حلقات كتبها ورصدها: إبراهيم بكري جمال فيفا وسحرها الفاتن وطبيعتها البكر جعلها تختال بلقب نجمة الجنوب حقاً فيفا نجمة فاتنة ساحرة على أرض الطبيعة من تاريخ عريق إلى جمال خلاب صوب أحضان مستقبل مشرق: فيفاء عبر التاريخ فيفاء قديمة قدم الزمن ذاته، إلا أن الراجع لكتب التاريخ القديمة التي اهتمت بتاريخ المنطقة لا يجد فيها سوى لمحات بسيطة، ولعل السبب هو العزلة من ناحية وصعوبة المواصلات منها وإليها من ناحية أخرى حيث إن جبال فيفاء لم تلق الاهتمام من المؤرخين القدامى، وربما يعود السبب في ذلك إلى عزلتها قديماً عن العالم المحيط بها. وكذلك إنها كانت عبارة عن بلد صغير منعزل في سلسلة جبال السراة ولم يكن له أي مشاركة في المعارك السياسية، والعناية التاريخية مقصورة في الغالب على التقلبات والحوادث السياسية، اضافة إلى وعورة وصعوبة الطريق المؤدي إليها، والذي ربما سبب عزوفاً لبعض المؤرخين الذين أرخوا للمناطق المجاورة لجبال فيفاء. اضف إلى ذلك جهل ابناء فيفاء قديماً، وانتشار الامية مما نتج عنه عدم تدوين اي معلومات او تاريخ عن هذا الجبل، ولكن من المعروف ان الحكم الفعلي المباشر في جبال فيفاء كان لمشايخ قبائلها وربما انه كان يطلق على بعضهم قديما اسم سلطان، حيث يوجد بعض الاماكن في فيفاء والتي يطلق عليها اسم سلطان كحيفة السلطان وغيرها، ويتناقل كبار السن في فيفاء وجيلنا في الوقت الحاضر حكايات عن سلاطين ظلمة كانوا يحكمون جبال فيفاء بشيء من الظلم والتعسف. واقدم تاريخ من وجهة نظر ابناء فيفاء يعود إلى ما قبل البعثة، يؤكد ذلك قصة هند بنت عتبة المشهورة والتي جرت بعضاً من احداثها في وادي ضمد «شط الصبايا» وهو من ضمن اودية فيفاء. وشط الصبايا هذا قريب جداً من قبيلة المدري، ويؤكد كبار السن في فيفاء بأن الكاهن الذي حكم ببراءة هند بنت عتبة، كان من اهل نافية بقبيلة المدري بفيفاء. وقد ذكرها الهمداني المتوفى في سنة 334ه، في صفحة جزيرة العرب في اكثر من موضع وذلك عند تحدثه عن سراة خولان قضاعة وعن مواطن خولان وقبائل فيفاء ينتمون إلى خولان هذه ولكن ذكره لها لم يأت باسم فيفاء، ولكن بذكر اسم جزء منها وهو «انافية» من باب اطلاق اسم البعض على الكل. وانافية المذكورة اسم لجزء من جبال فيفاء تعرف بنافية تحتوي على مجموعة قرى اثرية من اهمها «خيران - المصنيعة - الحلفة» وغيرها - من القرى، ولعل هذه القرى المذكورة جزء منها هي المعمورة من فيفاء زمن الهمداني، ولعله عزف عن الصعود إلى الاماكن الاكثر ارتفاعاً في فيفا ولذا لم يذكر الا هذا الجزء من فيفاء فقط كذلك ورد ذكرها في معجم البلدان لياقوت الحموي في مادة «صماد» عندما انشد ابياتاً لابي عمرو الشيباني المتوفى سنة 340ه. يقول فيها: والله لو كنتم بأعلى تلعة من روس فيفاء او رؤوس صماد لسمعتم من ثم قرع سيوفنا ضربا بكل مهند جماد والله لا يرعى قبيل بعدنا خضر الرمادة آمنا برشاد وجبل صماد المقرون ذكره بفيفاء جبل لازال يحمل هذا الاسم إلى يومنا هذا من جبال بالغازي ويحد فيفاء من جهة الشمال. وفيفاء ليست قبيلة واحدة كما يظهر للبعض، بل هم عدد كبير من القبائل ولكن نظراً لاستقرارهم في هذا الجبل، فقد نسبوا اليه حيث ان كل جبل من جبال فيفاء تستوطنه قبيلة وبعض هذه