كيف يصنع هذا المجتمع رموزه؟ وما الأمور التي تصطفي بعض الأشخاص دون الآخرين وتكثف حولهم الضوء، وتؤطرهم داخل إطار من التميز والخلود. لأن معرفة (الميكانيزم) التي تتم بها صناعة الفرد في المجتمع بالتأكيد تسهم في تفسير الكثير من الميول والتوجهات السائدة والمسيطرة على المجتمع نفسه. والذي دعاني إلى طرح الأسئلة السابقة هو تكثيف الهالة الإعلامية حول المرحوم (بإذن الله) الفنان (سابقا) فهد بن سعيد. حيث تجد صوره قد احتلت بعض الأغلفة ومقابلاته انتشرت في الصحف، وماضيه وحاضره، وعدد من التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بحياته والتي لا يمكن ان تجعله إلا نجماً. والسؤال هنا هل فهد بن سعيد كان يمتلك تلك الشعبية الفنية الطاغية، على المستوى الشعبي بحيث صنع له جمهورا وافرا يمجده ويتابعه ويحرص على تفاصيل حياته؟؟ لكن الذي اعلمه ان الجمهور يمتلك ذاكرة قصيرة للغاية ولا سيما على المستوى الفني، إضافة إلى انقطاع ابن سعيد عن الفن منذ فترة طويلة فألا أذكر طوال حياتي بمرور اسمه على ذاكرتي والذي اعلمه بأن كان له اسم حركي يتوارى خلفه من عين المجتمع الصارمة الموجهة ضد الفن (وحيد الجزيرة)، أو لعله كان يخاطب فئة معينة من المستمعين وانحصر بهم، وجميع هذا لا يبرر نجوميته ولا سيما كونه قد ترك الفن في زمن انتشار الوسائل الإعلامية بصورة طاغية. السؤال الثاني الذي من الممكن ان نطرحه حول الاهتمام الكبير به عند وفاته وهو تحوله السلوكي من فنان (يخرش العود) كما يقولون إلى بواب مدرسة ورع تقي وملتزم دينياً. وأنا أرجح سبب نجوميته السبب الثاني فهو المثال الواضح والصورة الصارخة على الانتقال من النقيض إلى نقيضه، واضافة الى شهرته السابقة فهو يصبح نموذجا ملائماً ليوظف كمتحول إلى طرق الهداية والرشاد. إذاً هذه هي الوسيلة والاسلوب الذي يصنع من خلاله المجتمع رموزه، فالنموذج أو المثال يتم عندما يتحول عن طريق الفن والغناء الفاسد والموبوء. ويتجه الى طريق الهداية والصلاح، دون ان يكون هناك وسط بينهما، ودون ان يكون هناك درب اخر، الفنان فهد بن سعيد رحمه الله هو نموذج الآلية والوسيلة التي ينظمها المجتمع ويصنع من خلالها رموزه ، أي التحول الى النقيض المقابل وقتها فقط يحصل على هالات المجد والبطولة. هي لمحة خاطفة ولكنها قد تجيب على اسئلتي الخاصة حول سر نجومية فهد بن سعيد وعن الميكانيزم التي يصنع بها المجتمع رموزه. e-mail:[email protected]