عرفت كلمة الفيتامين عام 1912م عندما أطلقها العالم البولندي الأصل (كازيمير فانك) على بعض المواد التي اتجه استخدامها لعلاج بعض الأمراض الناجمة عن سوء التغذية والتي تزايدت في القترة 1820 - 1910م خاصة أمراض البربري والكساح والإسقربوط، والكلمة أصلها لاتيني ومشتقة من شقين الأول فيتا Vita تعني الحياة، والثاني amine ويرمز للمركبات التي تحتوي على مادة النيتروجين، ورغم أنه ثبت فيما بعد أنه ليس جميع الفيتامينات تحتوي على هذه المادة إلا أن اسم الفيتامين أو الفيتامينات لم يتغير وظل كما هو معروف منذ ذلك التاريخ، وقد استخدمت الحروف الأبجدية الأوربية للدلالة عليها بسبب عدم معرفة تركيبها الكيميائي في بادئ الأمر. والفيتامينات هي مواد عضوية يحتاج الجسم إلى كميات محدودة منها إذا ما قورنت باحتياجاته من المواد الغذائية الأخرى مثل البروتينات والكربوهيدرات، إلا أن الفيتامينات رغم ذلك تعد في غاية الأهمية لتمكين الجسم من أداء وظائفه والحفاظ على سلامته ومقاومة الأمراض التي قد يتعرض لها ، حيث لا تكتمل الصحة إلا بتوافرها في الجسم بالشكل المناسب، وتزداد أهميتها إذا ما عرفنا أن الجسم لا يقوم بتكوينها مثلما يقوم بتكوين المواد الأخرى مثل الهرمونات التي تفرزها غدد خاصة، وإنما يحصل عليها الجسم من المصادر الخارجية الطبيعية والمصنعة. وتبرز فوائد الفيتامينات على الخصوص فيما يلي: - أنها أساسية لاستمرار الوظائف المختلفة للجسم. - أنها تقوم بتحويل الطعام إلى طاقة. - أنها تساعد على بناء أنسجة جديدة للجسم وتعويض التالف منها. - أنها أساسية لتحقيق النمو في المراحل العمرية للإنسان. - أنها تواجه الاعتلالات الصحية وتساعد أجهزة الجسم على الصمود تجاهها. - أنها ضرورية لدى بعض المرضى وفاقدي الشهية لتستخدم كمكملات غذائية. - يؤدي نقص الفيتامينات إلى مشكلات صحية تختلف باختلاف الفيتامين الحادث به النقص. مصادر الفيتامينات والفيتامينات مصدرها الطبيعي هو النباتات بما تشمله من خضروات وفاكهة، وأيضا من بعض المواد الحيوانية حيث يتغذى الحيوان على بعض النباتات، لذا فإن الوجبة المتوازنة شاملة الخضروات والفواكه وبعض الحبوب والبقول والحليب ومشتقاته ومصادر البروتينات كاللحم والبيض تؤدي إلى توفير ما يحتاجه الجسم من الفيتامينات بأنواعها المختلفة. وفي حالة نقص الفيتامينات أو عدم إمكان الحصول عليها من مصادرها الطبيعية فإنه يمكن الاستعاضة عنها بالفيتامينات المصنعة دوائيا خاصة في الحالات التالية : - عدم توافر الغذاء بشكل متوازن. - المعاناة من سوء الامتصاص عند بعض الأفراد. - فترات النمو في المراحل العمرية المختلفة للأطفال. - في فترات الحمل والإرضاع بالنسبة للمرأة. - للأشخاص الذين يعتمدون في طعامهم على المواد النباتية فقط حيث تقل نسبة بعض الفيتامينات فيها مثل فيتامين ب 12 وفيتامين د. - المدخنون حيث يعانون من انخفاض نسب الفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة في أجسامهم. - الممارسون لعملية الريجيم وهو إنقاص الوزن حيث يمتنعون عن بعض الأغذية المحتوية