لن تحمل نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية مفاجآت، اذ اكدت كل التقاريرالصادرة عن لجان الفرز أو المسربة الى وسائل الإعلام اكتساح مرشح الحزب الوطني الرئيس حسني مبارك منافسيه التسعة. وكانت التوقعات، عشية الاقتراع، تعطي مبارك نحو 70 في المئة من الأصوات، إلا أن المؤشرات أظهرت انه سيحصل على نسبة أعلى من ذلك. في مقابل ذلك، ستحسم النتائج الصراع الشخصي بين اثنين من منافسي مبارك هما رئيس حزب"الوفد"الدكتور نعمان جمعة ورئيس حزب"الغد"الدكتور ايمن نور، فالأخير كان عضواً في"الوفد"وخرج منه وأسس حزبه الخاص، وظل الثأر بينه وبين الاول قائماً، ولو فاز نور بالمرتبة الثانية سيعني ذلك أنه سيظل من جهة يمارس دور المشاغب والمنافس لمبارك، وفي الوقت نفسه سيكون وجّه ضربة شديدة إلى خصمه اللدود جمعة وإلى حزب"الوفد"صاحب التاريخ الطويل. راجع ص 6 وأعطت المعركة الرئاسية ايحاءات بشكل الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. فإذا كان مبارك وحزبه نالا الغالبية الساحقة في انتخابات الرئاسة بسهولة ومن دون عناء، فالأمر فى الانتخابات البرلمانية سيكون مختلفاً، اذ تتحكم العصبيات والقبليات وتكون علاقة المرشح بالناخبين في دائرته اكثر من تأثير الحزب الذي ينتمي إليه وافكاره ومبادئه، علاوة على أن دخول جماعة"الإخوان المسلمين"كمنافس قوي للحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية سيحرمه أصواتاً ربما ذهبت له أو على الاقل راحت الى منافسين كما أن"الإخوان"سيستقطبون اصواتاً ربما ذهبت في الاقتراع الرئاسي الى مبارك ما سيمثل تحدياً للوطني الذي لم يحقق نتائج طيبة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة. أثبتت الانتخابات أن نور حصل على أصوات الناقمين والغاضبين من النظام، على اعتبار أن نور عدو للنظام الذي يعاديه ايضاً"الاخوان"، في حين نال مبارك اضافة الى محبيه وأعضاء حزبه، أصوات هؤلاء الذين يؤمنون بالمثل"اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش". ورغم أن نور شكك في نتائج الانتخابات واجتمع مع اعضاء"اللجنة المشرفة على الانتخابات"وقدم لهم طلباً بذلك فإن اللجنة لم تستجب طلبه بل شككت في الأدلة التي قدمها على التجاوزات التي يبدو انها لم تكن بالدرجة التي تمثل تهديداً للاقتراع . وعكست نماذج من النتائج حجم الفارق بين مبارك من جهة ومنافسيه الرئيسيين من جهة أخرى وبين نور وجمعة أيضاً، اذ حصل مبارك على 9987 صوتاً في السيدة زينب القاهرة من اجمالي الاصوات الصحيحة البالغة 12 ألفاً و824 صوتاً واحتل نور المركز الثاني بحصوله على 1239 صوتاً وجمعة المركز الثالث ب 1049 صوتاً. وفي دائرة القناطر الخيرية القليوبية فاز مبارك ب 28 ألفاً و281 صوتاً من اصل نحو 30 الفاً وجاء نور في المركز الثاني ب 1238 صوتاً وجمعة 608 أصوات. وفي بورسعيد معقل الوفديين تراجع نعمان جمعة الى المركز الثالث بعد نور بينما جاء مبارك في المركز الأول وجاءت الاصوات لمصلحة مبارك بنسبة 3 : 1 لنور وهي النسبة نفسها بين نور ونعمان وكانت النسبة العامة 51 في المئة من اجمالي عدد المقيدين في الجداول الانتخابية بحوالي 246 ألف صوت. وتوقعت مصادر برلمانية أن تتم اجراءات اداء اليمين الدستورية للرئيس المنتخب خلال الاسبوع المقبل عقب انتهاء أعمال فرز الأصوات في وقت متأخر من مساء اليوم الجمعة، وبعدها يصدر الرئيس مبارك القرار الجمهوري بعقد جلسة خاصة للبرلمان من أجل تأدية اليمين الدستورية وإلقاء خطاب سياسي يعرض فيه خططه للمرحلة المقبلة.