ما المطلوب منا أن نفهمه من عملية اختطاف الصحفيين الفرنسيين (جورج مالبرينو) و(كريستيان شيسنو) في بغداد؟ لا شيء قطعاً.. فالذين ارتكبوا حماقة الاختطاف نسوا أو تناسوا أن فرنسا وقفت الى جانب الشعب العراقي و أنها تحدت القوة العظمى بمواقفها الكثيرة والدائمة. نسوا أو تناسوا أن الرغبة العراقية في التحرر من الاحتلال هي نفسها الرغبة الفرنسية، وأن الذين يشعرون بالارتياح من اختطاف الزميلين الصحفيين (جورج مالبرينو) و(كريستيان شيسنو) هم الذين بدأوا الحرب ويستمرون فيها ضد الشعب العراقي الأعزل. نسوا أو تناسوا أن مهمة الصحافة الدولية في العراق هي كشف الحقيقة وقول ما لا يقوله الجندي عادة، بأن الحق لا يمكن أن يداس بأقدام المارينز ولا قوة أخرى مهما كان اسمها. لهذا نعتبر أن موقف الإعلام الأمريكي من قضية الصحفيين الفرنسيين هو موقف عدائي لفرنسا وهو أمر لم نستغرب له، ولكننا نتساءل فقط بموازاته لماذا تشن القوات الأمريكية الآن بالذات حملات عسكرية في المنطقة التي من المحتمل أن يوجد فيها الصحفيون المختطفون؟ ولماذا تبدو جهود الأمريكيين ذاهبة الى إجبار المختطفين على قتل الرهينتين الفرنسيتين بدافع الخوف من الضربات أو بدافع الانتقام من الضربات الأمريكية الحالية؟ نريد أن نقول لكل العراقيين أن دفاعهم عن كرامتهم وأرضهم و شرفهم ومكانتهم أمر مشروع وأن المقاومة أقرتها قوانين وتشريعات دولية لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، ولهذا لا نرى جدوى من اختطاف أبرياء بحجة الضغط على أنظمتهم. لا جدوى من المساومة على أرواح أشخاص بسطاء وأبرياء. اليوم العالم كله يعي أن مصالح الأشخاص صارت أهم من مصالح الدول أو الشعوب بدليل كل هذا التهريج الدولي الحاصل باسم الحضارة وباسم التمدن الغربيين والذي أدى الى اغتيال فرحة شعب كامل أمام أعين المدافعين عن (حقوق الإنسان). نريد أن ندافع عن الحق من دون التنازل عن الحقيقة. نريد أن يعود الصحفيون الفرنسيون (جورج مالبرينو) و(كريستيان شيسنو) الى عائلتيهما سالمين، وأن تكف الأيادي الخبيثة عن التلاعب بمصالح العراقيين ودول الجوار. (اللوموند) الفرنسية ***** شخصية الرئيس بوش أوضح الرئيس الأمريكي جورج بوش تماما أن القضية الرئيسية في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالي هي وببساطة شديدة (الشخصية). فالرئيس يقول إن انتخابه يعني انتخاب شخص يتسم بالحسم والصرامة ووضوح الهدف والتزام لا يتزحزح بالحرب ضد الإرهاب. في حين أن اختيار منافسه كيري يعني اختيار شخص يتسم بالتعقيد والتردد. والرئيس بوش ربما لا يتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة مثل جون كيري وربما لا يتحدث اللغة الإنجليزية نفسها بطلاقة لكنه دائما يقول ما يعني ويعني ما يقول. وعلى عكس كيري الذي يمارس الرياضة الخطيرة مثل التزحلق على الماء فإن بوش يبدو طبيعيا في ملابس الجينز التي يميل إليها أو أثناء ركوبه الدراجة. والحقيقة أن الرئيس الأمريكي جورج بوش كشف عن الكثير من المزايا التي تتمتع بها شخصيته في الفترة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. فقد كان يبدو رئيسا ضعيفا مشكوكا في شرعية انتخابه بعد أزمة فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية. ولكن كل هذا تغير تماما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عندما وقف بوش أمام ركام برجي مركز التجارة العالمية اللذين انهارا في الهجمات ليقسم عبر مكبر الصوت الذي كان يحمله في يده بأن العدالة ستأخذ مجراها وأن المسئولين عن الهجمات سينالون عقابهم. العيب الأساسي في شخصية الرئيس بوش هو ان ميله إلى اتخاذ قرارات شجاعة وعدم التراجع عنها لا يقوده دائما إلى الخيارات الصحيحة. ففي قضية العراق كان الرئيس بوش ووزير دفاعه رامسفيلد أساءا تماما تقدير الصعوبات التي تنطوي عليها حرب العراق واحتلاله وإعادة بنائه بعد الحرب. ولا يوجد أي عذر للرئيس بوش في سوء تقديره لهذه الصعوبات لأن الكثيرين من خبراء الشئون العراقية والشرق أوسطية تحدثوا قبل الحرب عن صعوبة التعامل مع العراق بعد الحرب. وقد اعترف الرئيس الأمريكي بعد أكثر من عام ونصف العام على الحرب بأنه أساء تقدير الموقف. القيادة العظيمة تتطلب التحلي بكل من الحسم والمرونة في وقت واحد. والرئيس بوش يؤكد باستمرار حسمه وشجاعته لكنه في حاجة إلى إظهار القدر نفسه من المرونة. افتتاحية صحيفة جالوب أند ميل الكندية ***** روسيا والنصيحة الأوروبية عقد اجتماعان مختلفان تماماً، أحدهما في أوروبا والآخر في الشرق الأوسط؛ ليعكسا التفاوت الكبيرة في رؤية مشكلة الإرهاب وكيفية القضاء عليه. أحد الاجتماعين يرى أن الإرهاب عبارة عن أيديولوجيا عابرة للحدود والقوميات ويمكن القضاء عليه بالحرب. والثاني يرى الإرهاب باعتباره تعبيراً إجرامياً عن مشكلات أخرى رئيسية وأنه يجب القضاء على هذه المشكلات من أجل محاصرة الإرهاب أو القضاء عليه. في إسرائيل وقع وزيرا خارجية روسيا وإسرائيل اتفاقاً للتعاون في المجال المخابراتي بعد كارثة مدرسة بيسلان الروسية. وقد أكدت هذه الكارثة أن الإرهاب هو أكبر تحدٍ يواجهه المجتمع الدولي حالياً. وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي: إن هناك حاجة إلى وجود جبهة موحدة لمواجهة الخطر الذي يشكله الإرهابيون في أي مكان. وفي برلين حذر وزير الخارجية الألمانية يوشكا فيشر من أن أوروبا الآن في مفترق طرق بالنسبة للمعركة ضد الإرهاب. وقال الوزير في الاجتماع السنوي للسفراء الألمان الذي ركز خلال العام الحالي على منطقة الشرق الأوسط: (الشرق الأوسط سيكون عاملاً حيوياً في محاربة الإرهاب وجذوره)، مشيراً إلى أهمية دور الولاياتالمتحدة والحاجة الملحة إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال قيام دولتين متجاورتين فلسطينية وإسرائيلية. وإذا كانت الوسائل الأمنية والعسكرية هي الأفضل لمحاربة الإرهاب وتفكيك شبكاته فإن الوسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية تلعب دوراً مهماً في القضاء على العوامل التي تجعل الأفراد العاديين إرهابيين محتملين. والحقيقة أن الرؤية الإسرائيلية للإرهاب القائمة على استخدام القوة والعنف أصبحت رؤية عالمية بفضل الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد ما تسميه الإرهاب اعتماداً على القوة العسكرية والضربات الاستباقية وعمليات الاغتيال والهجمات الانتقامية وعمليات الاعتقال الجماعي والإجراءات العقابية ضد مدن كاملة. وهذا المنهج لم يؤد إلى تقليص العنف بل ربما أدى إلى زيادة وتيرته. ومع تجاوز روسيا الصدمة العاطفية لكارثة مدرسة بيسلان وبعد أن وارت جثث الضحايا التراب عليها الاستماع إلى مشورة جيرانها الأوروبيين بالإضافة إلى الاستفادة من دروس التجربة الإسرائيلية والأمريكية في الاستخدام الفاشل للقوة ضد الإرهاب حتى تتمكن من وضع سياسة فعالة لمكافحة الإرهاب.