جاءت الآيات من الكتاب والسنّة مبيّنة فضل الصوم فمن ذلك: قول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}. وقوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَْيَّامِ الْخَالِيَةِ} وأما السنّة فأحاديث كثيرة منها: حديث عبد اللهِ بن عُمَرَ قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ على خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ بن آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ بعَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قالَ الله عزَّ وجل: إلاّ الصَّوْمَ، فإنه لي وأنا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ من أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ من رِيحِ الْمِسْكِ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وفي رواية لمسلم: «أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك». وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» [أخرجه مسلم]. وعن سَهْلٍ بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ في الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يوم الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ منه أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ منه أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإذا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فلم يَدْخُلْ منه أَحَدٌ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «من أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ من أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يا عَبْدَ اللهِ! هذا خَيْرٌ، فَمَنْ كان من أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ من بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كان من أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ من بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كان من أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ من بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كان من أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ من بَابِ الصَّدَقَةِ. فقال أبو بَكْرٍ رضي الله عنه: بِأَبِي وَأُمِّي يا رَسُولَ الله، ما على من دُعِيَ من تِلْكَ الأَْبْوَابِ من ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ من تِلْكَ الأَْبْوَابِ كُلِّهَا؟ قال: نعم، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ منهم» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن أبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من صَامَ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عن النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن عبد الله مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ من اسْتَطَاعَ مِنْكُمَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «من أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قال أبو بَكْرٍ: أنا، قال: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قال أبو بَكْرٍ: أنا، قال: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ قال أبو بَكْرٍ: أنا، قال: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قال أبو بَكْرٍ: أنا، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما اجْتَمَعْنَ في أمرىءٍ إلا دَخَلَ الْجَنَّةَ» [أخرجه مسلم]. وعن أبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلت: «مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ قال عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فإنه لاَ مِثْلَ له» [أخرجه النسائي]. وفي رواية: «لاَ عِدْلَ له». وعن عبد اللهِ بن عَمْرو بن العاص رضي الله عنهما: أنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يوم الْقِيَامَةِ، يقول الصِّيَامُ: أي رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابِ بِالنَّهَارِ فشفعني فيه، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فشفعني فيه، قال فَيُشَفَّعَانِ» [أخرجه أحمد]. وعن جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «أَرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، ولم أَزِدْ على ذلك شيئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قال: نعم. قال: والله لاَ أَزِيدُ على ذلك شيئًا» [أخرجه مسلم]. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «من صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ» [أخرجه البخاري ومسلم]. وعنه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» [أخرجه مسلم]. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ» [أخرجه البخاري ومسلم] وفي رواية لمسلم: «فُتِّحت أبوابُ الرَّحْمَة». وعنه رضي الله عنه قال: قال قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ الله عز وجل عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فيه أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فيه أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فيه لَيْلَةٌ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ، من حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» [أخرجه أحمد والنسائي]. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أَوَّلُ لَيْلَةٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فلم يُفْتَحْ منها بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فلم يُغْلَقْ منها بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ من النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» [أخرجه الترمذي وابن ماجه]. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فلم يُصَلِّ عَلَىَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دخل رَمَضَانُ ثُمَّ فَانْسَلَخَ قبل أَنْ يُغْفَرَ له، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَاهُ عِنْدَه الْكِبَرَ فلم يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ». [أخرجه أحمد والترمذي]. وَأَصْلُهُ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ وفيهِ: «رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ أَبْوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ». نسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يوفِّقنا لصيام هذا الشهر الكريم وقيامه إيماناً واحتساباً وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجمع شملنا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، وأن يوفِّق ولاة أمورنا لما فيه صلاح البلاد والعباد إنه سميع الدعاء قريب الإجابة وصلّى الله وسلّم على نبيِّنا محمّد وعلى آله وأصحابه وسلّم. * عضو الجمعية الفقهية السعودية