من المتيقن عزيزي القارئ من أننا لا نستطيع إغفال دور المرأة السعودية المشارك في الحياة الاجتماعية بأبعادها المختلفة بدءاً من المشاركة في رعاية الأسرة وفي إدارة المنزل وتربية الأبناء وفي تحمل الأعباء الاقتصادية حيث إن الغالبية العظمى منهن نلن قسطاً من التعليم، وقد أتيحت لها الفرصة للمشاركة الفاعلة في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والرعائية والخدمية عبر المؤسسات المسؤولة. وخرجت المرأة السعودية لميدان العمل مهما كان مستوى دخل زوجها ومهما كانت مكانته الاجتماعية، وثمة جمع من خريجات الجامعة واللاتي حصلن على أعلى الشهادات العلمية (ماجستير ودكتوراه) من الداخل والخارج، فلم يكن لدينا تمييز ضد المرأة إلا ما نصت عليه العقيدة، وتبوأت المناصب التي تتناسب مع طبيعتها الأنثوية في الهيئات المختلفة تطويعاً للموروث الاجتماعي في مواجهة التحديات المعاصرة. وفي ذلك نمت وتطورت تأثيرات الثقافة التقليدية حول وضع المرأة بين البيت والعمل، وحول التشكل الاجتماعي في التغيرات التي حدثت في حياة المرأة السعودية واصبحت مشاركتها في العمل تعد واجهة حضارية حيث تعتبر طاقة معتبرة في مسيرة التنمية لإحقاق التطور والتقدم الاجتماعي والحضاري. هذه التطورات الحادثة في واقع المرأة السعودية حسنت دورها ووضعها الاجتماعي واصبح لها دور فاعل في خطط التنمية الوطنية واصبح لها حق مزاولة العمل وحق حماية مكانتها الاجتماعية وحق تحمل مسؤولية مشاركة الرجل في إدارة الحياة الاجتماعية في مجتمعها، من منطلق أن (النساء شقائق الرجال) فهما معاً أمام النظام كما هو في الشؤون الدينية وفي المهام الوظيفية فالمرأة لها حق أن تكسب من عملها سواء كان عملاً تجارياً أو وظيفة عامة والغاية في ذلك هو بلوغ التقدم الذي يبنى على عمليتي (النمو الموجه) والتوافق الاجتماعي ونتيجة ذلك إشباع الحاجات الاجتماعية للمواطنين وهي إشباعات متزايدة وهي تستهدف ازدهار شخصية المواطن وتفتح قدراته. إن الواقع المعاصر يشهد بتغير اجتماعي لحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه، تغير في الهياكل الاقتصادية، تغير في التركيب السكاني، تغير في المناهج التعليمية، تغير في البرامج الصحية، تغير في النظم الاجتماعية، وفي أنماط العلاقات الاجتماعية، تغير في معايير سلوك الأفراد وفي المفاهيم السائدة في المجتمع وهذا التغير الشمولي يعني أن الخطط التنموية في مجتمعنا ساهمت في بروز أنماط حديثة للحياة المعاصرة، وفي قيم وعلاقات جديدة وحاجات اجتماعية مستحدثة تتطلب الإشباع من مخرجات رفع المستوى الثقافي والاجتماعي والصحي لبلوغ حياة اجتماعية أزهى وأفضل هذه التغييرات أوجبت الاهتمام المتزايد بوضع أسس التكيف الثقافي والاجتماعي من أجل معالجة الظواهر الناجمة عن التغير الاجتماعي، ودعم وصيانة دور المرأة من أجل تكامل إنسان المجتمع وأنماط السلوك والنشاط والعلاقات الاجتماعية السائدة فيه. وفي غضون ذلك أمكن تنمية وعي المرأة بأهمية دورها المشارك فساهمت بنضج وذكاء في تنمية مجتمعها فأصبح أثرها واضحاً في المحيط الأسري وفي البيئة المحيطة وتلا ذلك محيط المجتمع الكلي، وقد قطعت المرأة لدينا شوطاً كبيراً في مضمار التطور والتقدم وهي تنهض بمسؤوليتها كاملة مما رفع من قيمة مكانتها الاجتماعية. ولكي يتعاظم دور المرأة التنموي يتوجب أن نعدّها جيداً لأداء هذا ولعل ضم الرئاسة العامة للبنات لوزارة التربية خطوة على طريق إشراكها في المجالات المتاحة حسب ما تتمتع به من قدرات ومهارات وخبرات وكفاءة، وتوفير المناخ المناسب الذي يدفع بها لأداء دورها الفعال في المجتمع عن طريق المشاركة في تحمل أعباء التنمية وهو دور مشروع يتزايد باستمرار. هذا الدور لم يكن قاصراً على الجهاز الحكومي في آلية الدولة بل يجب أن يتخطاه إلى القطاع الخاص، ومؤسسات النظم الحديثة وإيجاد صيغ مستحدثة يمكن تشغيل المرأة بها وتمكينها من أداء دورها في ميدان العمل العام طبقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية. وهكذا يكون القطاع الخاص قد توافق مع الاتجاهات المعاصرة نحو تنظيم جهود المرأة في مجالات العمل المناسبة تحقيقاً لبلوغ غايات الخطط التنموية. ويجدر بنا القول إنه من المتيقن عدم إحراز النجاح في مخططات وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية بدون مشاركة المرأة وتحملها للمسؤولية الكاملة في تحقيق الاستراتيجية التنموية بابتكارات ومهارات مستحدثة ويتوجب على القطاع الخاص تعزيز هذا الدور للمساهمة الفعالة في جهود التنمية الشاملة وذلك عن طريق خلق فرص عمل للمرأة ودخول ميدان العمل بمستوياته ومجالاته المختلفة التي يمكن أن تحقق للمرأة شخصيتها وذاتيتها المستقلة لقيامها بأعمال تقود إلى التطور وفي نفس الوقت تتيح للمرأة المشاركة، فرصة للتقدم وتحقيق الذات. فمن خلال العمل تستطيع المرأة أن تنمي قدراتها وتصقل مهارتها وتدعم خبراتها، فالذي يقابلها إحراز تقدم اجتماعي واقتصادي على المستوى الشخصي والمجتمعي. وبهذا تصبح مشاركة المرأة في القطاع الحكومي والخاص مرادفاً للتغيير السوي والإصلاحي والتطوير المتجه إلى الأمام.. هكذا يمكن الاستفادة من طاقات المجتمع وتحويلها إلى مستوى عال من الكفاءة والفاعلية والإسهام الواعي في كافة مناشط المجتمع.