ماذا يغري امريكيين بالعودة عاما بعد عام الى بامبلونا للمجازفة بحياتهم بالجري مع ثيران هائجة في شوارع البلدة الضيقة.. هل هي الحاجة الى الاثارة التي تتجلى في تجنب قرني الثور الذي يزن نصف طن أم هي مشاركة مخضرمين في هذا المضمار أم الحنين الى ماض رومانسي أبدعه ارنست همينجواي في روايته «الشمس تشرق أيضا» التي صدرت في 1920 وكانت خلفيتها مهرجان بامبلونا.. ربما مزيج من الثلاثة، ولكن مهما كانت الاسباب يعود أمريكيون كثيرون الى هذه البلدة في شمال اسبانيا في يوليو تموز من كل عام للانضمام الى الاف السكان المحليين والاجانب في مهرجان سان فرمين الذي يستمر اسبوعا من الشرب والموسيقى والرقص والالعاب النارية والاهم من هذا كله مصارعة الثيران والجري معها. جلس ليون فريدريسون وهو في منتصف العمر يستريح على مقعد بعد ان اشترك في موكب الجري مع الثيران هذا العام للمرة السبعين منذ مارس هذا التقليد لاول مرة في 1969. وقال انه يعود دائما «بدافع الاحترام وحب الثيران، انني أحب هذا المهرجان، أحب الناس وأريد أن أكون جزءا من المهرجان، انه شرف الجري مع هذا الحيوانات الرائعة». ويقام المهرجان سنويا بين السابع والرابع عشر من يوليو تموز، في الثامنة صباحا «00،6 بتوقيت جرينتش» يطلق سراح ستة من هذه الحيوانات الضخمة لتجري في شوارع بامبلونا المؤدية الى الحلبة حيث تقتل في عرض مصارعة الثيران بعد الظهر. واستمرارا لتقليد عمره عدة قرون يجري الاف الناس وقد ارتدوا زي المهرجان التقليدي الاحمر والابيض أمام الثيران ويجازفون بأن تنطحهم بقرونها و تدوسهم بأقدامها. ومنذ 1900 قتل 13 شخصا اخرهم كان الامريكي ماثيو تاسيو الذي صرعه ثور في 13 يوليو 1995. كما أصيب امريكيان واسترالي بجروح خطيرة عندما نطحهما ثور وهو يجري في شوارع البلدة، وعادة يصاب المئات بجروح في الجري الذي يستغرق دقائق قليلة. فال فريدريسن «54 سنة» وهو مصمم ديكور انه اشترك في الجري مع الثيران أول مرة عام 1969 «ومنذ ذلك الحين أجد نفسي في الشارع. «والان انه نفس الشعور، أخاف جدا ويرتفع الادرينالين، العنف لا يهدأ أبدا». يعود الجري مع الثيران الى القرن السادس عشر عندما كان انجع وسيلة لقيادتها من الضواحي الى الحلبة، حاولت السلطات القضاء على هذه العادة ولكنها اضطرت الى اقرارها رسميا في 1876. ويعود المتحمسون الامريكيون الى بامبلونا كل عام رغم اصابة بعضهم في الجري مع الثيران. لكن هذا الحماس يلقى تنديدا من المدافعين عن حقوق الحيوان الذين تظاهر 20 منهم عراة يوم السبت الماضي مطالبين بالغاء هذا التقليد الذي يصفونه بالقسوة على الحيوان. ويتحدث امريكيون عن اصابتهم في المهرجان مثل جون باريش «44 سنة» من اتلانتا بولاية جورجيا الذي قال انه اصيب عام 1993 عندما هاجمه ثور وكاد يبقر بطنه لولا أن أنقذه شرطي. سئل عما يدفعه الى الحضور عاما بعد عام فرد قائلا «انه يستقر في دمك.. الاثارة والمرح وما الى ذلك».