سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نافذة على الإبداع تركي الماضي في «خطوة الكتاب الأولى»
بداية الأديب.. رؤية في أفق المؤثر ورحابة في المحتوى
يرصد «الكتاب» دهشة البدايات الأولى في العمل الأدبي
في محاولة استقصائية للزميل تركي إبراهيم الماضي أصدر كتابه الأول حيث وسمه بعنوان «الخطوة الأولى» مضيفاً في سياق إلماحي عبارة «شهادات في التجربة الإبداعية»، ليقف المؤلف عند حدود الاستدعاء الممكن لظاهرة البداية لدى عدد من الكتاب، والأدباء، والمثقفين، وإن كانت هناك نوبة ولع بما يقدمه المبدع على وجه الخصوص. يسير كتاب الماضي «الخطوة الأولى» في اتجاه ايضاحي لحالة البدايات التي كونت عطاء مجموعة من الكتاب في مستوياته الثلاثة: المحلي، العربي، والعالمي.. لتسير الرؤية وفق هذا التآلف الاستشهادي بمظان اللحظة الأولى للتجربة الإبداعية.. حتى أن هذه الاتجاهات أخذت طابعها الافصاحي الذي يتساوى به الكاتب المحلي مع الكاتب العربي، وكذلك العربي بالعالمي وهذا الانتقاء في الأسماء من معد الكتاب جعل القارئ أمام رحلة محددة الهدف، وواضحة المعالم. أفق التأثير.. رحابة المحتوى ينطلق الماضي في تقديمه لهذه الأسماء من قاعدة ما يريده القارئ.. أو ما يحسبه رغبة تتجسد في القارئ للعمل الأدبي لترد الأسماء منتقاة تتحدث عن البداية بطريقة متفاوتة لا تجمع بفكرة الكتاب كوحدة متكاملة لنرى أن «الرأى» الوارد لكاتب مثل عباس محمود العقاد حينما يتحدث في شهادته عن أمور القصة والرواية حيث نلمح أن الرأي يأخذ صفة التعلق بما لدى الآخر، ليغيب الوجه الحقيقي للعقاد.. فيما يجاوره في الرؤية الكاتب عبد السلام العجيلي حيث يصف لنا رحلته مع الكتابة والانتاج الأدبي الذي تمثل بالعديد من الاصدارات القصصية والروائية وأدب الرحلات.. فهناك رؤية غير موحدة تتباين في طرح ما سبقه، فالعقاد يصف بداية القراءات وتأثره بالآخرين فيما العجيلي يصف حالته الأدبية وثراء نتاجه، ليصبح التفاوت في الرؤية أمراً حتمياً يصوغ حاجتنا إلى قراءة كل شهادة أو رؤية في معزل عمّا سواها من شهادات أخرى. من هنا تتأكد رحابة الفكرة في الكتاب رغم محاولة الاستقصاء التي يقوم بها معد هذا الكتاب الزميل الماضي. دهشة البدايات الأدبية نستخلص من هذا الكتاب محاولة المؤلف أو المعد أن تكون الشهادة مشيرة إلى البدايات الأولى للحياة الأدبية والفكرية للنماذج التي وردت في تضاعيفه، فالبدايات هنا تأخذ الدهشة من أمرين، أولهما هي دهشة القراءات الأولى كما أشرنا قبل قليل لدى العقاد ومحمد المر، والمعاطي أبو النجا، وأنيس منصور. فيما جاءت البدايات ودهشتها على هيئة افصاح كتاب مبكر لدى عبد السلام العجيلي - كما أشرنا سلفاً - وكذلك سيف الرحبي، ومحمود درويش وفهد العتيق، ومحمد حسنين هيكل. من هنا ندرك أن البدايات التي اشتمل عليها الكتاب تتنازعها حالتا (البدايات القرائية)، (البدايات الكتابية) وكلتا الحالتين لهما بعدهما التأثير في ذائقة الكاتب. وقد تزدوج هاتان الرؤيتان في اطار واحد تجمعهما رغبة البحث عن المنجز المتميز قراءة وكتابة لتدور هذه الصيغة الاستنطاقية للشهادات على نحو ما يمكن أن نشير إليه بأنه البدايات الأولى للكاتب سواءً في المجال القرائي أو الكتابي. فيما يتفرد الروائي أحمد أبو دهمان في صياغة منجزه الأول حينما تستيقظ في أعماقه حالة الكتابة الأولى «يا الله سترك» من ابنته «الكتاب ص 24» هي فاتحة الكتابة.. تلك هي الشهادة المتأخرة في الأعماق لنراه قد صاغها دهشة أولى في روايته «الحزام» التي صدرت قبل عامين. رحلة الإبداع.. هواجس الممكن تتفاعل في الذهن أثناء قراءة هذا الكتاب حالة من اليقينيات الثابتة لأن من كتب وأصدر لم يكن في باله أي ملمح للهزيمة أو الانكسار أو التواري فهم أصحاب رحلة طويلة.. هزموا (الهزيمة) ذاتها وأسسوا بإبداعهم وعي الممكن.. ليقيموا في هذا السياق الطرف الأول من المعادلة «النجاح» فيما غاب نهائياً من خلال هذه الشهادات مشروع «الفشل» وهو الجانب الآخر من معادلة الإبداع.. فلم يقف أي شاعر على هذا الجزء الهام من المعادلة.. لماذا؟! لأن هواجس الشهرة، والنجاح، والانتصار هي من أشعلت الأضواء حتى جعلتهم في حالة من البريق لنرى أن العودة إلى «البدايات» لا تعدو كونها اشارة إلى درب من دروب المحاولة المستميتة من أجل «الكينونة الزاهية».. تلك التي لا يمكن لنا أن نتلمس جوانب القصور أو الكمال بها.. هي وحدها نظرة قوية نحو الطرف الآخر من الابداع «النجاح» فيما غاب الطرف الآخر «الفشل» لتنقاد «جل» هذه الطروحات أو الشهادات نحو تمثل «الأنا» الناجحة وتغييب ممكن الفشل في حالة من الاستحواذ الشكلي على مفردات التميز والجدة والقوة. إشارة - الخطوة الأولى (شهادات) - تركي إبراهيم الماضي - الطبعة الأولى 1423ه - 2002م -يقع الكتاب في (180 صفحة)..