رغم التكتم الشديد الذي تتعامل به القوات الامريكية مع ما يحدث بين صفوف جنودها من حالات الانتحار والجنون والهستيريا والهروب إلا ان أخبار تلك الحالات أخذت تتسرب حتى أصبحت حديث الشارع العراقي. مواطنون عراقيون يسكنون محافظة الرمادي (110 كم غرب بغداد) قالوا ل ( الجزيرة ) ان تجارة تهريب الجنود الامريكيين شهدت ازدهارا في الأشهر الأخيرة لكن هذا الازدهار بلغ ذروته مع اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية. وقال المواطن ( محمد. ل. س ) يسكن قضاء البغدادي وتربطه علاقات قرابة مع عوائل تسكن منطقة البادية الغربية ان عمليات التهريب بدأت بعد اشهر قليلة على احتلال العراق عندما أخذت عمليات المقاومة تشتد على الجنود الامريكيين وقد بلغ التهريب ذروته خلال شهري اغسطس وسبتمبر وكانت كلفة تهريب الجندي الأمريكي الواحد لا تتجاوز 500 دولار ( مليون دينار عراقي )، موضحا ان الجنود الامريكيين كانوا يختفون فجأة من وحداتهم بعد ان يلجأوا لإحدى العائلات التي تتبنى توفير الزي العربي للجندي الأمريكي وتوفير جواز مزور له حيث احتجزت قيادات الجيش الأمريكي جوازات عدد كبير من الجنود تحسبا لهروبهم وبعدها يتم إرسال ( الغنيمة ) الى البادية ومن هناك يهرب عبر سوريا او الأردن. وقال مواطنون في مدينة (حصيبة) الحدودية ومدينة حديثة التي انحدر منها عدد كبير من المسؤولين في النظام العراقي السابق ان التهريب يتم عبر منافذ عدة هي منفذ صحراء البادية الغربية ومنفذ المنطقة الشمالية عبر مدينتي السليمانية ودهوك ومنفذ الحدود الإيرانية عبر مدن الكوت والبصرة والعمارة مؤكدين ان القوات الامريكية قد لاحقت المهربين لكنها غطت على تلك المطاردات بذريعة تمشيط الصحارى والوديان والمزارع للبحث عن عناصر المقاومة او أنصار صدام وشملت عمليات التمشيط حدود العراق الشمالية الشرقية حيث المناطق الجبلية المعقدة. وقال مواطنون رفضوا الإفصاح عن أسمائهم ان عمليات التهريب تحتاج الى شبكة من الاتصالات السرية بين متعهدي التهريب موضحين ان اكثر المقاولين نجاحا هم مهربو السليمانية واربيل لأنهم يمتلكون فرصا كبيرة للاتصال مع منظمات تركية في القطاع الخاص متخصصة في هذا المجال حيث تتم صفقات التهريب الى قبرص او اليونان. وافادت مصادر( الجزيرة ) ان كلفة التهريب ارتفعت مع اشتداد عمليات المقاومة ضد القوات الامريكية ومع ازدياد عدد الجنود الراغبين بالهروب حتى بلغت كلفة تهريب الجندي الواحد في الشهرين الأخيرين 1500 دولار لتصل في الأيام القليلة الأخيرة التي سبقت مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الى 3000 دولار ( 6 ملايين دينار عراقي ) واكدت هذه المصادر ان الهروب قد ازداد بين صفوف الجنود الذين أبلغت وحداتهم بالبقاء في العراق لمدة إضافية وهم بحدود 3500 جندي . ويشترط في تهريب الجندي الأمريكي ان تحافظ الجهة المهربة على السرية التامة للمكان الذي يهرب أليه وان يعتم على مصيره نهائيا إما المرفأ النهائي للتهريب فيعتمد على جنسيته فإذا كان أمريكيا فينقل الى أمريكا او المكسيك أما إذا كان ممن يطلق عليهم (المرتزقة) فينقل الى دولته او الى مكان قريب منها. يذكر ان العراق اصبح خلال عهد صدام، وبسبب الضغوط التي كان يمارسها النظام ضد المواطنين على جميع الصعد والميادين، اصبح اكثر بلدان العالم قدرة على صناعة الوثائق المزورة وتهريب الاشخاص حيث أتقن العراقيون تزوير أدق الوثائق وبرعوا في تهريب اثمن الأشياء واخطرها ومن بينها الاشخاص طبعا.