القبائل لها اسماء مشهورة، ومطابقة لاسماء قبائل مشهورة اخرى. والغالب على الرأي ان هذه القبائل هي اصلاً جزء من تلك القبائل وان السبب في استيطانها لجبال فيفاء يعود إلى تلك الحروب والمجاعات والاهوال والعواصف والاضطرابات التي كانت في المخلاف السليماني ونظراً لان جبال فيفاء كانت في عزلة تامة عمن حولها، وكذلك فانها جبال آمنة وبها الكثير من الخيرات فان هذه القبائل قد لجأوا واستوطنوا في هذه الجبال. ومن المتفق عليه ان كل قبائل فيفا ماعدا قبيلة الاشراف يعودون في النسب إلى خولان بن عمرو ألحاف قضاعة. وعلى الرغم من ان قبيلة الاشراف تعتبر من قبائل فيفاء، ولكنها في النسب ترجع إلى آل يحيى بن يحيى من سلالة الإمام الهادي يحيى بن الحسين الرسي، والذي يعود نسبه إلى علي بن ابي طالب رضي الله عنه. والسبب في استيطانهم لهذه الجبال انهم استقدموا من قبل اهالي جبال فيفاء للاستفادة من علمهم وذلك منذ عهد بعيد. «ومجمل القول ان الجبل عاش بأهله في عزلة تامة. لذلك لم يتعرض سكان الجبل لاي تغييرات سكانية او تأثير اجناس اخرى داخلة عليه لدرجة ان بعض المؤرخين المحدثين قال: ان الإنسان في هذه السلسلة الجبلية هم سكانها من عهد قحطان». وظل سكان الجبل يتحدثون لهجة يصعب على غيرهم فهمها والسبب في ذلك يفهم من سياق الكلام التالي حيث ان اللغة تعرف بأنها: اصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم وهي من الاوضاع البشرية واللغة العربية هي احدى اللغات السامية. وتنقسم إلى قسمين مضرية وحميرية ويوجد بينها فروق عظيمة في الالفاظ اللغوية والصيغ والتراكيب واللهجات. ولكن حدث قبيل الاسلام ان اخذت لغة قريش تسود ومازالت كذلك حتى ظفرت باللغة الحميرية حتى اصبحت هي لغة العرب جميعها وقد اعزها الله وزادها قوة بنزول القرآن العظيم بلغة قريش. ومن هنا ركز معظم المؤرخين للمعاجم اللغوية على هذه اللغة وما جاورها وقد تجاهلوا لغة حمير ولهجاتها مما نتج عنه ضياع ثروة لغوية هائلة كذلك عدم فهم لغتهم وبعض لهجاتهم الا ما بقي من بقايا لهجات قليلة لدى بعض القبائل في جنوب الجزيرة العربية كلهجة قبائل فيفاء وما جاورها. لهجة سكان جبال فيفاء: لقبائل فيفاء لهجة تختلف عن باقي لهجات العرب ولكن لا تختلف كثيرا عن لهجات القبائل المجاورة لها. وبلا شك ان الكثيرين قد سمعوا عن لهجة فيفاء ولاشك انه بمجرد سماعهم لاي احد من اهالي هذه الجبال فانهم لن يفقهوا منه شيئا وجرب بنفسك اذا التقيت بأي شخص ينتمي إلى فيفاء او اذا قمت بزيارة تلك الجبال بأن تطلب من أحدهم التحدث معك بلهجة فيفاء وستكون النتيجة انك لن تفقه شيئا مما يقول: ستلاحظ انك تسمع كلمات غريبة لم تسمعها في حياتك وحتى لو حاولت النطق بها لوجدت صعوبة في ذلك ولكن الغريب ان الكثير من مفردات هذه اللهجة هي لغة عربية فصحى وذلك بشهادة بعض الادباء والمؤرخين. ولكن معظم مفرداتها ترجع إلى اللغة الحميرية. وايضا لوعدت إلى معاجم اللغة لوجدت بعضاً من تلك المفردات التي يستخدمونها. ولذلك فان لهجة فيفاء تشتمل على مفردات تعود إلى الحميرية القديمة وغالبية مفرداتها من العربية العصيمة وبعضها من غريبها وقد لا تختلف مفردات كثيرة عن اللهجة العربية الفصحى الا بتغيير نطق حرف كنطق الكاف