يسعى الجميع إلى تطوير نظم التعليم في شتى المراحل باعتبار أن التعليم ركيزة التقدم وهو الأساس الذي لا غنى عنه لملاحقة كل تطور، ومن أهم الأسس التي يتم عليها تحديث وتطوير التعليم أن الأساس في التعليم هو المعلم. فالمعلم يعتبر أحد المتغيرات المهمة التي تقوم عليها العملية التعليمية وهو الأداة التي يمكن أن تحقق الأهداف والنتائج التربوية، بل إن النجاح في الجوانب الأخرى في العملية التربوية مرهون به. ولهذا فقد اهتمت نظم التعليم المختلفة بإعداد المعلم وتدريبه وتوجيهه ورفع مستواه العلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. أشارت إلى ذلك دراسة حول العلاقة بين التحصيل الدراسي وبعض المتغيرات المعرفية وغير المعرفية. وذكرت أن اختيار الطلاب المعلمين وتوجيههم نقطة البداية حيث ان اختيار الطالب المعلم على أسس علمية تترتب عليه آراء أفضل وفاعلية أكثر وتوفير معلمين على درجة عالية من الكفاءة، وعلى ذلك فلا بد أن يخضع هذا الاختيار لمعايير ومقاييس دقيقة لاستعدادات الطلاب وقدراتهم وميولهم ومواهبهم وسماتهم ضماناً لصحة هذا الاختيار. ولكن انتقاء واختيار الطلاب المعلمين وتوجيههم إلى مجال دراسي معين من أهم المشاكل التي تواجه خبراء التعليم ويعتبر التحصيل الدراسي أبرز نتائج العملية التربوية وهو المعيار الأساسي للنتائج الكمية والكيفية لهذه العملية فإذا أمكن التنبؤ بالتحصيل الدراسي من خلال مجموعة من المتغيرات سواء معرفية أو غير معرفية وتأكدت القيمة التنبؤية لهذه المتغيرات بالتحصيل الدراسي فمن الممكن بحسب الدراسة أن يراعى ذلك عند انتقاء طلاب كليات التربية وتحديد تخصصاتهم بالإضافة إلى المعلومات الأخرى عن الاستعداد الدراسي. ولقد حظي التحصيل الدراسي وإمكانية التنبؤ به من خلال متغيرات عديدة باهتمام كثير من الباحثين في علم النفس الذين اتخذوا لدراسة ذلك اتجاهات متباينة، إما التنبؤ بالتحصيل من خلال دراسة علاقته بالجوانب المعرفية أو غير المعرفية أو كلاهما معاً. من الجوانب غير المعرفية وتغيرات تقيس الحرص والتفكير الأصيل والعلاقات الشخصية والحيوية والسيطرة والمسؤولية والاتزان الانفعالي والاجتماعي، وهي من أهم الأبعاد التي تناولتها دراسات عديدة في علاقتها بالتحصيل الدراسي حيث أكدت بعضها على هذه العلاقة بينما لم تؤكدها دراسات أخرى. ومن المتغيرات التي تناولتها الدراسة للتنبؤ بالتحصيل الدراسي المسؤولية الاجتماعية حيث إن الفرد المسؤول اجتماعياً هو الذي يؤدي ما عليه من التزامات بدون رقابة أو توجيه لما لديه من مراقبة ذاتية ومحاسبة داخلية. وتفيد دراسة المسؤولية الاجتماعية في زيادة فهمنا وتوسيع نظرتنا للشخصية باعتبار الإنسان كائناً اجتماعياً، فما نلمسه من اضطراب وخلل في نظم ومؤسسات المجتمع يرجع في جانب إلى نقص المسؤولية الاجتماعية عند الأفراد العاملين في مختلف نواحي النشاط في هذه المجتمعات، وأن الجهل بالمسؤولية والنقص فيها أشد خطراً على هذه النظم وتلك المؤسسات من الجهل بإدارتها وتشغيلها، وعلى أهمية هذا المتغير لم يحظ باهتمام الباحثين في علاقته بالتحصيل الدراسي.. ومن المتغيرات التي تناولتها الدراسة أيضاً للتنبؤ بالتحصيل الدراسي الأساليب المعرفية. والأسلوب المعرفي يعتبر عاملاً يتداخل مع عدة مجالات في الشخصية سواء المجال المعرفي بما فيه من عمليات إدراك وتفكير وتذكر وحل المشكلات أو ما يتصل بالمجال الوجداني وما يشمله من سمات شخصية. وتساهم الأساليب المعرفية في الكشف عن الفروق بين الأفراد ليس فقط في المجال الإدراكي المعرفي والمجالات المعرفية الأخرى ولكن كذلك في الميادين التربوية والمهنية ومجال العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين ودراسة الشخصية. ومن أهم خصائص هذه الأساليب المعرفية أنها تتعلق بشكل النشاط المعرفي والوجداني الذي يمارسه الفرد وليس محتواه، فهي تتخطى التميز التقليدي بين الجانب المعرفي والجانب الانفعالي في الشخصية وتتصف بالثبات النسبي. ويمكن التنبؤ بالأسلوب الذي يتبعه الفرد في المواقف التالية بدرجة عالية. والمتغير الأخير الذي تناولته الدراسة للتنبؤ بالتحصيل الدراسي هو الابتكار، فالابتكار من أهم الأهداف التربوية التي تسعى إلى تحقيقها البرامج التربوية بصفة عامة. وعلى الله الاتكال.