تصف تقاريرعلمية السمنة بأنها مرض العصر حيث تشهد ازديادا بنسبة عالية على مستوى العالم بسبب وسائل الرفاهية التي أصبحت متوفرة أمام الجميع مما يؤدي بالإنسان إلى قلة الحركة والركون إلى وسائل الراحة والرفاهية.. ولكن للسمنة التي تعكس الراحة والرفاهية وجه آخر قبيح بما تسببه من أمراض أخرى خطيرة مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم. هذا الموضوع كان محور لقائنا مع الدكتور فراس الأبيض استشاري الجراحة العامة والجراحة التنظيرية ورئيس شعبة الجراحة العامة في مستشفى المركز التخصصي الطبي. * بداية سألناه عن ماذا نقصد بالسمنة فأجاب قائلاً: - السمنة هي عبارة عن زيادة في الوزن عن المعدل المقبول، ولها ثلاث مراحل هي زيادة الوزن والسمنة، والسمنة الفائقة وهي الخطيرة التي تؤدي إلى أمراض متعددة. وتشير الاحصائيات في أمريكا إلى أن عدد المصابين بمرض السمنة يفوق ال 50% من السكان، وفي الوطن العربي قد تقل هذه النسبة عن النصف. وترتبط السمنة بشكل عام بمستوى الرفاهية حيث تزداد نسبتها في صفوف الشعوب الغنية، وتأتي بسبب زيادة اختزان السعرات الحرارية في الجسم. * ومتى تبدأ مشكلة السمنة؟ - تبدأ منذ الصغر في كثير من الأحيان مما يضاعف من مخاطرها لأن احتمال استمرارها عند التقدم في العمر كبير. وتؤكد الإحصائيات التي أجريت في بعض المدارس أن 40% من الأطفال يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة. أما لدى البالغين في المملكة فتصل نسبة المصابين إلى 40% من السكان ولكن نسبة الذين يعانون من السمنة المفرطة أو المرضية تتراوح بين 3-5% من عدد السكان وهذه النسبة تعتبر غير جيدة وغير مطمئنة. * كيف تجنب أطفالنا مرض السمنة؟ - المشكلة الأساسية هي سوء التغذية لدى الأطفال مع الملاحظة بأن هناك فرقاً بين سوء التغذية ونقص التغذية، فمن الممكن أن نجد طفلاً لديه سوء تغذية بالرغم من أنه يحصل على عدد السعرات الحرارية الضرورية لكن هذه السعرات تصله من خلال أغذية غير صحية مثل المشروبات الغازية والشوكولات... إلخ فهذه الأطعمة غير مغذية وتسبب السمنة لذلك يجب عدم الإفراط في تناول هذه الأنواع من الأغذية، واللجوء إلى أنواع أخرى مغذية مثل الخضار والفواكه واللحوم وهكذا.. وبالمناسبة فإن هذه الأغذية تعتبر إذا أخذت باعتدال علاجاً للسمنة. * هذا الموضوع يشدنا للحديث عن علاج السمنة؟ - السمنة في بداية ظهورها يكون علاجها بسيطاً، وتأتي عبر ممارسة الاعتدال في الطعام أي تقليل كميات الطعام المستهلكة والابتعاد عن المأكولات العالية السعرات، أما إذا زادت السمنة قليلاً عن حدها فيمكن اللجوء إلى أنواع من الأدوية التي تقلل الشهية أو الأدوية التي تقلل من امتصاص الأغذية بالإضافة إلى الحمية وممارسة الرياضة. * ولكن أليس هناك احتمالات لفشل الحمية؟ - نعم فكثيراً ما تفشل الحمية في تخفيض وزن المريض وخاصة المرضى ذوي الأوزان العالية الذين هم بأمس الحاجة لإنزاله وأحياناً تخفض الحمية الوزن لكن يعود للارتفاع بعد ترك الحمية. * إذن ما هو العلاج الفعال في هذه الحالة؟ - في هذه الحالات غالباً ما يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي والجراحة تحقق للمريض نقصاً منتظماً وطويل الأمد في الوزن، وهناك عدة طرق يتم اتباعها جراحياً في تخفيف الوزن مثل تصغير حجم المعدة من أجل تقليل كمية الطعام والإحساس المبكر بالشبع، ويتم إجراء هذه العملية عن طريق جراحة المناظير ويتم وضع حزام للمعدة من مادة السيليكون حول الجزء الأعلى ليجعلها صغيرة لا تتسع إلا لكمية قليلة من الطعام، وتترك فتحة صغيرة ليمر منها الطعام ببطء فيحس الشخص بالشبع لفترة أطول، وتعتبر هذه العملية من العمليات المتوسطة، وهنالك عدة عمليات أخرى مثل المفاغرة أو الترابيس التي تتفاوت نتائجها حسب الحالة حيث يتم تحديدها بدقة من قبل المختصين. * ولمن تجري هذه العمليات، وهل لكل الأعمار؟ - عادة ما يكون المريض من 18 سنة وما فوق أو تكون الزيادة في وزنه مرتفعة (كتلة الجسم 35 كغ-م2 وما فوق)، ويكون المريض قد فشل في إنقاص وزنه بالطرق التقليدية، ويخضع المريض للفحوصات للتأكد من أن السمنة ليست ناتجة عن مرض ممكن علاجه طبياً، كما أن المريض بحالة تمكنه من الخضوع للجراحة، ويجب أن يكون عند المريض الاستعداد لتغيير نمط حياته وطرق أكله ومتابعة العلاج. * ماهي بعض مضاعفات العملية؟ - هنالك مضاعفات مثل الالتهابات بسبب حزام المعدة وتحرك الحزام من مكانه وانزلاقه والغثيان والتقيؤ ونقصان الوزن بسرعة، ولكن من المهم أن يتم مناقشة كل هذه المشاكل المحتملة مع الطبيب الجراح قبل الخضوع للعملية. * ألا يوجد وسائل علاجية أكثر أماناً من ذلك؟ - أظن بأن بالون المعدة هو أقل خطورة من العمليات الجراحية، وحتى من بعض أنواع الحمية الغذائية القاسية. * حبذا لو تشرح لنا كيفية استخدام البالون؟ - هو عبارة عن بالون صغير يوضع في المعدة عن طريق عمل منظار للمعدة. ولكن يجب في البداية التأكد من أن المريض لا يعاني من أي أمراض بالمعدة أو الجهاز الهضمي مثل القرحة أو وجود أي عيوب خلقية في المعدة، يتم إدخال بالون غير منفوخ عن طريق المنظار عن طريق إدخال سائل معقم من خلال وصلة خاصة به وتم إدخال 500-700 ملم من السائل تقريباً حسب ما يراه الطبيب مناسباً للمريض، وبعدها يتم سحب المنظار من الفم، وتتم العملية غالباً من مدة ربع ساعة، وسحب البالون من المعدة بعد أداء مهمته يتم بذات الطريقة إلا أن الجراح يقوم بتفريغه من السائل قبل سحبه.. ولهذه الطريقة عدة مميزات أهمها عدم الحاجة للتخدير العام ومخاطره، كما نتفادى مخاطر العمل الجراحي، كما أن تركيبه يتم بسهولة ومن الممكن أن يفقد المريض ما حصيلته 10-20 كغ من الوزن الزائد وذلك عبر اتباعه التعليمات المقدمة من قبل الطبيب واخصائي التغذية. * نلاحظ أن هناك نوعا من التخوفات التي يعاني منها المريض قبل استخدامه للبالون فما هي أهم مضاعفات البالون؟ - مضاعفات استخدام البالون نادرة مثل حالة تنفيس البالون وللتعرف على هذه المشكلة يتم حقن البالون بمادة طبية ملونة، وفي حال تنفيس البالون يلاحظ المريض تغيرا في لون البول لديه، وهنا يجب أن يراجع الطبيب المختص ليقوم بسحب البالون، وأيضاً بعض المرضى يشعرون بنوع من الغثيان والقيء في الفترة الأولى من استخدامهم البالون. * حبذا لو تحدثنا عن بعض نتائج العمليات التي قمتم بها في مستشفى المركز التخصصي؟ لقد أجرينا عملية لإحدى المريضات، وكانت تعاني من السمنة والعقم وقد حاولت بكافة الأساليب الطبية أن تحمل ووصلت لاستخدام طفل الأنابيب، وفشلت وبالنهاية تم نصحها من قبل الاختصاصين بخفض وزنها وعندما أجرينا لها عملية تخفيض وزن تمكنت من الحمل تلقائياً حيث خفضنا وزنها بما يقارب 45 كيلو غراماً. ومريضة أخرى كانت لا تستطيع المشي بسبب آلام في الركبة، ولكن بسبب ارتفاع وزنها كان من غير الممكن إجراء العملية لها، ولكن بعد تخفيض وزنها عادت إلى سابق عهدها في المشي بالإضافة لعدد من المرضى كانوا يعانون من السكري، وكانوا يتناولون الأدوية لعلاجها وبعد عملية تخفيض الوزن لاحظنا انتهاء المشكلة بشكل شبه تام.