شينا. نبذة جغرافية عن فيفاء: فيفاء عبارة عن مجموعة من الجبال ملتفة حول بعضها تبدو من البعد على شكل جبل واحد هرمي الشكل مما اجاز لها التسمية الثنائية المعروفة بجبال فيفاء او جبل فيفاء. وهي كتلة جبلية صعبة التضاريس تتميز بشدة انحدارها في جميع الاتجاهات ولذا فان مسالكها وعرة للغاية كثيرة المنعطفات وقد وصفها المستشرق البريطاني «فلبي» بأنها تصلح ميدانا لهواة التسلق وتتكون من صخور تعود إلى ما قبل الكمبري والقاعدة مركبة من صخور «السبانايت والجرانيت». التي تقطعها عروق الكوارتز في اجزاء عديدة من الجبل وصخور فيفاء ذات صلابة متوسطة إلى شديدة لكنه يمكن تفتيتها. ولكل قبيلة من قبائل فيفا والتي يبلغ عددها 19 قبيلة جبل خاص يعرف باسمها وقد تشترك قبيلتان في جبل واحد. ولكن يختلف ارتفاع الجبال حيث نجد ان بعض جبالها يكون ارتفاعه 3000م قدم عن سطح البحر بينما اعلي قمة من الجبل وهي قمة العبسية ترتفع 11000 قدم عن سطرح البحر. بينما يذكر آخرون ان اعلى ارتفاع هو 7000 قدم فقط وموقعها بين خط عرض 17 وخط طول 43 واما المساحة فنجد فيها بعض الاختلاف حيث يختلف تقديرها من باحث إلى باحث ولم تحدد المساحة الاكيدة. وجبل فيفاء الشامخ يقف في الشموخ وكبرياء الجمال وتحيط به الاودية من جميع الجهات ويقع في الشمال الشرقي لمدينة جازان ويبعد عنها بما يقارب 125 كيلا. مناخ فيفاء: المناخ في جبال فيفاء معتدل تقريبا طوال العام إلى انه يميل في الشتاء إلى البرودة في اعالي الجبال وإلى الحرارة صيفا في سفوح تلك الجبال وتكثر الامطار في فصل الصيف اكثر من اي فصل آخر من فصول السنة. وتكون الامطار عادة مصحوبة بالعواصف الرعدية المخيفة وتتراوح درجة الحرارة في هذه الجبال صيفاً ما بين «16» و «28» تقريباً وشتاء ما بين «3» و «25» درجة مئوية اما الرطوبة فتصل نسبتها في الشتاء إلى 50 بالمائة وصيفاً إلى 30 بالمائة وبهذا يكون الجو معتدلاً جميلاً في فصل الصيف واقرب إلى البرودة في فصل الشتاء واما بالنسبة للامطار فهي تتراوح ما بين 35 إلى 45 سنتيمتراً مكعباً في السنة كذلك يكثر الضباب في فصل الصيف مما يضفي على جمال تلك الطبيعة جمالاً آخر «ولذا توصف جبال فيفاء بأنها معشوقة الضباب». مصطلح كلمة فيفا: ورد اكثر من تعريف ومن هذه التعاريف ما ذكر في معجم البلدان: الفيف هي: المفازة التي لا ماء فيها من الاستواء والسعه، فاذا انثت فهي الفيفاء وجمعها الفيافي، وقيل الفيفاء الصخرة الملساء وتوجد اماكن في الجزيرة العربية يطلق عليها الفيفاء. كفيفاء غزال وهو موقع بمكة. قال كثير: اناديك ما حج الحجيج وكبرت بفيفاء غزال رفقت واهلت وكان لقطع الوصل بيني وبينها كناذرة نذرا فأوفت وحلت واما اهالي فيفاء فيقولون ان معنى فيفاء هو العلو والشموخ. التراث الشعبي في فيفاء: تحوي فيفاء تراثاً شعبيا كبيراً قبل ان يجد مثله خاصة في منطقة صغيرة كفيفاء ففي فيفاء آلاف من الامثال الشعبية والاساطير والحكم والشعر والاحاجي يوجد كتاب في هذا المجال لفضيلة الشيخ العلامة علي قاسم الفيفي بمسمى باقة من تراث فيفاء ويقال ان مجموع الحكم والامثال فيفا حوالي 3500 مثل وحكمة اما القصص والاساطير فحوالي 300 اسطورة وقصة. الطراز العمراني في فيفاء: ان مما يلفت النظر في