اطلعت على الحوار الذي أجراه الصحفي محمد بن عبد العزيز الفيصل مع الدكتور محمد القسومي حول اللغة العربية، حيث تسيّدت العامية الألسن وتهكّم الفضائيات بعربيتنا والعامية شاعت في قاعات الدرس، حقيقة لا يجب أن يكون للعامية ما للفصحى، فهي الأقوى والأصلح. ومن القضايا التي تثار بين وقت وآخر قضية الفصحى والعامية، ومما لا مراء فيه أنّ اللغة العربية الفصحى عامل حيوي في مجال التفاهم والتقارب العربي، ووسيلة مثلى في توطيد الوشائج وتأكيد الأواصر، وفي لقاء مع رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة أجرته مجلة الحج، تحذير شديد أطلقه بأنه لا حوار بين الفصحى والعامية، ويجب أن تختفي العامية في حياتنا وألاّ تكون لغة الأدب والثقافة، وألاّ تتجاوز مستواها الاجتماعي، فتشجيع العامية لا يقل خطراً عن تشجيع اللغات الأجنبية، وتحويل الملكات الإبداعية لدى الشباب إلى الشعر العامي واللهو به عن الشعر الفصيح والأدب الراقي، وما استخدام الكلمات الأجنبية والألفاظ العامية إلاّ تشويه لهوية الأمة. وأقول.. لقد حرص المخلصون من أبناء الأمة العربية قديماً وحديثاً، على حراسة هذه اللغة وصيانتها من العبث والتمزق ودرء كل عامل يهددها، ونبذ كل محاولة لتقويضها، فهي لغة القرآن الكريم والسنّة النبوية والتراث الإسلامي الخالد. ونقرأ بين الحين والآخر بعض الآراء والأفكار للبعض ممن ينتسبون للأمة العربية، فنراهم يحاولون النّيل من اللغة العربية الفصحى وطعنها في الصميم، ويعملون جاهدين بشتى الأساليب على محاربتها بكل ما يملكون من أفانين الحرب لتفتيت اللغة ومحاولة هدمها، لكنها محاولات عاجزة وواهية، فاللغة العربية الفصحى تصدّى لها الكثيرون في مختلف العصور ووئدت تلك الدعوات في مهدها، لأنّ الأمة العربية لن تفرط في دينها ولغتها وأصالتها وتراثها وتاريخها وآدابها، وما أكثر ما ينطبق عليهم قول الشاعر العربي: كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل ولقد تعهّد الله بحفظ قرآنه، وهل يتم حفظ القرآن إلاّ بحفظ لغته الفصحى وانتصارها المحتوم على العامية الطارئة التي تنافس الفصحى، وتعمل على إضعافها إذا ترك لها العنان. حرس الله لغة القرآن وحفظها وصانها من كلِّ الأعداء وأدام لها القوّة والخلود، وحفظها بحفظ كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وعلينا اتخاذ الوسائل الفاعلة الكفيلة باستمرار اللغة العربية حية ومنتجة، ونشر الوعي بأهميتها وتفعيل دورها، وخاصة في ظل العولمة وصراع الحضارات، من خلال استيعاب المصطلحات الكثيرة في شتى الميادين، على ضوء ما تقرّره المجامع اللغوية العربية. وأن نحرص على طريقة تعليمها وتدريسها ونخلص شبابنا من أسر العامية، وعلى قدر حبهم للفصحى وتعوّدهم عليها، يكون نفورهم من العامية بحيث نزكّي في الدارس حب اللغة وملكة البحث والاعتزاز بها، وإكسابه مهارات وخبرات تعينه على العمل الجاد المتوافق مع روح العصر وملاءمة مستجداته وتصطنع له مناخاً لغوياً يؤهله لحب الفصحى. لغة الضاد التي تجمعنا في حروف حرة أو كلمات هي من نبض قلوب حية وهي من وحي عقول نيرات عبدالله بن حمد الحقيل - عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية