من الأمور المؤسفة حقاً والتي تبعث في نفس كل عربي مسلم غيور على اللغة العربية هو ما نقرأه ونسمعه من تشويه متعمد للغة العربية.. لغتنا الجميلة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون لغة لكتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إذ قال تعالى في محكم تنزيل {وّلّقّدً نّعًلّمٍ أّنَّهٍمً يّقٍولٍونّ إنَّمّا العّلٌَمٍهٍ بّشّرِ لٌَسّانٍ الذٌي يٍلًحٌدٍونّ إلّيًهٌ أّعًجّمٌيَِ وّهّذّا لٌسّانِ عّرّبٌيَِ مٍَبٌينِ (103)} [النحل: 103]. هل يعقل أن تكون هذه اللغة الجميلة التي وصفها الله بالمبين أن نشوهها بالكلمات العامية التي أصبحت هي المسيطرة على القنوات الفضائية، بل لم نكتف بذلك فقد تعمد البعض منا تشويه اللغة العربية بادخال الكلمات الأجنبية فيها ومحاولة طمس بعض الكلمات العربية الفصحى واستبدالها بكلمات عامية. والمؤسف حقاً أن هناك دولاً بل أمماً مازالت تتشبث بلغتها وتحرص عليها وذلك بالتعامل بها في الحياة اليومية واستخدامها في وسائل الإعلام.. وحشد كل طاقاتها لحماية لغتها من غزو اللغات الأخرى.. بينما نحن أهملنا لغتنا الجميلة العذبة وتركناها فريسة للغزو الإعلامني والمتمثل في الفضائيات والصحف، وأصبح استخدام العامية- وبفزلكات عجيبة- من علامات سعة الأفق والتحضر والثقافة. هل أصيبت الأمة العربية بالافلاس اللغوي حتى تركن إلى استخدام المصطلحات الأجنبية والكلمات العامية بالرغم من وجود مقابل لها في اللغة العربية الفصحى..؟. ولكني أرى أن سبب ذلك يعود إلى إصابة بعض مثقفينا النخبويين بعقدة الأجنبي ليس في اللغة بل في جميع مناحي حياتنا. فأنا مازلت أتساءل وربما يتساءل العديد من أفراد الأمة العربية كذلك كيف تستطيع الأمة أن تحترم ذاتها وتحافظ على كيانها وهويتها وهي لا تحترم لغتها؟ ولعلني أضرب مثلاً بفرنسا هذه الدولة التي لم تكسب قوتها ومكانتها واحترامها إلا باحترامها للغتها وتمسكها بها في تعليمها وتعاملاتها المحلية والدولية، والفرنسيون يرفضون بشدة استخدام لغة غير الفرنسية في الخطاب والتعامل وفرضت عقوبات على من يفعل ذلك، كذلك روسيا مازالت متمسكة بلغتها بالرغم من تشرذم الاتحاد السوفيتي السابق. لذا فإنني أرى أنه لابد من العمل الجاد والمخلص لتصفية اللغة العربية مما شابها من علل، وإعادتها إلى أصولها الفصيحة والابتعاد عن استخدام العامية خاصة في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمسموعة حتى تكون لنا شخصيتنا المستقلة بين العالمين.. والله من وراء القصد.