مع تَحَفُّظِي على هذا المثل بصياغته المتداولة بين الناس (المعنى في بطن الشاعر)، إلا أن فيه شيئاً من الصحة في معناه.. أما النص فالأصح أن يكون (المعنى في قلب الشاعر)؛ لأن القلب هو مصدر الإحساس ومخزن الأسرار.. أعود من هذا الاستطراد إلى ما أنا بصدده، وهو أن الكثير يسأل الشاعر (ماذا تقصد في هذا البيت)، وهو سؤال قد يرى البعض أنه من حق السائل طرحه، لكنني أرى العكس، إلا أن يكون المتسائل ناقداً استعرض النص كاملاً فتوقف عند بيت معيَّن له فيه وجهة نظر نقدية بحتة. والنقاد قديماً قالوا (القصيدة إذا فُسِّرَت فسدت) وأنا معهم في هذا القول؛ لأن المعنى الخفي للقصيدة هو ملك الشاعر، إن شاء أخبر به، وإن شاء أخفاه. هذا سبب.. أما السبب الآخر والأقوى فهو أن السائل غالباً لا يكون متذوقاً للشعر؛ لأن المتذوق الجيد لا يحتاج إلى سؤالٍ عن معنى بيت أو أبيات.. فلولا معرفته بمواطن الجمال الخفي في الشعر لما كان متذوقاً. أما من يسأل عن المعنى فدافعه الفضول في الأغلب الأعم، والشعر أكبر من نزوات الفضوليين.. ويُفْتَرض أن يقال لهم (المعنى في قلب الشاعر). فاصلة (الشعر إن لم يكن ذكرى وعاطفة أو حكمة فهو تقطيع وأوزان) آخر الكلام للشاعر مرشد البذال: لا تحسب اني يوم أعديك جافيك لاشك أحنّك عن خطا الناس وادراك مادام هذا يالغضى حكم واليك حقّ علينا نُكْره النفس لرضاك