يروي لنا التاريخ أن أقواماً اجتهدوا في العبادة..!! حتى لفتوا أنظار عامة المسلمين، بسبب غلوهم وتشددهم.. وقد بلغ بهم الأمر أن جلسوا حلقاً، وقد جمعوا الحصى..!! فيكبرون بعدده ساعة ويهللون بعدده أخرى..!! وعندما بلغ ذلك عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أمرهم بترك الحصى والإخلاص في الدعاء قائلاً لهم: «احصوا سيئاتكم..!! وأنا ضامن لكم بأن الله لن يضيع من حسناتكم شيئاً..!! فكم من مريد للخير لم يصبه..!!» يقول الراوي لقد رأيت هؤلاء القوم المفرطين في العبادة يقاتلون المسلمين مع الخوارج، فتذكرت قول عبدالله بن مسعود لهم وهو يأمرهم بترك الحصى!! «إن رسول الله حدثنا ان قوماً يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم..!! وايم الله ما أدري، لعل أكثرهم منكم..!!». ذكرت هذه المقدمة وأنا أتابع الجرائم المتلاحقة التي يقترفها هؤلاء «الخوارج الجدد..!!» بغية التقرب إلى الله..!! ترى متى كان تغيير المنكر على درجاته كلها يعني التمرد على الدولة وترويع الآمنين وقتلهم...!!؟ إن الفتن المسلحة مهولة العواقب، لا يقرها قانون مشروع ولا نظام موضوع..!! ترى بما نخاطب هؤلاء القتلة وهم قد بلغوا من العلم والاجتهاد!! ما جعلهم لا مرجع لهم سوى عقولهم العليلة..!! وأهوائهم المنحرفة..!! هل نذكرهم بأن شرائع الله لعباده مبناها على الرحمة الشاملة؟ فلا مكان فيها للعنت والعبث والشدة..!! أم تراهم لا يفقهون..!! هل نذكرهم بأن رسالة الإسلام هي عدل الله في عباده، ورحمته بين خلقه، وليست شواظاً من اللهب والغضب، يلسع بصرامته ظهور الخلق، ويروّع بجهامته نفوس الناس..!! أم تراهم لا يفهمون..!! هل تعلّم هؤلاء ان الدين نفحة من رحمة الله، تُستقبل بالبشاشة التي تُستقبل بها النعم «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». لكنّك من تحدث...؟ وهل يمكن ان تسمع الصم الدعاء..!!؟ إنهم شرذمة أشبعوا بالتطرف، فساء فهمهم، وقصر نظرهم فلم يعد يجدي معهم شيء بعد ان تحجرت ألبابهم وتبلدت عواطفهم..!! ما من شك بان فعل هؤلاء يرضي الأعداء ويغريهم..!! ذلك ان العمل على إحداث الشغب والإفساد في الأرض من شأنه أن يحمّل الدولة مزيداً من الأعباء في زمن تكالبت فيه الأمم على هذا البلد الآمن..!!. لقد وضعت هذه الشرذمة أيديها في أيد خفية للنيل من مقدرات الدولة.. لكن أنى لهم ذلك..!! إن كان قصد هؤلاء الإصلاح فان الأمة لا يصلحها الثوران الطائش والفعل الهائج..!! إن كان هؤلاء أصحاب فكر فأين مرجعيتهم.. سوى ما كنا نسمعه عن فكر الخوارج واعتقادهم الفاسد..!! أم تراهم قد نبشوا كما ينبش الغراب الجيف عن فكر الخوارج الذي كنا نعتقد انه اجتث من أصوله ودفن..!! إنهم أصحاب بدع وضلالات، يروجون لها في جحورهم المظلمة، خوفاً من ان يكشفهم النور.. !! ترى ما أشبه هؤلاء بمروجي المخدرات وعصابات تبييض الأموال والنقود المزيفة..!! إن خطر هؤلاء جميعاً لعظيم، وإن شرهم لمستطير..!! إن كان هؤلاء يرغبون في الحياة فلماذا امتهنوا مهنة التقتيل والتنكيل..!!؟ وإن كان يستهويهم الموت فإنهم بذلك يحاربون الكون..!! ويسبحون ضد سنن الله في خلقه الذي وهب لهم الحياة..!! وإن كانوا يزعمون أنهم يمارسون حقهم في الوجود فإن خالق الخلق هو الذي يملك وحده أن يحيي وأن يميت..!! إنه ما من شك ان حق الحياة ثابت لكل نفس بشرية برأها الخالق..!! وقد علّمنا ديننا بان من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً..!! فأي وعيد هذا لمن يعبث بحياة الناس؟!! وأي وعيد هذا لكل محارب خبيث، يعمل ضد شرع الله ويستهين بأحكامه في خلقه التي جاءت لحماية النفس والمجتمع..!!؟ ثم يدعي انه يعتنق ديناً من تعاليمه: ان حرمة النفس الواحدة أشد عند الله من حرمة بيته الحرام..!!. إن المتتبع لتاريخ البشرية يجده لا يخلو من الأشرار الخارجين على القانون، والعابثين بأمن الناس. فلا أحد يجهل ما ارتكبه الصليبيون من جرائم وفظائع تهتز لها الدنيا فزعاً..!! حتى بلغ جرمهم إلى قتل الأطفال ونثر أشلائهم في الهواء..!! وما هؤلاء الخوارج الجدد منهم ببعيد..!! كما لا أحد يجهل مصير السكان الأصليين لأمريكا المعروفين «بالهنود الحمر..!!» الذين أبيدوا باسم الحضارة، والفكر الغربي المتقدم..!! إنها تجارة القتل والسلب والنهب التي احترفها الأمريكان عند تأسيس دولتهم الحديثة..!! وما فعل هؤلاء الخوارج الجدد منهم ببعيد..!! أيضا لا أحد يجهل «الإرهابي الأحمر استالين» عندما أباد ملايين البشر في سيبيريا لمجرد كونهم خالفوه في الرأي..!! وما فعل هؤلاء الخوارج منهم ببعيد..!! ومن منا لا يعرف ما حلّ بشعب فيتنام عندما أمطرته أمريكا «المتحضرة» بالقنابل «الحلال والحرام» وما فعل هؤلاء الخوارج الجدد منهم ببعيد..!! ليت لهؤلاء حجة فنبطلها، وأدلة فندحضها!! ومرجعية فنختبرها..!! إن أفعالهم لتذكرنا بأفعال عتاة اليهود.. كما تذكرنا أساليبهم بالمحاربين والمفسدين في الأرض وأقوالهم بالخوارج الذين حاربوا علياً رضي الله عنه.. ثم قاتلوه وقتلوه تقرباً إلى الله بزعمهم..!! أين هؤلاء من قوله تعالى: {)إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) }... أم تراهم لا يفقهون....!! أين هم من قوله تعالى: {وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا} أم تراهم لا يؤمنون..!!؟ أم أنهم قد هجروا القرآن وجعلوه وراءهم ظهرياً..!! أبعد ذلك شك بأنهم الخوارج الجدد..!! ويصدق فيهم قوله تعالى: «{فّبٌأّيٌَ حّدٌيثُ بّعًدّ اللهٌ وّآيّاتٌهٌ يٍؤًمٌنٍونّ } ... هل سمعتم بالقاتل لأخيه وهو يكبر..!! إنهم كذلك يفعلون.. وبأسلافهم قتلة هابيل وعلياً رضي الله عنه يقتدون..!! هل سمعتم من يروع الآمنين في رمضان، ويذبح أبناءهم سوى الخوارج الجدد تقرباً إلى الله في زعمهم..!! وخدمة لأسيادهم المتربصين بأمن هذا البلد في واقع الأمر..!! أيها الخوارج الجدد هل أغضبكم الأمن الذي تنعم به هذه البلاد وتمسكها بعقيدة التوحيد في زمن يصبح فيه الحليم حيراناً..!!؟ هل أرهقكم طول هذه البلاد وعرضها بعد ان وحدها مؤسسها على طاعة الله ورسوله !!؟ هل أحزنكم ما تشهده البلاد من التقدم والرقي والمنشآت العملاقة فأصغيتم إلى أعدائها واستمالكم إبليس وجنوده لتنشروا ثقافة الدمار، شأنكم في ذلك شأن شارون وأنصاره.!!؟ هل استمرأتم سفك الدماء، وأغرتكم أحداث الجزائروأفغانستان فأبيتم إلا سفكها في بلد الله الحرام..!!؟ إن فعلكم هذا لم يسبقكم إليه أبو جهل وأبو لهب فطوبى لكم..!!؟ هل يبقى لكم نصير بعد هذا الجرم العظيم..!! فإن وجد من يسكت عن جنونكم فهو لعمري أشد منكم جرماً، وإن وجد من يروج لأفكاركم فهو لعمري هماز مشاء بنميم ومعتدٍ أثيم..!! ترى هل تعي بعض القنوات المشبوهة التي تدار بأيد خفية.. وعلى رأسها الجزيرة ما تقوم به من ترويج لأفكار هؤلاء المبطلين..!!؟ هل فكرت يوماً بانه ربما ينقلب السحر على الساحر..؟ هل أحس المسؤولون على هذه القناة بتأنيب الضمير لإساءتهم إلى بلد أحسن إليهم في كل حال من أحوالهم..!! إن بث السموم عبر هذه القناة قل يلوث هواء قطر النقي فليحذر المخلصون فيها من المرجفين عبر الأقمار الصناعية..!! ولا يغرنهم حسن الخلق ومنتهى التسامح، الذي يميز قادتنا..!! فان للصبر حدوداً.. وقد لا يعذر الحليم إذا استغضب فلم يغضب..!! إن الخوارج الجدد قد أشعلوا نار الفتنة، لكن تمسكنا بديننا والتفافنا حول قادتنا كفيل بإطفائها بإذن الله، ولن يلسع حرها إلا من أشعلها.. إنه لا يوجد عندنا ناطق باسم الدين فكلنا مسلمون..!! وأقربنا إلى الله أتقانا..!! والله ينظر إلى قلوبنا لا إلى صورنا..!! فليعِ ذلك بعض المرجفين في الأرض الذين لا هم لهم سوى تجريح خلق الله..!! إن حسن الخلق والتواضع للناس له شأن عظيم فما بالنا نغفل عنه..!! إن الأمن نعمة لا يسدلها الله إلا لعباده المؤمنين، وقد قيض الله لهذا البلد رجالاً بواسل «صدقوا ما عاهدوا الله عليه».. فمنهم من قضى شهيداً مقرباً عند ربه ومنهم من هو في رباط حتى يقيض الله لهذا البلد الكريم أمنه..!! فإلى كل رجل أمن يؤدي واجبه في موقعه تحية إكبار وإعجاب، تحية محبة ومودة..!! لكم منا كل الدعاء.. ولكم من دولتكم كل الدعم.. المادي والمعنوي.. فأنتم حماة البلد.. حماة العقيدة، أنتم جند الإسلام الذين نفخر بهم، أنتم من يجتث أصول الخوارج الجدد، ويجعل كيدهم في نحورهم، أنتم من يقطع الأيدي الخفية التي تعبث في الظلام، وتقطّع الأرحام..!! عندها فلتنبح الكلاب في سراديب لندن أو في جبال أفغانستان..!! «فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين»...