على الفيتامينات. - في حالات أمراض الغدة الدرقية والحمى والأمراض التي تسبب اضطرابات في تكوين الجسم مثل الهزال، عند الأطفال. وقد أثبتت التجارب والدراسات أن الجسم يقوم بامتصاص المستحضرات الدوائية من الفيتامينات بنفس الدرجة التي يقوم فيها بامتصاص الأشكال الطبيعية منها بشرط مراعاة المعايير المناسبة والمواصفات المطلوبة والمكونات والوزان للفيتامين أو مجموعة الفيتامينات. ويجب الإشارة إلى المستحضرات من الفيتامينات التي يذكر أنها مستحضرات طبيعية أنها لا بد وأن تحتوي على بعض المكونات الصناعية. أنواع الفيتامينات تشتمل الفيتامينات على أنواع متعددة لكل منها أهميتها وهي : فيتامين A (أ): عبارة عن بلورات صفراء تعرف باسم الريتينول وهو مهم للرؤية ونمو الأغشية المخاطية ويقوي الجهاز المناعي في الجسم، ويؤدي نقصه إلى إصابة الإنسان بعدة أمراض أبرزها الإصابة بما يعرف بالعمى الليلي وتشقق وتقرح في القرنية وجفاف الملتحمة في العين والإصابة بالعشى الليلي وعدم الرؤية في الضوء وتعرض الأغشية المخاطية للإصابات الجرثومية وضعف الأسنان وتأخر النمو عند الأطفال. ويتوافر هذا الفيتامين من مصادره الطبيعية من الحليب وبعض منتجاته كالزبدة والجبن والقشدة، والبيض والعديد من الخضروات كالجزر والسبانخ والطماطم والبقدونس والخس والقرنبيط، والفواكه مثل المشمش والبرتقال والبطيخ والموز وغيرها. ويحتاج الجسم منه إلى 5000 وحدة دولية يوميا، وفي الحالات الدوائية يعطى كوقاية بمقدار 1. 5 ملجرام يوميا، ويعطى كعلاج بمقدار 3 - 15 ملجرام يوميا. فيتامين C (ج) : وهو ضروري للنمو خاصة نمو الغضاريف والعظام والأسنان، ولالتئام الجروح وله تأثيره الفعال على تكوين الهيموجلوبين ونضج كرات الدم الحمراء وتفاعلات المناعة في الجسم،ويساعد في الشفاء من أمراض كثيرة منها الأنفلونزا والسعال والدفتيريا والتيفود والحمى، ويؤدي نقصه إلى الإصابة بمرض الإسقربوط والذي يظهر في حدوث التهاب و نزيف في اللثة وضعف الأسنان وسقوطها، وضعف مقاومة الأمراض لدى الجسم بوجه عام وتأخر التئام الجروح والكسور. والمصادر الغنية به هي الفواكه والخضروات الطازجة خاصة الحمضيات والطماطم والخس والبصل وأيضا في الخضروات الأخرى مثل البطاطس. وتقدر الحاجة الضرورية من هذا الفيتامين بنحو 75 ملجرام يوميا. فيتامين D (د) : وهو مهم لبناء وتقوية العظام ويؤدي نقصه إلى مرض لين العظام وتسوس الأسنان، وعند الأطفال إلى الإصابة بالكساح وتأخر نمو الأسنان وسوء تكوينها. والمصادر الطبيعية لهذا الفيتامين هو أشعة الشمس خاصة في الصباح المبكر، والبيض ومنتجات الألبان وزيت كبد السمك. وتقدر الحاجة الضرورية من هذا الفيتامين بحوالي 0.125 إلى 1.25 ملجم. فيتامين K (ك): وهو ضروري لتكوين الثروتومبين في الكبد وهي مادة أساسية لمنع تخثر الدم ويؤدي نقصه إلى أمراض الكبد والصفراء وحدوث نزيف خاصة عند المواليد الجدد وتسوس الأسنان، ويوجد هذا الفيتامين في السبانخ وأوراق الحبوب الخضراء والطماطم والجزر والملفوف والزيوت النباتية وزيت السمك. وتقدر