يطلق على الحضور المؤثر اسم «الكاريزما»، التي ان لم تأت بالفطرة فيمكن تعلمها من خلال دورات تدريبية، والكاريزما بشكلها الرباني هبة وميزة لدى بعض الاشخاص، وهي في حدها الاعلى اذا ترافقت مع القدرة على الخطابة، قد تقود المرء لأن يصبح زعيما سياسا شرط ان يكون في دول لديها امكانية ان يصبح المرء زعيماً دون الحاجة الى دبابة، أما في حدها الادنى، فهي الحصول على القبول لدى الاخرين والتأثير بهم.. ولعل المبيعات الدائمة لكتب «ديل كارينجي» حول التأثير بالناس، وكسب الاصدقاء، وفن الخطابة، خير دليل على حاجتنا الملحة الى قبولنا عند الآخرين، وهناك معاهد ومدربين لتعليم مهارات الاتصال تلك.. لكن هناك أشخاص يميلون إلى المبالغة حد ذوبان شخصياتهم، في سبيل نيل كلمات الاعجاب والمديح، ولو على حساب صدقهم مع ذواتهم، أوعلى حساب الظهور بأقنعة لا تناسبهم. على صعيد الفن، هناك مفهوم آخر لا يبعد كثيرا عن ذلك هو «النجومية» والتي تحولت الى صناعة بالكامل، اذ يترك الفنان نفسه لخبراء ومدربين ومستشارين ليحولونه الى صورة لافتة، وتساهم شركات الانتاج ووسائل الاعلام المقروء والمسموع والمشاهد في تأكيد هذا الحضور ك «رمز» فني، وكجزء من الحلم الشعبي للشارع العام..الا أني مازلت مفتونة بفناني «الزمن الجميل»، وعند ضرب مثال عن النجومية، لا يخطر على بالي الا سندريلا الشاشة سعاد حسني، التي ومن دون تكلف تخطف القلب والعين.. لكن النجومية كائن مستبد، والزمن والمنافسة هاجسا الفنان أمام ذاكرة سيئة لجمهور ينسى سريعا.. وغالبا ما يدفع الفنان من حياته الشخصية ثمناً باهظاً للمحافظة على وجهه الجميل أمام آلاف الناس، وكلنا يذكر اكتئاب سعاد حسني بعد أن داهمها المرض والهرم، حتى ماتت بطريقة لا تناسب عالمها السحري الذي كانت عليه، سواء كان الأمر انتحاراً أو غير ذلك..! اذن. السعي الى القبول بين الآخرين أمر صحي في حالاته الطبيعية، ويصبح لعنة حين يتحول الى عصاب في التشبث والتهالك بغاية الارضاء. يبقى أن صناعة الحضور الشخصي أو الكاريزما الخاصة، أمر بسيط في حياتنا العادية، ومتاح لكل من يريد ذلك دون أن نكفل لأحد النجومية الفنية والاعلامية، ويمكن تلخيصه ب: الصدق في محبة الآخرين.. فالمحبة عدوى. النهار الكويتية