دعا فضيلة الشيخ الدكتور زيد بن عبدالكريم الزيد عميد المعهد العالي للقضاء الى أهمية الاستعداد لشهر رمضان المبارك وقال ان شهر رمضان المبارك بات على الأبواب وهو موسم خير، وموسم عبادة، في شهر رمضان تتضاعف همة المسلم للخير وينشط للعبادة أكثر، ويقبل على ربه سبحانه وتعالى رجاء رضاه ورجاء مغفرته، وربنا الكريم تفضل على المؤمنين الصائمين فضاعف لهم المثوبة وأجزل لهم العطاء، فهو موسم تكفير السيئات ورفعة الدرجات. واستدل بقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة. مكانة الصيام وقال: علينا ان نعلم ان من أعظم الأعمال في هذا الشهر الكريم الصيام. ففي الصحيحين عن ابي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً). أي سبعين سنة وأضاف فإذا كان صيام يوم واحد يباعد العبد عن النار سبعين سنة فما بالك بصيام شهر رضمان كله؟! وأكد أن الصيام طريق الى الجنة وباب من أبوابها، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون ولا يدخل منه احد غيرهم) مؤكداً ان الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: رب منعته الشراب والطعام في النهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فُيشفعان) اي يقبل الله جل شأنه شفاعتهما ويدخل الجنة. رواه أحمد والطبراني (الفتح الرباني 9-216 ومجمع الزوائد 10-381). خصوصية الشهر وبيّن فضيلة الدكتور الزيد ان لصيام شهر رمضان خصوصاً ميزة محو الذنوب وتكفير السيئات ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أيضاً ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنب الكبائر). أعظم الأعمال وتناول فضيلته بالشرح أعمال هذا الشهر مؤكداً أن صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف من أعظمها وحث المسلمين على عدم إغفال صلاة آخر الليل، فإن عمر رضي الله تعالى عنه يقول: (والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون) وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم نادباً أمته الى قيام الليل (يا أيها الناس افشوا السلام واطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)، وقال صلى الله عليه وسلم في قيام شهر رمضان على وجه الخصوص: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال عن مزية القيام مع الإمام في صلاة التراويح: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) أي ينتهي من صلاته، كأنما قام تلك الليلة كلها في الفضل والثواب. كتاب الله وأكد فضيلته على عظم وجلالة قراءة كتاب الله عز وجل وتلاوته مذكراً بأن شهر رمضان شهر القرآن الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي فيه بأمين وحي رب العالمين جبريل يدارسه القرآن، وقال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)، والقرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، في الحصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم وصف البقرة وآل عمران بالزهراوين وقال: (إنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان او غيايتان يحاجان عن صاحبهما) أي عن الذي يحفظهما ويقرأ بهما دائماً، يأتيان يذبان عنه ويدافعان ويحاجان عنه يوم القيامة، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عن سورة تبارك: (إنها شفعت لرجل حتى غفر له) أخرجه الترمذي. وقال فعليكم بهذا الكتاب العظيم اقرؤوا كتاب الله عز وجل وأكثروا من تلاوته في الشهر المبارك. البذل والجود كما بيّن الشيخ الزيد ان من أجل الأعمال أيضاً واعظمها وخاصة في هذا الموسم العظيم صلة الرحم والصدقة على الفقراء والمساكين والمحتاجين، فهو شهر البذل والانفاق والجود والكرم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأعظمهم جوداً وكرماً وبذلاً وسخاءً وإنفاقاً، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر قط، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاء هذا الشهر الكريم يكون أعظم ما يكون جوداً وكرماً مثل الريح المرسلة كما قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما. مشيراً الى ان الصدقة من أعظم ابواب البر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والصدقة برهان) أي دليل على صدق إيمان العبد لأنه بذلك يكون قد تغلب على الطبيعة المغروسة في الإنسان وهي الشح، {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (16) سورة التغابن. وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصدقة فقال: (أيها الناس تصدقوا) وقال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، وأمر النساء على وجه الخصوص بالإكثار من الصدقة فقال صلى الله عليه وسلم: (تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار). ويعظم أجر الصدقة عندما تكون صدقة سر، تلك الصدقة التي تنفقها بيمينك فلا تعلم شمالك بهذه النفقة مبالغة في السر بحيث تكون أبعد عن الرياء والسمعة، هذه الصدقة تطفئ غضب الرب كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر) وحث فضيلته في ذات الوقت الى التحري في الصدقة لتقع في مجالها الصائب. عمرة رمضان وتطرق الى أهمية القيام بأداء العمرة مشيراً الى أنها تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار: (إن عمرة فيه -أي رمضان- تعدل حجة معي). إني صائم وحذر فضيلته من مغبة الوقوع فيما يجرح الصيام وذلك لأنه شهر التقوى، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري. والمراد بالزور الكذب قال: ابن العربي (مقتضى هذا الحديث ان من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه، ومعناه ان ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه) فتح الباري وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قالته فليقل: إني صائم) (متفق عليه). وقال: فعلينا ان نحفظ صيامنا ولا نجرحه بنزوة كلام او لحظة غضب او عبارات غيبة ونميمة او كذب. ولا ندع سيئاتنا وزلات لساننا تذهب حسناتنا.