الحاجة الضرورية من هذا الفيتامين بحوالي 4 مليجرام يوميا. فيتامين E (ه): وهو ضروري لمعالجة سوء تغذية عضلات الجسم والعقم والأمراض القلبية الوعائية وبعض حالات فقر الدم عند الرضع، وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن فيتامين(ه) يقي على الأقل من نوعين شائعين من السرطان هما سرطان البروستاتا وسرطان المثانة، وتتوافر مصادره الطبيعية في زيت الصويا والفول السوداني وبذور عباد الشمس وجنين القمح والحمص والزيتون والخضروات الورقية والكبد وصفار البيض والحليب والزبدة والمكسرات كاللوز. وتقدر الكمية الضرورية منه بحوالي 20 ملجرام يوميا. مجموعة فيتامينات B (ب) المركب وأبرزها: فيتامين B1(ب 1) المعروف باسم الثيامين: وهو ضروري لتحقيق الغذاء المتوازن و يساعد على الاستفادة الكاملة من السكريات التي يستهلكها الجسم وسلامة الأعصاب ونشاط الجهاز العصبي ويؤدي نقصه إلى الاصابة بمرض البري بري والوهن وبرودة الأطراف والأرق وفقدان الشهية والاضطرابات المعدية والمعوية وزيادة خفقان القلب والتهاب الأغشية والأعصاب وضعف في العضلات وأعراض الشلل ويوجد هذا الفيتامين في عديد من المصادر الطبيعية ومنها جنين القمح وخميرة البيرة والشعير وبعض الخضروات مثل البازلاء والفاصوليا والبطاطا والملفوف والقرنبيط والطماطم وبعض الفواكه مثل الخوخ والعنب والبرتقال والمشمش والتين والجزر والمكسرات مثل اللوز والجوز والبندق، كما يوجد بكثرة في الحليب والبيض والعدس والحمص، وتقدر الحاجة اليومية منه بحوالي 1.5 ملجرام يوميا. فيتامين (B2)(ب2) ويعرف باسم الريبوفلافين: وهو مهم في نمو الخلايا وللحفاظ على سلامة الجسم والمساعدة على امتصاص مادة الحديد ونقصه يؤدي إلى تأخر النمو والتهاب الفم واللسان واحتقان أوعية العين الدموية واضطراب عمليات الهضم وتبعض التقرحات الجلدية وقلة النشاط، ويوجد هذا الفيتامين في كثير من المصادر الطبيعية الحيوانية خاصة اللحوم والحليب والجبن والبيض والسمك والنباتية مثل السبانخ والخس والجزر والطماطم وأوراق الفجل والموز والخوخ والمشمش والقمح والذرة. والمقدار الذي يحتاجه الإنسان منه يتراوح بين 0.5 إلى 2 ملجم يوميا إذا استخدم كوقاية، ويزاد هذا المقدار ليصل بما بين 5 - 10 ملجرام إذا استخدم كعلاج. فيتامين B6 (ب6) ويعرف باسم البيريدوكسين: وهو ضروري لحفظ التوازن الغذائي داخل الأنسجة ولسلامة الجلد ونقصه يؤدي إلى التهابات في الفم واللسان والجلد بوجه عام، واضطرابات عصبية خاصة القلق والاضطراب وضعف في كرات الدم البيضاء وضعف العضلات، ويوجد بكثرة في الحبوب والبذور والحليب والبيض والخضروات، وتقدر الحاجة منه بنحو 2 ملجرام يوميا. فيتامين B12 (ب12) ( السيانوكوبولامين): وهو مفيد لإنتاج كرات الدم الحمراء وتكاثر الخلايا، ويؤدي نقصه إلى فقر الدم الذي يتحول إلى فقر الدم الخبيث إذا نقصت كمية هذا الفيتامن في الجسم إلى درجة كبيرة، وأمراض الحساسية والربو وضعف الجسم وترقق العظام وشلل الأطفال وقد تصل الخطورة إلى حدوث تلف في النخاع الشوكي، ويوجد هذا الفيتامين