فيفاء، هو طريقة بناء بيوتها، والتي اضافت اليها جمالا رائعا وبعدا آخر، اضافة إلى جمال الطبيعة التي تتميز به جبال فيفاء فبيوتها فريدة من نوعها، ومبنية بطريقة ليس لها شبيه في الجزيرة العربية بل ربما في العالم اجمع وربما يعود السبب في ذلك إلى عزلة اهالي جبال فيفاء عزلة شبه تامة عن العالم المحيط بها لذا فقد جاءت طريقة بناء بيوتهم على انماط اسطوانية الشكل، وهي ان دلت على شيء فانما تدل على ذوق جميل وفن رائع ونبوغ هندسي لم تترجمه المدارس. واذا قدر لك ان تزور هذه الجبال فستندهش عندما ترى هذه البيوت، وكيفية طريقة بنائها وصلابتها، ومحافظتها على شكلها، رغم ان بناءها، لم يدخل فيه الا مواد البناء التراثية كالطين والحجر والاخشاب. وانواع البيوت في جبال فيفاء خمسة انواع يهمنا منها: 1- المفتول او الدارة: وتعتبر من اشهر الابنية في جبال فيفا وهي انواع عديدة منها الدارة اي الدور الواحد وهناك الدارتان وهناك الدارتان ومشراح وهناك ايضا الدارة ومشراخان وكلها تحمل الشكل الاسطواني. 2- العلي: وهو شبيه بالمفتول، فنوع منه يتكون من دارتين ومشراح كالمفتول تماما إلا انه يوجد فيه اضافة سقف دائري من الخلف يمتد من اسفل البناء إلى الاعلى. وهناك انواع اخرى منها دارتان ومشراح ايضا وسقف دائري يمتد من اسفل البناء إلى اعلاه وبين الدارتين والسقف يقع بناء آخر مربع الشكل يمتد ايضا بامتداد البناء، الا ان السقف يعلو عن الدوائر والمبنى المربع الشكل طوله حوالي خمسة امتار والاجزاء الاخرى اقل منه بقليل. العادات والتقاليد في ملابس سكان فيفاء: لاهالي جبال فيفاء لباس غريب عن سكان الجزيرة العربية، ولكن لا يختلف هذا اللباس عن لباس اهالي الجبال والمناطق المجاورة لها. لباس الرجال: اما لباس الرجل، فهو يتكون من المصنف، وهو ازاراً غالباً ما يكون ابيض في اطرافه خطوط ملونه وهو يستر ما فوق السرة إلى نصف الساق تقريبا، ويلبس فوق هذه المصنف حزام من الجلد يثبت فيه اسلحته المكونة من الجنبية او الخنجر وربما لبس حزام اسمه المسبت، في حالة وجود مسدس معه، خاصة لتثبيت الرصاص، بالاضافة إلى حمل بعضهم للبنادق بصورة شبه دائمة وهذه الاسلحة دائما لا تفارقه اينما كان وتعد من لوازم الرجولة. اما اللباس المغطي للصدر، فهو يتكون من القميص، ويسمى هناك بالشميز والبعض يضيفون على ذلك اللباس لبس الكوت ايضا. واما شعر الرأس ففي معظم الاوقات يكون مفروقا من الوسط ومحاطا بسير جميل وربما مرصعا بنجوم من الفضة وما إلى ذلك من الترصيع ومثبت فيه بعض الاشجار العطرية كالكاذي والبعيثران وغيرها من النباتات العطرية هذا هو اللباس التقليدي للرجل في فيفاء. لباس النساء: واما لباس النساء فهو يتكون من الصدرة، وهي لباس فضفاض طويل يصل إلى نصف الساق فقط، بالاضافة طبعا إلى الوزارة وهي شبيهه بالمصنف الذي يرتديه الرجل ولكنها ذات الوان متعددة، وترتديه المرأة مرافقا للصدرة حيث تتمكن من تغطية باقي جسمها حتى القدمين.. بالاضافة طبعا إلى القطاعة لتغطية الرأس وهي معروفة باسم «المحنا». اما اهم الحلي المستخدمة من قبل النساء في جبال فيفا خاصة في الماضي فهي بسيطة جدا وتتكون غالبا من الفضة او الاحجار الجميلة، حيث ان الذهب لم يكن معروفا لديهم وقلما ان تجد