إن من قلة علم بعض الشباب بدينهم وحياة الرفاهية التي نشأوا فيها وجهلهم بحكمة ربهم تبارك وتعالى في جعل الخلق متفاوتين في الرزق وجد منهم من يعيب بعض المهن والحرف ويترفع عن العمل بها.. فلهؤلاء ولأمثالهم نقول: إن معيار الحسن والقبح هو الشرع فما دام الدين يبيح هذا العمل أو تلك الحرفة فهو عملٌ شريف، يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - بعد أن ذكر حرف بعض الأنبياء كالحدادة والنجارة.. قال: (وهذا يدل على أن العمل والمهنة ليست نقصاً لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يمارسونها ولاشك أن هذا خير من سؤال الناس.. إلى قوله: ولا شك أن هذا هو الخلق النبيل ألا يخضع الإنسان لأحدٍ ولا يذل له بل يأكل من كسب يده ومن تجارته أو صناعته أو حرثه) (شرح رياض الصالحين، ج6). وعندما سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله هذا السؤال: يعتقد بعض الناس أن هناك حرفاً غير شريفة ويوبخون من يعمل فيها كالطباخة والحلاقة وصناعة الأحذية والعمل في النظافة وغيرها.. فهل هناك دليل شرعي يثبت صحة هذا الاعتقاد؟ وهل مثل هذه الحرف ترفضها العادات والطبائع العربية؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. قال سماحته: (لا نعلم حرجاً في هذه الحرف وأشباهها من الحرف المباحة إذا اتقى صاحبها ربّه ونصح ولم يغش لعموم الأدلة الشرعية في ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم لما سُئل أي الكسب أطيب قال: (عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) وقوله: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده) رواه البخاري. ولأن الناس في حاجةٍ إلى هذه الحرف وأشباهها فتعطيلها والتنزه عنها يضر المسلمين ويحوجهم إلى أن يقوم بها أعداؤهم...) (كتاب الدعوة، ج2). إذاً فكل حرفة مباحة ومهنة جائزة لا يُعاب ممتهنها لأنها مصدر كسب طيب وجهد منتج وهي والله خير من البحث عن مصدر محرم كمتاجرة بمخدرات أو ترويج لمحرمات أو ذلة للناس فأين شبابنا من أعمال التجارة والحدادة والسباكة ونحوها مما نحتاج إليه في مجتمعنا؟ وأين شبابنا من أعمال الكهرباء والميكانيكا وغيرها من مثيلاتها التي يبلغ بنا الجهد أحياناً كل مبلغ بحثاً عن المهني الأمين والحرفي الصادق لإصلاح ما تعطل لدينا من أجهزة وآلات.