في مثل هذا اليوم من عام 636 نزل الصحابي الجليل (سعد بن أبي وقاص) بقواته في القادسية استعدادًا للقاء الفرس.كان انتصار فارس الإسلام سعد بن أبي وقاص وجنده البواسل على رستم، قائد الفرس الأشهر، وجيشه الذي لا يغلب في معركة القادسية، المفتاح الذي فتح للجند الإسلامي أبواب العراق وفارس، حيث أخذ سعد وجنده، بعد القادسية، ينتصرون على الجيوش الفارسية، انتصاراً إثر انتصار، ويتوغلون في بلادهم، يحطمون كل قوة تعترض طريقهم، أو تقف في سبيلهم، فيسقط العدو ما بين قتيل وجريح وأسير، أما من كتبت له الحياة، فكان يفر نجاة بنفسه لا يلوي على شيء. وكان مما نجا من قواد الفرس في معركة القادسية، قائد مشهور يعرف بالهرمزان، ففر إلى الأهواز، مقر حكمه ومركز عصبيته. وهناك حدثته نفسه أنه يستطيع الوقوف في وجه المسلمين، إذا جمع إلى عصبيته وأهله فلولَ الجند الفارسي الهاربة، تهيأ له أنه بهذا الجيش يستطيع أن يحطم القوة الإسلامية الفتية، فوقف للجند الإسلامي ليصد تدفقه العارم، ولكن القتال العنيف من الجانبين حطم أمله في الانتصار على المسلمين، ففر هو الآخر بمن ثبت معه إلى رامهرمز، ليجرب حظه مرة أخرى، عساه يستطيع الانتصار على عدوه ولو مرة، ولكن عندما لحقه المسلمون وأحاطوا به، تبين له أن لا طاقة له بقتال من باعوا أرواحهم في سبيل الله والحق، فطلب الصلح منهم، ورضي أن يكون تابعاً لهم، يجمع لهم جزية بلاده التي فتحوها بالسيف والتي لم يفتحوها. وكان لانتصارات المسلمين المتتابعة، وقع أليم في نفس يزدجرد ملك فارس، الذي كان يفر من بلد إلى بلد كلما سمع بانتصار المسلمين وهزيمة جيوشه التي انتصرت على جيوش الإمبراطورية البيزنطية أكثر من مرة، حتى استقر في مرو، وقد ظن أنه قد أمن على نفسه بها، فأخذ يكاتب أهل فارس ويحمسهم، ويثير أحقادهم على المسلمين، الذين استولوا على العراق العربي كله، وكادوا أن يأخذوا العراق العجمي جميعه أيضاً، ثم يتدفقوا منه إلى بلاد فارس نفسها. سار المسلمون إلى تستر لفتحها وتأديب الهرمزان الغادر. وعلى الجيش الإسلامي قواد ماهرون أمثال أبي موسى الأشعري، وأبي سبرة بن رهم، والنعمان بن مقرن المزني. وفي الجيش أبطال مغاوير، أمثال: البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور وأخيه كعب، وربعي بن عامر، وأمثال منهم كثيرون، وفيه أيضاً فدائيون أشاوس، كان لهم أجمل الأثر في فتح هذه المدينة العاصية. وصل المسلمون إلى تستر فوجدوها كما لم يتوقعوها، وجدوا أن الهرمزان جعل منها حصناً حصيناً لا يرام، وقلعة قوية بعيدة المنال، فقد جعل الهرمزان حول المدينة خندقاً ملأه بالمقاتلة من أهل الجبال وفلول الأهواز، أما أسوارها فقد اعتلاها الجند الفارسي والكل متحفز للدفاع عنها، أما من بقي في الخندق، فقد أخذوا على عاتقهم حمايته، ومنع المسلمين من اختراقه، وقد صدق من في الخندق في القتال والدفاع عن خندقهم، وردوا المسلمين عنه في كل زحف زحفوه عليهم، حتى بلغت زحوف المسلمين نحواً من ثمانين زحفاً في عدة أشهر، لم يستطيعوا خلالها فتح ثغرة فيه، فشجع هذا الفشل من في الخندق وظنوا أن الضعف بالمسلمين، فعزموا على مواجهتهم في معركة فاصلة، يقفون فيها وجهاً لوجه.