اسرة لدى نسائهم حلي من الذهب. ومن أهم الحلي الفضية المستخدمة في فيفا قديما وهي: اللبة: وهي شبيهة بالرشرش ولها عدة انواع وصناعتها من الفضة وتضعها المرأة فوق صدرها. الاعلاج: وتصنع من الفضة ايضا وتلبس على جانبي الرأس «الصدغين» وتلبس بدلا من الاقراط او معها. المسك: اساور من الفضة توضع في المعصم. الاوضاح: حلق اكبر حجما مصاغة من الفضة وتوضع في العضد. المعانق: هي عقود من المرمر او حبات من الخرز الابيض الكبير اطرافه سوداء وفي وسطها ريال فرنسي من الفضة توضع على الصدر. السياحة والطبيعة في فيفاء: تعد جبال فيفا جميعها منطقة سياحية، حيث حباها الله بطبيعة خلابة، فكلما انتقلت من جهة إلى جهة اخرى وجدتها اجمل من سابقتها زاد من جمالها مدرجاته الخضراء ومبانيها الدائرية البديعة، وهواؤها العليل، وخضرتها الدائمة، ونباتها العطري حيث تغطي اشجارها المتنوعة مدرجاتها وسفوحها وتكسوها حلة ساحرة من الخضرة. حيث تمتاز بمناظرها الفريدة الجميلة الفاتنة التي تأخذ بمجامع القلوب. عندما تزور فيفا ستعيش معها في هوائها النقي، في مائها العذب، في سمائها الصافية المليئة بالنجوم والقمر والسحب والشمس التي ترسل اشعتها على القلوب بكل دفء وحنان وخاصة علي قلوب العاشقين. حينها فقط ستشعر بالفرق بين جبال فيفاء الساحرة الفاتنة وبين المدينة ومدنيتها «فأين دوي المصانع والآلات من خرير الماء.. واين الهواء المشبع بالدخان من الهواء النقي في السماء الصافية واين وحل شوارع المدينة من ارض كلها بساط اخضر مكسي بالنبات.. واين.. واين..؟». ستشعر حينها انك عايش في عالم خيالي ورومانسي جميل وبالتأكيد انك من خلال ذلك كله ستنسى هموم الحياة ومشاغلها وربما زالت احزانك وهمومك بسبب بفتنة فيفاء التي تتمثل في جبالها الشاهقة ومدرجاتها الزراعية الخضراء ووديانها الجميلة المنسابة، اضافة إلى اشجارها المليئة بالخضرة والفاكهة وتغريد الطيور عليها والتي تشدوا بأجمل الالحان واعذبها وجبال فيفاء وبحق كما قال الشاعر: وما فيفاء الا روض عدن مفاتنها تهيم بها القلوب فأين الشام منها اين مصر ومنها اين ذا اليمن الخصيب عروس جزيزتي فعلا تناهي اليها الحسن فهو لها قشيب وقد سلبت فيفا بجمالها الفاتن عقول الشعراء فتنافسوا في وصف معشوقتهم. ولذلك فليس عجيباً ان نرى الكثير والكثير من الشعراء والادباء والفقهاء والقضاة قد تغنوا في جمال فيفاء وكثيرة هي القصائد التي تصف جمال وطبيعة فيفاء. يقول القاضي الاديب الشيخ علي قاسم الفيفي في وصف طبيعة وجمال فيفا «جمال الطبيعة في فيفاء لا يحتاج إلى برهان الا اذا احتاج النهار إلى دليل فهي دائما ترفل في ثوب سندسي قشيب يكسوها من السفح إلى القمة بالاشجار الضخمة الباسقة المختلفة الالوان والاشكال الوارفة الظلال وانواع شتى من الشجيرات الصغيرة والمتوسطة والاعشاب المتنوعة ذات الازهار الزاهية الشذية الروائح الزكية والغيوم تنساب بين خمائلها الكثيفة وحدائقها الغناء والطيور صداحة بانغامها المطربة متنقلة من غصن إلى غصن ومن دوحة إلى دوحة والغيوم تجلل هامها تارة وتنحسر اخرى والمطر ينثر اسماطه على فروع الاشجار ومنابت الاعشاب، هواؤها عليل وظللها ظليل وماؤها سلسبيل فالعين لا تكاد تقع الا على منظر خلاب، غصون غضه خضراء