في الرابع من ديسمبر القادم من هذا العام سيبدأ تطبيق الفوترة الإلكترونية بحسب ما صدر عن الهيئة العامة للزكاة والدخل، وقد تم نشر اللائحة وسيتم نشر الإجراءات وآليات التطبيق والمراحل ما بين تطبيق النظام لآلية إصدار الفاتورة الإلكترونية ومن ثم في مرحلة ثانية سيتم الربط مع الهيئة ومن المتوقع صدور هذه اللوائح التنفيذية وكل الإرشادات اللازمة خلال الفترة القصيرة القادمة، فهذا النظام يعد الأحدث عالمياً وسينهي معه استخدام الأوراق ويحجم من التلاعبات من قبل بعض منافذ البيع ويتماشى مع التحول الرقمي الذي بات السمة العامة لكل الخدمات والمعاملات في المملكة العربية السعودية. لكن ما يهمنا من هذا النظام المتقدم هو انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد الوطني والمستهلك فإذا كان الأثر واضحًا على التجار بتقليل التكاليف وتطوير تعاملاتهم المالية والمحاسبية وخفض استهلاك الأوراق، فإن المنافع ستنعكس على المستهلك بشكل ملفت وواضح، إذ إن أي سلعة سيشتريها ستكون مقيدة على فاتورة إلكترونية بخصائص محددة وليس إيصال دفع، فالفاتورة الإلكترونية ستتضمن معلومات السجل التجاري للتاجر ورقمه الضريبي، وسيكون بمقدور المستهلك أن يتأكد بأنه يتعامل مع تاجر نظامي. أما حماية الاقتصاد فهي متعددة فأولها أن الفوترة الإلكترونية ستقضي على نسبة كبيرة جداً من عمليات اقتصاد الظل والتستر التجاري والهدر بأموال يتم تحويلها للخارج من قبل العمالة المتستر عليها أو لتاجر يأخذ الضريبة من المستهلك ولكنه لا يوردها لأنه غير مثبت عملية البيع لأنه يصدر فواتير تكتب بخط اليد أو من خلال برنامج تحرير نصوص يمكن التعديل عليها بسهولة، بينما يخسر الاقتصاد الوطني موارد مهمة للخزينة العامة عندما تتحقق ستضاف للأموال التي تنفق على رفع مستوى الخدمات والتنمية المستدامة وزيادة الإيرادات غير النفطية مما يقلل من تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني ويسهم بتعزيز الاستدامة المالية، فاقتصاد الظل قدرته دراسات غير رسمية بأنه يتجاوز 300 مليار ريال، والفاقد من الضرائب على هذه المبالغ يعد ضخمًا جداً ويعادل ميزانية بعض الدول ذات الاقتصاد المحدود. فالدولة بعد اعتماد رؤية 2030م حققت قفزات كبيرة بزيادة الإيرادات غير النفطية لثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل ذلك، وهو ما ساعد باستيعاب الكثير من تداعيات جائحة كورونا ومن المهم الاستمرار بتعزيز الاستدامة المالية واحد أوجهها ضبط كل أنواع التجارة التي تتم عبر اقتصاد الظل لإدخال هذه المنشآت والفئات لداخل الاقتصاد من خلال ضبط ما يتم من معاملات تجارية يمكن من خلالها رفع دور الإحصاء لنوعية السلع المستهلكة حقيقةً بالسوق لأن أي تجارة ليست تحت رقابة ضريبية تصبح مجهولة التأثير وتكون الإحصاءات الاقتصادية عن السوق غير دقيقة بنسب مؤثرة فهذه السلع التي لا توثق عمليات بيعها لا يدخل استهلاكها بالإحصاء العام، وهذا يؤثر على تقدير حجم الاستيراد والإنتاج الداخلي ويعد هدراً اقتصادياً ضاراً. الفوترة الإلكترونية نظام مهم جداً وله منافع كبيرة لا يمكن حصرها بمقال وسيلمس أثرها بعد التطبيق، وسيكون لها مساهمة فعالة في دعم برنامج مكافحة التستر التجاري والتهرب الضريبي وحماية الاقتصاد وتعزير الموارد العامة لتحسين الخدمات والإنفاق على البنية التحتية ورفع جودة الحياة من تعليم وصحة وغيرها من مستهدفات التنمية.