تحية حب أزفها إليك يا أبي فمنذ رحيلك لا أستطيع مشاهدتك إلا من خلال أحلامي التي أسعد بها ليلاً ثم أفاجأ بها تندثر عند بزوغ الخيوط الأولى من الفجر عندها أستيقظ وأبتسم. فأتذكر الكلمات التي علمتني إياها أتذكر أن علمتني أن أعفو عمن ظلمني وأعطى من حرمني وأتذكر برك في والديك وأخوتك وهم أموات، أتذكر حثك دائما لنا على التأمل في مخلوقات الله - عز وجل - أتذكر حديثك عن الطائرة أو عن السيارة أو عن أي مكان تحدثنا عنه، عن قدرة الله - عز وجل - وعن صلة الأرحام والأقارب وأن الكلمة الطيبة صدقة وأن تبسمك في وجه أخيك صدقة، كل قصائدك تدل على نبل اخلاقك وكرمك وعلى قدرة الله عز وجل في هذا الكون، فقد طلب منك يا أبي أن تنظم أبياتا في الغزل فأجبت بهذه الأبيات: قالوا تغزل قلت في شبة النار اللي عليها حالقين الرجالي والنجر يرزم والفناجيل عبار وجمر الغضى له فالوجار اشتعالي ولك ايضا في التذكير بالآخرة والتحذير من الدنيا: ويا باغي الدنيا ترى الموت يبغاك لو كان تزبن في حصونٍ حصينة ويا ساكن الفيلا ترى القبر سكناك والقبر والله كلنا عار فينه قدم حصيلك في زمانك بيمناك ولا ترى الوراث متوارثينه معينين خير ليلة دفناك فرقاك وحصيلك متقسمينه لكنك أيط المال قدام ياطاك قدم لنفسك لو هو عشر الخزينة وفي هذه القصيدة أيضا توصي أخي ماجد: أوصيك يا ماجد ترى الموت غدار منته بعارف ساعة الارتحالي ولا عمر جاء للموت منذر وسبار ولا عمره أعطى للمسافر مهالي ولا احد زرع من بعد قصاف الاعمار ياكود شي تزرعه هالليالي وآخر قصائدك يا أبي وانت تقول لي: اكتبي هذه الابيات ونحن في طريقنا للمستشفى في يوم الاثنين الموافق 23-3-1426ه عندما اشتد بك الألم: الا يالله يا ربي عليك الحل والتدبير ليا ضاقت حلول الناس دورنا الفرج عندك ليامني سألتك تجعل اللي ما يصير يصير علينا الشكر يا ربي وحنا جند من جندك محل الرحمة أنت ومن عبادك حاصل التقصير وكنت أطلب منك إكمال هذه الأبيات وأنا معك في المستشفى لكن قضاء الله وقدره واشتداد آلامك حال دون إكمال فرحلت يا أبي ولم تكملها ونحن راضون بقضاء الله وقدره لأن كل ما أصاب المؤمن فهو خير، وقد كنت تردد دائما قوله تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فمرحباً بأمرك ربي وهي الكلمة التي كنت ترددها دائما على لسانك رحمك الله يا ابي واسكنك فسيح جناته وجمعني بك وأمي وأخي رحمكم الله جميعاً في جناته. الأستاذة نجلاء محمد بن شلاح المطيري محاضرة بكلية التربية بالجوف