الحمد لله هدانا الى احسن الاخلاق، ولا يهدي لأحسن الاخلاق إلا هو، أحمده سبحانه شرع لنا مافيه سعادتنا في الدنيا والآخرة، وأشهد أن لا إله إلا الله ارشدنا الى طريق الحق والهدى ودعانا الى الالتزام بأوامره، واجتناب منهياته. وأشهد ان محمداً عبده ورسوله جاء بالهدى ودين الحق لإقامة مجتمع إسلامي قائم على الفضيلة والسلوك السوي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين طبقوا شريعة ربهم والتزموا بتوجيهات نبيهم وسلكوا في حياتهم كلها مسلك عباد الرحمن الذين يرجون رحمته ويخافون عذابه، ذلك لمن خشي ربه. أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، اتقوا من يعلم السر واخفى، ومن هو أعلم بمصالح عباده حالاً ومآلاً، فالخير كل الخير فيما أمر به والشر كل الشر بما نهى عنه نبيه عليه الصلاة والسلام، الذي بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة فأمر وحث على مكارم الأخلاق ونهى عن سفاسفها, فما قامت أمة، ولا نهض مجتمع، ولا تماسكت اطرافه ولا شمخت أفراده، وعلت صفاته إلا بالحفاظ على الأخلاق، ويهبط بإهمالها ويتضعضع بتركها، ويتفكك حين تسوده الرذائل، ويتخلى عن الفضائل. وأعلموا أنه من أشنع الجرائم وافظعها وأغلظها عقوبة، واشدها جرما، دنيا وأخرى: الزنا، فهو محرم في كل ملة، وما استباحه احد إلا كفر، ومافعله مسلم من دون استباحة إلا عرض نفسه لأشد العقوبات، عاجلاً أو آجلاً، وان الله اذا حرم شيئا حرم وسائله التي توصل اليه وتفضي الى فعله، فإن من حام حول الحمى يوشك ان يقع فيه، وان من وسائل الزنا التي فشت في مجتمعنا، وأصبحت مألوفة عند بعضنا بحكم تعودهم عليها، تسربت من مجتمعات لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، غير مبال بالزنا، فضلا عن وسائله وهي: الخلوة، خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية التي ليست محرما له ولا زوجة, حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك اشد التحذير وأناط اجتنابه بالإيمان بالله واليوم الآخر، ذلك لان الذي يؤمن بالله واليوم الآخر هو الذي يفكر في العواقب فيراقب الله عندما تراوده نفسه على فعل المعصية والذي يؤمن بالله واليوم الآخر أغلى ماعنده ان يجده حيث أمره، وألا يجده حيث نهاه ومن لا يؤمن بالله واليوم الآخر لا يبالي بذلك كله, عن جابر بن عبدالله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان . فانظر ايها المسلم الى قول النبي صلى الله عليه وسلم فإن ثالثهما الشيطان فمعناه بان يزين لهما الشيطان الوقوع في الفاحشة حيث سهلت وسائلها، وتهيأت أسبابها، إذ لا رادع من محرم حاضر ولا مسلم غائر، ولا مانع ديني من قلبه وحيث انه لاعصمة لغير الأنبياء, أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتباعد عن وسائل الزنا ووسائل الفحش والمنكرات، فخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية منه حرام مهما وثق الانسان من نفسه ودينه ومروءته, فالرسول لا ينطق عن الهوى والشيطان حي لم يمت. فالشيطان حريص كل الحرص على فشو الزنا ووسائله في المجتمعات الإسلامية لعلمه بأنها أكبر معول لهدمها، وتأخرها وهبوطها وذلها أمام اعدائها. فليتق الله المسلم ولا يخالف نهي النبي صلى الله عليه وسلم بزعم انه لا يهوى الفاحشة ولا يريدها وان مروءته تمنعه من ذلك, فقول الرسول صلى الله عليه وسلم اصدق من زعمه، وأعلى من ظنه، واكبر من توهمه، فها هي امرأة العزيز تغلق الأبواب فتراود يوسف عليه السلام ولكن الله عصمه كما حكى القرآن الكريم، وهاهي المرأة تراود الشاب التقي ثم تشتكيه الى عمر لما أنه لم يطاوعها. وها هو احد العلماء الأتقياء يقول: لأن أؤتمن على خزائن الذهب والفضة أهون عليّ من أن أؤتمن على امرأة سوداء, لا يأمنن على النساء أخ أخاً، فعلى النساء تقاتل الاخوان, فالمسلم المحافظ على دينه وأمانته وسلامة اخلاقه يجتنب ماحذر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلوة بامرأة اجنبية ليست من محارمه سواء كانت زوجة لاحد أقاربه كأخ وعم وخال، أو كانت من جماعته, قال صلى الله عليه وسلم إياكم والدخول على النساء، قال يارسول الله: أرأيت الحمو قال: الحمو الموت , وإن من الخلوة المحرمة ما يتساهل فيه بعض المسلمين من خلوته بإحدى زوجات أقاربه، او الطبيب يخلو بالمريضة، او ركوب المرأة وحدها مع اجنبي في السيارة فإنها تعتبر خلوة، ودخول المرأة مع الخياط خلف الستارة ليأخذ مقاسها، وكذلك خلوها معه في الدكان والمتجر وكذا خلوه بالخادمة في البيت. فليتق الله المسلم ولتتق الله المسلمة، ولا يكونا سبب سوء يعم شؤمه كثيراً في مجتمعنا الاسلامي. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واتقوا فتنة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب .