من يبذل ويعط يحسب له أجر عند ربه، من يصل ويوف ويعط يحبه أهله وناسه ومن يفعل ما سبق ويحتسب الأجر دون علم الخلق فقد فاز بالتجارة مع الكريم الرحيم. وهنا يتجلى الوفاء ويتجلى أسلوب العطاء، فالحضارة والثراء وهم الدنيا لم يمنعه بل زاد في عطفه على أهل بلدته والمشاغل لم تشغله عن التفكير في احتياجات ناسه ومجتمعه، كان يحمل همومهم مع همه وكان يراعي أبناءهم كأبنائه، هنا الأصالة وهنا الثقة بالنفس والقرب من الله هو الهدف لا مغنم من الدنيا يبحث عنه، وإلا كان به أولى ان ينفق ذلك بين أنظار الساسة وفي مناطق الحكم الإدارية وفي متنزهات المدن التي تعتبر أكبر دعاية وشهرة ولكن كان مبتكراً لطريق العطاء وصادقاً في حب وطنه وحاملاً هم أبناء الريف فكان يدرس ويتلمس همومهم ويطرق الباب لتحقيق أكبر منفعة لهم. فمن الله عليه، فكان يجمع المال لينفقه لا ليكنزه، نعم فلنقف أمام هذا الرجل الكريم البسيط الوفي الذي كان آخر ما قام به انشاء روضة الأطفال في بلدة جلاجل فليست الأولى وليست الأخيرة. بل هو الوفاء من الابن إلى الأهل والوطن. ولو أن رجال الأعمال في وطننا الحبيب تبنوا مشاريع خيرية في بلداتهم وهجرهم وأهلهم لتحققت اشياء لا تعد ولا تحصى. إن عبد العزيز بن علي الشويعر رمز يجب أن يحتذى في هذا الوطن الغالي لتلمس احتياجات الأهل والتوجه إلى المساهمة في إنشاء دور رياض الأطفال، والأندية الأدبية، والرياضية، والمراكز الطبية في المدن والقرى. إني أرى أن هذا الرجل هو مثال الوفاء لتلك المنازل والبساتين والأودية التي يعيش أبناؤها أحلى فترات العمر بها ويترعرعون ويستنشقون هواءها ويشربون من مائها، فلابد أن يردوا الجميل لتلك الأماكن ولأولئك الأهل والأحباب، وبعد أن من الله على الأثرياء بالمال عليهم أن يكونوا أوفياء.