مارادونا.. أفضل لاعب كرة عرفته الملاعب العالمية خلال الفترة من 1979م وحتى اعتزاله اللعب 1999م... انطلق في سن العاشرة من شوارع حي فقير في بوينس ايرس عاصمة الأرجنتين.. انضم إلى أشبال (لاس كوبلتان).. وهو ناد صغير متواضع الإمكانات وقد شاهده يوماً.. لويس سيبوليتاس.. أحد مكتشفي المواهب وهو يقدم أداء ممتعاً بالكرة فقرر على الفور اصطحابه إلى نادي (أرجنتينيوس جونيورز).. وبعد سنوات انتقل إلى النادي الكبير (بوكا جونيوز).. وكانت عين الخبير (لويس سيزار مينوتي) تراقبه فضمه لمنتخب الناشئين.. ومن ثم ضمه للمنتخب الأول وشارك مع منتخب الشباب في كأس العالم 1979م في اليابان. وبعد مشاركته في كأس العالم 1982م انتقل إلى نادي برشلونة الإسباني إلا أنه تعرض لأصابة خطيرة فلم يحقق نجاحاً كبيراً كان منتظراً. وفي عام 1984م انتقل إلى نابولي الإيطالي واستقبله الجمهور الإيطالي استقبالاً خرافياً.. يوم وصوله إلى نابولي كان يوماً مختلفاً.. الزينات والأنوار واللوحات اكتظت بها المدينة التي خرج سكانها لاستقبال النجم الذي دخل المدينة بموكب كبير شبيه بدخول أباطرة الرومان إلى العاصمة روما..!! حقق مارادونا مع نابولي إنجازات كبيرة فاز ببطولة الدوري بعد غياب دام 60 عاماً!! وأضاف ألقاباً أخرى منها كأس إيطاليا.. وكأس الاتحاد الأوروبي. وفي كأس العالم بالمكسيك 1986م فاز مع منتخب الأرجنتين بكأس العالم.. وسجل في مباراة انجلترا أجمل وأغرب هدف في تاريخ كأس العالم.. في الدقيقة الخامسة والخمسين سجل الهدف الذي لن يُنسى بمر الزمن.. تلقى مارادونا الكرة من زميله قبيل منتصف الملعب.. فألصقها بقدمه اليسرى وسافر بها.. راوغ (بيتر ريد) و(بيردزلي) بحركة الاستدارة نصف الدائرية ثم انطلق مراوغاً كل من قابله: (بوتشر) و(فيونك) والحارس (شيلتون) الذي خرج لملاقاته.. أوهمه بالتسديد وغير اتجاهه ثم لعب الكرة داخل المرمى الخالي.. وقد أصابت الدهشة جميع حضور المباراة في الملعب وكل المشاهدين عبر شاشات التلفزيون في أنحاء العالم لهذا الهدف الخرافي والاعجازي.. وكان بالإمكان أن تتواصل الانجازات لكن سقوط مارادونا في فخ المخدرات حال دون ذلك.. حيث انتهت المتعة في الملعب.. وبدأ مشواراً آخر في المصحات وتعرضت حياته للخطر مرتين خلال زمن متقارب.. هذا النجم الذي أسعد الملايين في أنحاء العالم بمهاراته النادرة وأسعد على وجه الخصوص مواطنيه في الارجنتين الذين يعاني معظمهم من الفقر. هناك أحبه الذين يعشقون كرة القدم وهم كثير في ذلك البلد واحبه ايضاً أناس لا يتابعون الكرة لكنهم اعجبوا بهذا النجم الذي أسعد الملايين خلال أعوام مضت. إحدى السيدات في الأرجنتين وجهت رسالة إلى مارادونا نشرت ترجمة لها مجلة.. سوبر.. قالت فيها هذه السيدة إنها لا تحب كرة القدم ولا تتابعها إلا أنها لمست تأثراً من زوجها الذي أحب مارادونا وأشارت إلى أن هناك أوقاتاً في حياتهم كأسرة لم يكونوا يملكون فيها شيئاً ولا حتى قوت يومهم إلا أن مارادونا أدخل السعادة إلى تلك العائلة حين جلب كأس العالم للأرجنتين.. وقالت السيدة: في تلك السنوات كانت الفوضى تعم البلاد وكان الشتاء قاسياً وكنا نتناول الطعام نفسه صباحاً ومساءً فجاء الفوز كهدية من السماء ليخفف عنا هذه المأساة.. وعندما أسأل ابني أو زوجي عن ذكرياتهما عن تلك الفترة لا يتذكران سوى مارادونا ونسيا تماماً كيف كانا يعانيان من الجوع. عندما ظهرت مشكلة تعاطيك مادة الأفيدرين في كأس العالم في امريكا 1994 خرجت أمشي في الشارع ورأيت كيف يبكي الناس من حولي..كان الناس يمشون في صمت يجرون أرجلهم بثقل وعيونهم تسيل منها الدموع فالبلد كله أصيب بالشلل.. وقلت لنفسي يالنا من شعب فريد من نوعه وشعرت بالفخر بهذه الدماء التي تجري في عروقي أيضاً لذلك بكيت أنا أيضاً مع أنني لم أعرف لماذا أبكي بالضبط! أنت يا مااردونا لم تكن مجرد لاعب يلعب الكرة أفضل من غيره.. لقد منحت الشعب الحزين الشجاعة وجعلته يرقص فرحاً وسعادة في أوقات عصيبة. أتمنى أن تتعافى وأن تتغلب على كل الضغوط وأن تعيش شخصاً طبيعياً وأن تتمكن من رؤية أحفادك وأن تحكي لهم عن نفسك وبطولاتك ومحبيك.. سوف يكون جميلاً أن تعيش هذه اللحظة.