وعند وصولنا قمة احدى الهضاب رأينا خياماً سوداء (بيوت شعر) في أسفل السفح المقابل وبعد قليل سأرى الأمير فواز ثانية وانتصبت خيمة المضافة بعيدا عن المكان الذي كانت فيه تلك الخيمة قبل سنوات التي استمتعت فيها بضيافة نواف وتعرفت على ابنه فواز الصغير قبل سنوات طويلة مثيرة ومع ذلك فقد بدأ كل شيء على حاله وشعرت وكأني أعود الى ذلك الزمان والمكان وبدت نفس الصفوف المتناثرة من الخيام السود الصغيرة المفتوحة من الامام ونفس قطعان الجمال المنتشرة في الصحراء اللامتناهية تحت أشعة الشمس البراقة ووسائد شداد الجمال التي اتكأت عليها في خيمة الضيوف والنار في الموقد حيث يغلي ماء القهوة وعلى يسار خيمة الضيوف انتصبت خيمة أخرى وخرج من الخيمة بدوي شاب بملابس عادية ولكنه محاط بأربعة عبيد يحملون صقور الصيد والى جانبهم مجموعة من كلاب الصيد السلوقية وعندما توجهت لملاقاته تملكني شعور غريب من الوهم لقد عرفت بالطبع من هو ولكني في تلك اللحظة لم استطع ان أشعر بأن هذا الشيخ المهيب الذي يتقدم نحوي بوقار كان ذلك الصبي الصغير اللعوب المحبب الذي أخرجناه ذات ليلة من خرج الجمل ولكني على الفور أدركت شيئاً واحداً: فواز لم يعرفني ورمى أحد العبيد سجادة صغيرة وتبادلت التحيات مع الأمير ثم قادني الى داخل الخيمة، وفرش العبيد الأربعة سجادة المناسبات الثمينة فغطت أرض الخيمة كلها وعلى الجانب الآخر من الموقد تكدست كومة عظيمة من جلود الغنم والسجاد والوسائد تجاه أسرجة الجمال لتكون ديوانا رائعا وهو عرش زعيم الصحراء، ووفقا لآداب السلوك في الصحراء يعدّ أثقال الضيف في الأسئلة الشخصية من أبواب عدم اللباقة وأخيراً قدم لي فواز المفتاح المنتظر بأن التفت إلي فجأة وقال: مهما كانت البلاد التي أتيت منها أيها الغريب فمرحبا بك فأجبته: أيها الأمير فواز لا يمكن أن ادعى غريبا بين قومك لأنني في يوم من الأيام وفي هذه الخيمة نفسها عرفتك أطول قليلا من هذا السيف تحت قبضة خادمك، وبعد ظهر أحد الأيام عندما كان ذلك الصبي وأصدقاؤه يرمون بالمقلاع حدث بمشيئة الله ان اقتربت من ذلك المكان فأصابتني حصاة رمتها يد ذلك الصبي تماما بين العينين وقد اصغى فواز برأس مطرق كما لو كان يتذكر وحدق في لحظة كما لو كان في غيبوبة ثم اضاء وجهه وقفز واقفا يصرخ من الفرح وامسك بكتفي وضمني صائحا (رضوان) لقد عدت الحمد لله. نعم لقد عدت، وأصبحت ثانية بين البدو لأرحل ثانية مع قطعانهم ولأنام تحت سقوف خيامهم ولأقطع فرسخا بعد فرسخ راكبا على جمال السباق تحت الشمس والنجوم ولأعدو على ظهر خيولهم الأصيلة التي تشرب الريح والى جانب مواكبنا تجري كلاب الصيد السلوقي. ويواصل كارلسوان معايشته للصحراء وأهلها لفترة طويلة ويضعها عن قرب وها هو يردد هذه الأنشودة استعدادا لرحلة صيد مع البدو في الصحراء حيث يقول: انهض يا أخي: دعنا نذهب الى الصيد مع السلوقيات الجائعة وضع الصقر الجريء على القفاز. أخي: احضر كلاب الصيد المربوطه واسرج ذلولي الرائعه واربط فرسي السريعة الى حزام الشداد تلك الفرس الأصيلة دعنا نركب ثانية مع بنات دمنا مع قطعاننا المتجوله وقبيلتنا فإلى وصف تلك الرحلة الممتعة. يتبع