أكد إسماعيل هنية القيادي السياسي البارز في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على أن القرار الإسرائيلي بالتخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومن الشيخ أحمد ياسين زعيم ومؤسس حركة «حماس» من خلال الإصرار على اغتياله إنما يعكس مأزقاً إسرائيليا وفشلا ذريعاً في مواجهة الانتفاضة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني. وقال هنية في تقرير قدم مؤخراً إلى جهات رسمية فلسطينية حصلت الجزيرة على نسخة منه: إنه لا يمكن قراءة إبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمعزل عن التطورات السياسية والأمنية التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة برمتها، بما في ذلك الانهيار في الموقف العربي والتراجع الأوروبي أمام الضغط الأمريكي الإسرائيلي، والتي أعطت الفرصة لإسرائيل باتخاذ قرار تصفية الشيخ ياسين ومن ثم قرارها إبعاد الرئيس عرفات أو تصفيته. وقال هنية في تقرير مطول تعرض الجزيرة أهم ما جاء فيه: نتوقع من إسرائيل الأسوأ لإمكانية إقدامها على تنفيذ القرار بحق عرفات لأن العقلية التي تحكم في إسرائيل والمعتمدة على غطرسة القوة وضرب الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية ليس مستبعدا ان تقدم على قرار أهوج بحق عرفات، والاستمرار في الحرب الشاملة ضد الشعب الفلسطيني.. وبالتالي ليس بالإمكان قراءة القرار باعتباره سياسيا أو عسكرياً.. فالمؤسسة السياسية في إسرائيل هي مؤسسة جنرالات وعسكر ومن هنا تغيب عنهم الأبعاد السياسية لقراراتهم الهوجاء. وأضاف القيادي البارز في الحركة قائلا: بغض النظر عن كون القرار هو رسالة لليمين الإسرائيلي أو للمجتمع الدولي؛ فإنه يجب علينا كفلسطنيين التعامل مع الموضوع بأقصى درجات الجاهزية، والاستعداد لما هو أسوأ. ويتوقع هنية أن تقوم اسرائيل بجولة جديدة من العدوان على الشعب الفلسطيني وقياداته بهدف التغطية على عجزها السياسي والأمني والاقتصادي في محاولة يائسة للإطاحة بالانتفاضة والمقاومة. وأشار هنية إلى أن المأزق الذي تعيشه اسرائيل يعود لفشل الولاياتالمتحدةالأمريكية في إخماد لهيب المقاومة العراقية والفشل في إنهاء الحرب الأفغانية.. ما ترتب عليه عدم القدرة الأمريكية الإسرائيلية على استكمال المخطط المرسوم للمنطقة بما فيها محاولة تصفية القضية الفلسطينية. ويؤكد هنية على أن إسرائيل فشلت في إنهاء الانتفاضة والمقاومة وفي توفير الأمن للإسرائيليين وفي تكريس الاحتلال فوق الأرض الفلسطينية كما أنها فشلت فشلا ذريعاً في العمل على ضرب ركائز القضية الفلسطينية (القدس الأرض اللاجئين الدولة). وظهر ذلك جليا في المحافظة على المواقف الثابتة التي أبداها الرئيس عرفات أمام محاولات شطبه من المعادلة السياسية التي كانت تستهدف خلط الأوراق في الساحة الفلسطينية، وضرب ثبات الموقف الفلسطيني الذي ظهر في كامب ديفيد الثانية، فشلت إسرائيل في إفراز أي طرف فلسطيني يقبل القيام بدور أمني وفق المنظور الإسرائيلي الأمريكي. ويعتقد هنية أن المقاومة بالرغم من حجم العدوان الذي تعرض له الشعب الفلسطيني وممارسة سياسة التصفية والاغتيالات أنها أثبتت مقدرتها على الصمود، بل إنها امتلكت زمام المبادرة ووجهت ضربات مؤلمة للاحتلال وصلت إلى حد الإرباك السياسي والأمني والاقتصادي إلى درجة لم يعد قادراً على تحملها. ووصف القيادي السياسي في حركة حماس (الذي تعرض لمحاولة اغتيال هو والشيخ في السادس من الشهر الجاري) هذه المرحلة بأنها الأخطر على حياة الشعب الفلسطيني وقضيته.. مشيراً إلى أنها تستوجب موقفاً فلسطينياً موحداً مغايراً ومختلفاً عن سابقاته، موضحاً أن هذا الموقف يجب أن يرتكز على الشروع في حوار استراتيجي يختلف عن الحوارات السابقة.. بحيث يتناول الحوار الملف السياسي، وملف المقاومة، وملف الوضع الفلسطيني الداخلي والعمل بكل قوة لحماية الشعب الفلسطيني من أي صراع داخلي، خاصة أن المخطط الأمريكي الإسرائيلي يرتكز على هذه السياسة التخريبية. وأكد هنية على أنه لحين الانتهاء من الحوار الفلسطيني الاستراتيجي لابد من الثبات والصمود في وجه الهجمة الإسرائيلية، وعدم تقديم أي تنازلات تمس ثوابت الموقف الفلسطيني، وهذا يتطلب استجماع كل عناصر القوة الذاتية، وعوامل للشعب الفلسطيني، ولابد أن تتحمل الأمة مسؤولياتها في نصرة شعبنا وتعزيز صموده وعدم البقاء في موقع المتفرج. يشار إلى أن حركتي حماس والجهاد رفضتا مؤخرا المشاركة في الحكومة الفلسطينية التي سيشكلها رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف أحمد قريع «أبوعلاء» وأكدتا أن رفضهما ينبع من موقفها المبدئي المعارض لاتفاقية أوسلو التي أبرمت قبل عشر سنوات.ولكن الحركتين رحبتا بالحوار مع رئيس الحكومة المكلف على قاعدة التمسك بالثوابت الفلسطينية وحماية وحدة الشعب الفلسطيني وأكدتا أنهما لأن تقفا حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة الجديدة.وقال هنية معقباً: لابد أن يكون شعار المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الوحدة الوطنية لصد العدوان واستعادة الحقوق المغتصبة. وكان أحمد قريع رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف قال خلال تصريحات صحفية متفرقة: إنه سيجري مشاورات مع مختلف الفصائل والشخصيات الفلسطينية المستقلة في غزة والضفة الغربية للوصول إلى حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع.. وأكد على أن حكومته تعتمد مبدأ التشاور داعياً الجميع إلى مساعدته وإنجاح مهمته في إطار من الوحدة الوطنية الشاملة. ووصف قريع (الذي من المتوقع ان ينتهي من تشكيل حكومته الجديدة خلال هذا الأسبوع) لقاءاته مع ممثلي القوى والفصائل الوطنية والإسلامية ومع أعضاء حركة فتح والمجلس التشريعي في غزة بأنها مفيدة ومهمة للغاية، مؤكداً على انه ما زال في طور التشاور والحوار مع جميع القوى والفصائل والشخخصيات الوطنية الفلسطينية للاتفاق على المهام التي يجب ان تتولاها الحكومة؛ مشدداً على اهمية تواصل واستمرار الحوارلأن الفلسطينيين يمرون في لحظة تاريخية دقيقة إذ يجب أن يكون هناك موقف فلسطيني موحد. وكانت إسرائيل كررت أنها لن تتعاون مع أي حكومة فلسطينية يسيطر عليها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وطالبت من قريع «أبو علاء» بأن يبرهن على أنه شريك سلام حقيقي عبر قضائه على البنية التحتية لفصائل المقاومة فور توليه منصبه.