او زهور متفتحة او ماء منساب والاذن لا تكاد تسمع الا حفيف الاشجار او خرير الانهار او تغريد الطيور والانف لا تكاد تستنشق الا عبيق الازهار او اريج النسيم الممزوج بعبير المروج والهدوء والسكينة يخيم على كل شيء جمال طبيعي غير متكلف ولا متصنع». وقد نعتوها الادباء والكتاب بالفردوس المجهول - لبنان تهامة - جوهرة الجنوب - جارة القمر - نجمة الجنوب - وبحق فهي كما وصفت بل هي فوق ما قالوا: وللاديب الشاعر المرحوم باذن الله محمد السنوسي قصيدة رائعة بعنوان:« لست فيفا»: لست فيفاء انت جنة تلهم الشاعر فنه من روابي الخلد لون ومن الفردوس سحنه عالم يزهر بالبشر ودنيا مطمئنه ونفوس كالندى طهرا وكالاشعاع فطنه وسماء تتندى مزنه في اثر مزنه وغيوم تنثر اللؤلؤ صبحا ود جنه وعلو يلثم النجم له خدا ووجنه عرضت فيها الليالي زهوها والبدر حسنه افرغت فيك القوافي كأسها والشعر دنه وافاض الفن في دنياك رياه ولحنه للهوى فيك اغاريد وللاهواء رنه ولحسنائك حسن لست ادري ما كأنه انه فوق بياني جل من ابدع فنه كل شيء فيك حلو انت يا فيفاء جنه وكذلك ابدع الاديب الشاعر الاستاذ/ علي حسين الفيفي في احدى قصائده المسماة: «فيفاء» هذا السحاب مجلل لجبالها كالعاشق المضني بسحر جمالها ولربما حجب النجوم لانه قد غار من لمعانها وجلالها والبدر يشرق في بها جماله ويكاد يدنو سائلا عن حالها ويكاد حين يمر من اجوائها يشدو بحسن جمالها وكمالها ويرى الدنا تزهو بفيفاها على ما فوقها من شامخات ويرى جبال الالب في عليائها قممها تهاب النفس من اهوائها لو شاهدت فيفاء غضت طرفها وتغزلت بجمالها وتلالها انارة الدنيا وجنتها التي تزهو بخضرتها بفيء ظلالها انى نظرت رأيت اجمل منظر في شرقها في غربها وشمالها خذت من الصحراء عليل نسيمها ومن الجبال الشم حسن جمالها تهتز نفسك عند رؤية وجهها وتظل مهما عشت في اغلالها من كل حسن كالهلال جبينها بيضاء لن تستطيع وصف جمالها ترمي القلوب بنظرة وكأنها ترمي السهام وذاك سر دلالها وتحس في حلو الكلام ولينه ميلا اليك وما خطرت ببالها ولو تطرقنا إلى كل ما قيل في مديح فيفاء من شعر ومن نثر لاحتاج إلى كتاب خاص به. ويوجد العديد من الاماكن السياحية في جبل فيفا. ومما يميز جبال فيفاء ومما يزيد طبيعتها جمالا هو كثرة الاودية والتي تنقسم إلى قسمين اولهما: الاودية التي تجري طوال العام وهي اثنان تحيط بجبال فيفياء وهما: وادي ضمد ووادي جورا. القسم الثاني: الاودية والشعاب التي تجري مع نزول الامطار مع العلم بأن البعض منها كان يجري بالمياه إلى إلى عهد قريب. ومجمل القول ان جميع المقومات الطبيعية لقيام نشاط سياحي ناجح ومتوفر. «وهنا نشيد برجال الاعمال بوطنا المعطاء بضرورة احياء الناحية السياحية في هذا الجبل». حيث يمكن لرجال الأعمال والمستثمرين المساهمة في انجاح السياحة وتحقيق ما يعرف بصناعة السياحة في هذه المنطقة الزاخرة بجمال الطبيعة الحالمة بالمستقبل المشرق. هذه فيفاء كما وصفها الشعر والنثر وهذه فيفاء نجمة الجنوب ساحرة الطبيعة ولا يبقى الا المستقبل المشرق بسواعد ابنائها خلف ربان نهضتها وقائد شموخها الامير الشامخ بعطائه وحرصه وجهاده صاحب السمو الملكي الامير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان.