أوضح الدكتور منصور بن محمد النزهة الأستاذ واستشاري طب القلب ومدير مركز الملك فهد لطب وجراحة القلب ل«الجزيرة» ان النساء يتعرضن لأمراض شرايين القلب شأنهن في ذلك شأن الرجال وليس عكس ما يعتقد الكثيرون بأن أمراض شرايين القلب هي السبب الأول للوفاة لدى النساء حيث انها تشكل 33% من مجموع الوفيات؛ بينما تشكل أمراض القلب والشرايين ما يزيد عن 50% من مجموع الوفيات وهذه النسب مماثلة لنسب وفيات الرجال. وأضاف النزهة بقوله: لقد نجحت الدولة المتقدمة في الوصول الى خفض نسبة الوفيات من أمراض شرايين القلب لدى الرجال بشكل جيد خلال العقود الماضية، إلا ان هذا النجاح - كما يقول النزهة - لم يكن طفيفا بالنسبة للنساء. وأبان د. النزهة بأن عوامل الخطورة لأمراض شرايين القلب للنساء مماثلة لعوامل الخطورة لشرايين القلب للرجال مضيفا بأن هنالك اختلاف تأثير كل عامل من هذه العوامل على النساء مقارنة بالرجال. وذكر النزهة هذه الاختلافات بالتفصيل حيث قال إن هذه الاختلافات تتمثل في: أولاً: من أهم هذه الاختلافات هي الاختلافات البيولوجية حيث ان المرأة في معظم الأحوال لا تتعرض لأمراض شرايين القلب إلا بعد بلوغها سن اليأس من المحيض فتتأخر عمرياً أعراض المرض من 10-15 سنة عن الرجل وهذه الوقاية الربانية للمرأة لم يفهمها الأطباء كلياً ولكن يعزونها في الغالب أثر الهرمون الأنثوي «الأستروجين» الذي ينخفض مستواه عند بلوغ سن اليأس بدرجة كبيرة. هرمون الأستروجين له آثار ايجابية على خفض مستوى الكولسترول الكلي والكولسترول ذي الكثافة المنخفضة «السيء» ورفع مستوى الكولسترول ذي الكثافة المرتفعة «الحميد» كما ان هرمون الأستروجين يؤدي الى توسع الشرايين وكذلك له دور هام في خفض نسبة تأكسد الكولسترول ذي الكثافة المنخفضة «السيئ» «التأكسد يجعل الكولسترول هذا أكثر ضرراً للشرايين» كما ان هرمون الأستروجين يلعب دوراً هاماً في الحد من اندماج الكولسترول في جدار الشرايين. وعند بلوغ المرأة سن اليأس تنعكس الأوضاع فيرتفع مستوى الكولسترول الكلي وكذلك الكولسترول ذي الكثافة المنخفضة «السيئ» وينخفض مستوى الكولسترول ذي الكثافة المرتفعة «الحميد» كما ان المرأة تكون معرضة الى الاصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، وبعض النساء يصبن بالكآبة، كل هذه العوامل تأثر سلباً على صحة شرايين القلب. ومن العوامل الأخرى التي تؤثر سلباً على شرايين المرأة هو تدني الحالة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك انخفاض مستوى التعليم فإن هذه العوامل تعرضها للاصابة أكثر بعوامل الخطورة لأمراض شرايين القلب. ثانياً: التدخين يعتبر عاملا هاما من عوامل الخطورة لأمراض شرايين القلب لدى النساء وكلما ارتفع عدد السجائر ازدادت نسبة الخطورة، وتجدر الاشارة ان التدخين للمرأة التي تستعمل حبوب منع الحمل يرفع نسبة الخطورة بين 5 ،3 الى 20 ضعفا خاصة إذا ارتفع عدد السجائر المدخنة يومياً عن 15 سيجارة. ثالثاً: داء السكري يصيب المرأة والرجل في أعمار متقارنة ومرض السكري يعتبر من أهم عوامل الخطورة لأمراض شرايين القلب للمرأة والرجل. لكن أثره على المرأة أكثر، فقد أشارت الدراسات ان النساء المصابات بداء السكري معرضات سبع مرات للاصابة بمرض الشرايين مقارنة بمثيلاتهن في نفس الأعمار من النساء اللاتي لا يعانين من مرض السكري، بينما يبلغ هذا الخطر 3 مرات عند الرجال المصابين بداء السكري مقارنة بأمثالهم من الرجال الذين لا يعانون من داء السكري. رابعاً: عدم ممارسة الرياضة تعتبر عاملاً هاماً بالنسبة للمرأة والرجل، وممارسة الرياضة تعتبر مفيدة للوقاية من هذه الأمراض وفوائد الرياضة بالنسبة للمحافظة على الوزن، وخفض الكولسترول، والوقاية من مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم أصبحت معروفة من نتائج العديد من الدراسات. خامساً: عوامل أخرى: أشارت الدراسات ان ارتفاع مستوى الهوموسستين تكون أكثر ضرراً وخطورة لشرايين المرأة من الرجل. وبين النزهة في النهاية طرق وقاية النساء من أمراض شرايين القلب مؤكداً بأنها مماثلة للوسائل الوقائية للرجال مع ملاحظة ان التدخين ومرض السكري أكثر ضرراً للمرأة من الرجل. فامتناع المرأة عن التدخين يصبح أكثر الحاحاً، أما ممارسة الرياضة فإنها لا تقل أهمية لدى المرأة منها للرجل فتمارس المرأة من الرياضة ما يتناسب مع تكوينها في جو يتناسب مع القيَّم والعادات في المجتمع. أما استعمال الهرمونات الأنثوية بعد سن اليأس بغرض الوقاية من أمراض شرايين القلب فإن نتائج الدراسات الحديثة لا تؤيد استعمالها، لما لها من آثار جانبية عديدة على صحة المرأة وهناك دراسات جارية في الوقت الحاضر لمعرفة المزيد عن استعمالها. وختم النزهة حديثه بقوله: قلوب النساء أصغر حجماً من الرجال وشرايين قلوبهن كذلك أصغر قطراً وأمراض القلب والشرايين تهدد حياتهن. ونقول للمرأة ان الوقاية من هذه الأمراض ميسر لمن تريد منهم ذلك وهو ان تتبع نمط حياة صحياً لوقايتها من الاصابة بعوامل الخطورة التي تؤدي للاصابة بأمراض شرايين القلب مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وارتفاع الدهون في الدم وامتناعها كلياً عن التدخين، أما الرجال فنقول لهم رفقاً بالقوارير، ونقول للرجال والنساء معاً متع الله الجميع بصحة جيدة وحياة سعيدة بعيداً عن هذه الأمراض القاتلة.