إذا قيض لجون كيري ان يفوز في الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم سيجد لعنة الشرق الأوسط في انتظاره في مكتبه الجديد. لن يعثر بالتأكيد على فترة سماح ولن يتاح له الاستغراق في التأمل وتقليب الخيارات لاعتماد الأفضل. حين يدخل البيت الأبيض، في حال فوزه، سيهجم عليه شبح الحرب الدائرة في العراق. كل يوم تستقبل أميركا جثثاً عائدة من تلك البلاد البعيدة التي ارسل جورج بوش قواته اليها لاقتلاع نظام صدام حسين واقامة نموذج ديموقراطي فنجحت في الشق الأول وغرقت في حرب مكلفة. ثمة حرب أخرى وهي شاملة ومكلفة وطويلة هي "الحرب على الارهاب" التي أطلقها بوش غداة هجمات 11 أيلول سبتمبر. لا خلاف على هذه الحرب والادارة الأميركية الجديدة لا تملك غير خيار السير فيها، وان بأساليب مختلفة بعض الشيء. كيري نفسه كان واضحاً. تعهد ملاحقة الارهابيين في كل مكان لالقاء القبض عليهم أو قتلهم. وهي حرب لا يمكن وقفها لأن الطرف الآخر فيها لا يسعى الى هدنة ولا تسوية، ولا يقر مبدأ وقف الحرب أو وقف اطلاق النار. لن يشعر كيري بالحيرة في الرد على اسامة بن لادن ومواصلة الحرب ضده. السؤال سيتركز على سبل متابعة الحرب بطريقة أكثر فاعلية. الحرب في العراق مسألة مختلفة. لا يستطيع كيري ان يعد الأميركيين بموعد محدد للخروج من العراق. فهو غير قادر بالتأكيد على الانسحاب وترك العراق يقدم دليلاً على هزيمة مدوية للقوة العظمى الوحيدة. الهزيمة الأميركية في العراق يمكن أن تعني هزيمة على مستوى منطقة تشكل امداداتها النفطية شرياناً حيوياً للاقتصاد الأميركي والعالمي. في المقابل لا يستطيع كيري استدعاء مزيد من القوات لحسم الحرب في العراق بالضربة القاضية. عقدة العراق ستلازم كيري منذ اليوم الأول في حال فوزه. واضح ان كيري يفضل العودة الى علاقة أفضل مع الأممالمتحدة في هذا الملف، لكن ماذا باستطاعة المنظمة الدولية ان تقدم بعد كل الذي حدث على المسرح العراقي؟ لا شك ان كيري مهتم بترميم العلاقات مع الدول الأوروبية الكبرى التي عارضت المغامرة العراقية، لكن ماذا تستطيع هذه الدول ان تقدم لمساعدة الأميركيين ما دامت لا تنوي ارسال قوات للتورط في الحريق العراقي؟ سيشكل الوضع العراقي كابوساً للادارة الأميركية المقبلة بغض النظر عن اسم الرئيس. الفرصة الوحيدة لتخفيف هذا الكابوس تتمثل في الانتخابات العراقية التي تبدو بدورها صعبة ومهددة. وحدها الانتخابات ستبرر للرئيس الأميركي القول إن بلاده لم تغرق في فيتنام جديدة ومن دونها سيصعب على سيد البيت الأبيض قضاء ولاية مضمونة وشبه عادية.