيمن نور على 450 ألفاً و 405 أصوات، وحصل الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد على المركز الثاني ب 208 آلاف صوت بأقل نسبة وهي 3 في المائة. وتعد هذه النتيجة نهائية وغير قابلة للطعن حيث صرح المستشار أسامة طاوية المتحدث الرسمي للجنة بأن قرارات اللجنة العامة لانتخابات الرئاسة نهائية وغير قابلة للطعن فيها ولا التفسير وفقاً للدستور خاصة أن اللجنة مكونة من كبار قضاة مصر. وأوضح طاوية أن القانون 147 لسنة 2005 المختص بتنظيم العملية الانتخابية يعطي الحق للمرشحين في تقديم الطعون في الفترة من إغلاق صناديق الاقتراع وحتى الإعلان الرسمي للنتيجة، وفور صدورها لا يجوز لأحد الطعن فيها. على صعيد متصل اشتعلت الحرب داخل الأحزاب التسعة التي رشحت رؤساءها للانتخابات الرئاسية وفشلوا في تحقيق أي إنجازات منها سوى خوض المعركة، وكان نصيب الأسد من الخلافات الداخلية لحزب الوفد الذي خاض الانتخابات وعينه على المركز الثاني لتحجيم أيمن نور رئيس حزب الغد الذي سبق أن انفصل عن الوفد بعد خلافات امتدت من الحزب إلى الصحف ووسائل الإعلام وصوبت خلال ال 48 ساعة الماضية سهاماً عديدة تجاه الدكتور نعمان جمعة رئيس الحزب حيث طالب البعض باستقالته بعد النتيجة المحرجة التي حصل عليها الوفد، غير أن جمعة ألقى بالاتهامات على جماعة الإخوان المسلمين التي خانته - وفق تعبيره - وصوتت لأيمن نور بل إن جمعة قال إن الحزب الوطني الحاكم أعطى نور عدداً من الأصوات لإحراج الوفد وتمسك جمعة بمنصبه، وتساءل في تصريحات صحفية: لماذا أستقيل؟ لقد أدينا واجبنا بشرف. وشن رئيس حزب الوفد هجوما حادا على حزب الغد وقال: لا يوجد حزب اسمه الغد فهو لا حزب ولا توجد لديه كوادر أو قيادات. أما أيمن نور الذي اعتبرته وسائل الإعلام الحكومية أمس الحصان الأسود في الانتخابات فيعد هو الرابح الأكبر إذ إنه حقق نتيجة كبيرة بمقياس حزبه الذي لم يمر عام على تأسيسه مقارنة بالوفد صاحب التاريخ العريق وقال نور إنه لم يعقد صفقات مع أحد وأصوات الإخوان المسلمين والأقباط التي ذهبت لمرشح الغد كانت بسبب مواقفه الشخصية وليست صفقات كما يزعم البعض. أما بقية الأحزاب الخاسرة فقد تمسك رؤساؤها بمناصبهم ولكنهم اتفقوا جميعا على ضرورة إعادة هيكلة أحزابهم من الداخل خاصة أمانات المحافظات. في السياق نفسه تلقى الرئيس مبارك أمس العديد من برقيات التهنئة من رؤساء وزعماء وملوك العالم وفي مقدمتهم رؤساء وملوك الدول العربية.