في البيض والجبن والكبد واللحم الأحمر، ويحتاج الجسم منه إلى 2 ملجرام يوميا. فيتامين BC (ب ج) أو ما يعرف بحمض الفوليك: وهو مفيد لمعالجة فقر الدم خاصة عندما يحدث نتيجة للولادة والرضاعة وبعد العمليات الجراحية ويؤدي نقصه إلى فقر الدم الخبيث وتناقص الوزن، ويتوافر هذا الفيتامين في الكبد واللحم الأحمر والخضروات الورقية كالملوخية والسبانخ كما يوجد في الخميرة ويحتاج الجسم منه نحو 400 ميكروجرام يوميا. حذار من الإفراط ورغم أهمية الفيتامينات وضرورتها لجسم الإنسان، إلا أن تناولها في أشكالها الدوائية المصنعة يجب أن يكون محددا وتحت المراقبة الصحية من الأطباء. ولو تعمقنا في طبيعة الفيتامينات نجد أنها من حيث الخواص تقسم إلى مجموعتين رئيسيتين هما: المجموعة الأولى: خاصيتها أنها تذوب في الدهون ويتم تخزينها في أنسجة الجسم لفترات طويلة في النسيج الدهني للجسم وفي الكبد ومن ثم فإن الزيادة منها قد تتحول إلى سموم نتيجة لعدم تخلص الجسم منها، وتضم هذه المجموعة فيتامينات A (أ)، فيتامين D (د) وفيتامين E (ه) وفيتامين K (ك). المجموعة الثانية:خاصيتها أنها تذوب في الماء ولا يمكن بشكل نسبي تخزينها في الجسم حيث يقوم الجسم بإخراجها مع البول في فترة تتراوح بين يوم إلى أربعة أيام ومن ثم يحب تعويضها بشكل مستمر، ونتيجة لتخلص الجسم منها فإنها تعد قليلة السمية، وتضم هذه المجموعة فيتامين C (ج) ومجموعة فيتامينات B (ب). ومن ثم فإنه ينبغي الحذر الشديد في تناول الفيتامينات لأن الإفراط فيها يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ويعكس هذا الأمر التمسك بالقول المأثور وهو أن الإفراط عن الحد ينقلب إلى الضد، حيث إن تناول كميات كبيرة من بعض الفيتامينات قد يسبب مشاكل صحية بدلا من المحافظة على الصحة. وعلى سبيل المثال فإن الإفراط في تناول فيتامين (أ) يؤدي إلى فقدان الشهية والغثيان والأرق والإعياء والصداع وتساقط الشعر وجفاف الجلد وتغير لونه وتضخم الكبد والطحال وارتفاع الضغط في النخاع الشوكي. كما يؤدي الإفراط في تناول فيتامين د إلى حدوث إسهال وآلام بالبطن وفقدان الشهية وترسيب الكالسيوم في الكلى والقلب وزيادة نسبة اليوريا في البول وتلف الأعصاب المؤقت، وفيتامين ك يؤدي الإفراط فيه إلى تصلب الشرايين والجلطات الدموية كما تكون الجرعات العالية منه مناعة ضده ودوخة وصعوبة في التنفس وضيق في الصدر وهبوط في الضغط مع احتمال حدوث فشل في وظائف القلب والتنفس. والزيادة في فيتامين ج يؤدى إلى ترسب حصوات الكلى وحدوث التهابات في المفاصل والتسمم الغذائي ويحفز تخليق مركبات لها علاقة بالسرطان. ويؤدي تناول كميات كبيرة من فيتامين ه إلى الشعور بالصداع الشديد والاضطراب المعدي وضعف العضلات. وأيضا مجموعة فيتامينات ب فإن تناول بعض أنواع منها من المفترض أن تقوي الجهاز العصبي فإنه يحدث العكس عند الإفراط في كمياتها حيث يتعرض الشخص عند تناول كميات أكثر من المقدر لها لاعتلالات عصبية وتهيج في المعدة وتورد لون الجلد. د. يوسف بارودي صيدلاني /مستشفى المركز التخصصي الطبي